خواطر صعلوك

لن أشكر وزارة الشباب !

تصغير
تكبير
مرحباً عزيزي القارئ، لن تصدق ماذا حدث لي هذا الأسبوع، فطوال عمري كنت أحلم أن أجلس مع وكيل وزارة أو حتى وكيل مساعد كي أشكو له ضعفي من فساد الوزارات، وقلة حيلتي في الإصلاح وهواني على هذا الوطن، ولكن فجأة وبين ليلة وضحاها ولأسباب لا يعلمها إلا الله والراسخون في الدولة وجدت نفسي في «استاد جابر» أمام ثمانية وزراء عرب من بينهم وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الصباح، حيث كنت ضمن الوفد الكويتي المشارك في الملتقى الشبابي العربي للتطوع ومحاربة التطرف، وفجأة وجدت المايكروفون في يدي والسادة الوزراء أمامي، فشعرت أنني أمام لحظة تاريخية ربما تدخلني التاريخ أو تدخلني السجن.

لحظة لن تتكرر للكثيرين من الذين تكلمت بأسمائهم يوماً، فقلت في الحكومات العربية ما قاله مالك في الخمر، وما قاله روبيسبير في ماري انطوانيت، وما قاله العم أحمد السعدون في الحكومات المتعاقبة، وبعد أن انتهيت قلت في نفسي هذه هي نهايتي، ولكني وجدت نفسي قد عدت إلى بيتي ولم يطرق أحد بابي ولم أطرد من الوفد ولم يقل لي أحد (ثلث الثلاثة كم)!، ورغم ذلك فلن أشكر الوزارة على سعة صدرها معي، وسأذكر أسبابي في آخر المقال، ولكني أريد أن أشكر وأعبر عن فخري واعتزازي بالوفد الكويتي التطوعي.


إنهم شبان وشابات ليسوا مشهورين، وليسوا نجوماً في (السوشل ميديا)، وربما يمشون بجانبكم أو تتقابلون معهم في وظائفهم ورغم ذلك فلن تعرفوهم، لأنهم الغرباء الذين اختاروا أن يكونوا استثنائيين من بين الملايين من النمطيين والماديين، ومن الذين استولت عليهم الحضارة بكامل تفاصيلها المملة والسخيفة.

لقد شرفوا الكويت أمام الوفود العربية المشاركة من المحيط إلى الخليج.

جميع الوفود استرعى الوفد الكويتي انتباههم من أول يوم، ليس لأنهم يرتدون ملابس غالية الثمن، أو يتزينون بساعات ماركة، أو يحملون حقائب من جلد التماسيح أو يرشون عطراً من دم الغزال، أو يتكلمون الإنكليزية بطلاقة، بل لأن جميع الوفود العربية لاحظت أن شبان وشابات الوفد الكويتي كانوا حريصين على أن يثبتوا للآخرين أنهم أكبر من برميل بترولي، وأنهم ليسوا شباباً متنعماً ومترفاً وسطحياً كما يظن الإخوة العرب والأصدقاء الغرب، ولكنهم أثبتوا أنهم شبان وشابات صغار قرروا أن يعطوا هذا الوطن كل ما لديهم في الوقت الذي قرر فيه الكثيرون من الكبار أن يأخذوا منه دون شفقة أو رحمة.

صدقوني يا أصدقاء الوفد، لقد أثرتم في حياتي وستكونون مادة دسمة في كل القصص التي سأرويها لابنتي، لو كان المقال يسمح لذكرت أسماءكم فرداً فرداً ... ولكني كما قلت لكم، أنتم الغرباء.

أما لماذا لا أريد أن أقدم شكراً لوزارة الشباب أو الوزير الشيخ سلمان الصباح أو الوكيلة الشيخة الزين الصباح ولا للشبان والشابات الذين يعملون في الوزارة، بدءاً من العلاقات العامة وقسم البحوث وقسم التنفيذ وانتهاءً بقسم الإعلام، ليس لأنهم قصروا في شيء، بل هم في الواقع كانوا أكثر تشريفاً منا لهذا الوطن أمام الجميع ابتداءً بحسن التنظيم ومروراً بمعاملة الوفد بشكل راقٍ، ولكن سببي هو أن هناك أزمة ثقة كبيرة بين الكثير من الشباب الذين أعرفهم وبين الوزارات المختلفة لأسباب كثيرة لا يكفي المقال لذكرها، فبالتأكيد عندما أشكركم فسيقول لي هذا الشباب (لماذا تطبل للوزارة وتشكرها وأنت تعلم أنها من زمرة الوزارات)، وسيقول لي صديقي (ها ... تبي تتوظف في وزارة الشباب)، ولذلك فلن أشكركم ولن أبدي إعجابي بكم وبالشباب الذين وقفوا في البرد كي نستدفئ نحن والوفود العربية داخل قاعات الفندق، ولن أقول إنكم تحاولون الإصلاح من الداخل في الوقت الذي قرر الكثيرون أن يشتروا وطناً في الخارج.

ولكن حتى يستطيع كاتب مثلي يرتدي قبعة توفيق الحكيم، ويكتب المقال بطريقة شعبان عبدالرحيم، من أن يقدم شكره لوزارة حديثة، ويبدي فخره واعتزازه بها بكل أريحية ومن دون هذه المعضلات الفلسفية المذكورة أعلاه، فخذوا مني هذه النصيحة بالمجان ولله... أعتقد أن أهم عمل تطوعي من الممكن لوزارة الشباب أن تقوم به هو أن تصالح القطاعات الحكومية مع الشباب، لأن وزارة الشباب ليست مجرد وزارة شباب، إنها وزارة المستقبل أيضاً.

****

قصة قصيرة:

شبابنا ... قصص قصيرة تحتاج من يجعلها رواية قابلة للترجمة والنشر.

كاتب كويتي

moh1alatwan@
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي