كلامٌ يفهمه عشّاق الكُتب

تصغير
تكبير
في الوقت الذي كنتُ أقرأ فيه كتاب «يوميات القراءة» لألبرتو مانغويل، الكتاب الذي على غلافه تعليق «كتاب ساحر» وهو ساحر بالفعل، في ذلك الوقت تماماً شعرت بكم المشاعر التي يتشاطرها القراء، الأحاسيس التي ننغمس بها لحظة القراءة، وهي صعبة التفسير، لا يفهمها إلا عشّاق الكُتب، العلاقة التي تنشأ بينك وبين كتاب، الحب الذي يُولد، الألم الذي يُصنع، العاطفة التي تُخلق ويخلقها الورق.

عندما ندخل عالم الكتب، نرسم الصور والمشاهد والأحداث، نراها بأعيننا دون مبالغة أو كذب، ننتقل لعالم آخر، دول وعواصم، قرى وبيوت، حروب وأفراح، سير العلماء والكتّاب والشعراء والشهداء، نعيش التفاصيل، ونعيش تجاربنا الخاصة عبر كل كتاب نقرأه، ندمج خبراتنا بخبرات جديدة وعندما نُنهي الكتاب نجد أننا صرنا أكبر وأنضج.


القراءة التي تتخللها ابتسامات طويلة، القراءة التي تنقطع بها عن وجودك لوجود آخر غير مُتاح إلا للقارئ، الفعل الذي تُمارس فيه المتعة واللذة والانتصار على الجهل، القفزة التي تأخذك لمكان آخر في نفسك ولاكتشاف جديد في روحك، تلك القراءة لا يفهمها إلا عشّاق الكُتُب.

في اللحظة التي تنوي فيها إعادة ترتيب مكتبتك، تجد بعض الكتب التي تود لو تتخلص منها، وتتساءل في نفسك كيف قرأت هذا الكتاب؟ يالسذاجتي لقد كنت أجده مذهلاً! ولقد كان مذهلاً بالفعل لكنك نضجت، في تلك اللحظة تجد من الصعب جداً أن تتخلص من الكتب التي صنعتك وتتجلى أمامك التجارب والمشاعر التي صنعها كل كتاب من تلك الكتب، وتقول في نفسك كما قال ألبرتو مانغويل وهو يعيد ترتيب مكتبته «يبدو كل شيء زائداً عن الحاجة، كل هذه الأكداس من الأوراق المطبوعة، إلا إذا كانت تجربتي الخاصة هي ما ليس ضرورياً».

anwaraljuwaisri@hotmail.com
@anwar1992m
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي