حوار / «المسرح يعاني (تُخمة) ... وشراكة الفِرَق هي الحل»

عبدالمحسن العمر لـ «الراي»: أسعى لإحداث مدرسة جديدة في الدراما ... كما فعلت في المسرح

تصغير
تكبير
• كثرة الأعمال المسرحية ظاهرة غير صحية

• الدراما تراجعت بسبب الأوضاع في المنطقة

• لا أخاف على الأموال ... ما أخشاه النجاح والفشل

• رفضت المشاركة في أعمال تلفزيونية... لأنها دون الطموح
«المسرح الكويتي يعاني تُخمة في العروض».

هكذا وصّف الفنان عبد المحسن العمر حالة الواقع المسرحي، واضعاً «وصفة» العلاج، ومقترحاً أن تتشارك كل ثلاث جهات إنتاجية في تقديم عمل واحد. ووصف العمر في حواره لـ «الراي» الكمّ الكبير من الأعمال المسرحية، والتي تُعرض في توقيت واحد تقريباً، بأنها ظاهرة غير صحية، وتُعد استهلاكاً للوقت والجهد، إذا ما وُضِع في الاعتبار أن العائلة لن تذهب لمشاهدة هذه العروض جميعاً، وهو ما يعني أن نسبة الأرباح محسومة سلفاً، منوهاً إلى أنه عرض فكرته بتعاون كل ثلاث شركات في عمل واحد على العديد من الشركات.


وقال العمر: «لا أخشى من الإنفاق الكبير على الإنتاج المسرحي، لأن هناك مستوى من الجودة لا يمكنني التنازل عنه، وإنما ما أخشاه هو النجاح والفشل والجمهور، وأسعى إلى تأسيس مدرسة جديدة في الدراما التلفزيونية كما فعلت في المسرح».

واعترف العمر بأن المسؤولية باتت مُضاعفة على شركة «ستيج جروب»، بعد الأعمال التي قدمتها والنجاح الذي حققته، مؤكداً أنها خلقت منافسة كبيرة في الساحة المسرحية، منذ دخلت الحلبة بمسرحية «المدينة الثلجية» العام 2010، حيث لم يعد الجمهور يقبل أي شيء، ومشيراً إلى أنه يعيش حلماً جديداً مع كل عمل يقدمه للجمهور، لأنه يواكب التطورات العالمية، ويحرص على تقديم إبهار مسرحي جديد على الخشبة في كل مرة يلتقي فيها الجمهور.

وأكد العمر أنه لم يتعجل في الظهور الدرامي، لأنه يسعى إلى تأسيس مدرسة جديدة في الدراما التلفزيونية كما حدث في المسرح،

كاشفاً عن أنه يتلقى العديد من العروض، لكنها جميعاً لم ترق إلى مستوى طموحه، والتفاصيل في هذا الحوار:

• حققت مكاسب كبيرة في المسرح وأسست مدرسة مختلفة، لكنك ما زلت بعيداً عن الدراما، ما السبب؟ ـ نحن اجتهدنا في المسرح، وكنا نهدف إلى تحقيق مكاسب بقبول الجمهور للفكر الذي نقدمه والمدرسة التي قمنا بتأسيسها، حيث وضعت رؤية جديدة في العمل المسرحي ومعطياته وأدواته، وقد نجحت إلى حد كبير. والآن جاء الدور على الدراما، حيث نحاول تأسيس مدرسة للدراما التلفزيونية من خلال المبادئ نفسها التي عملنا من خلالها في المسرح، وهذا يحتاج إلى المزيد من الوقت والدراسة، وأنا لست متعجلاً في هذا الأمر لأن الجمهور لن يرحمنا إذا قدمنا أي شيء، خصوصاً أن الشكل الدرامي الجديد الذي نرغب فيه يحتاج إلى ورشة تأليف تشارك فيها مجموعة من المؤلفين، حتى نحقق طفرة حقيقية للدراما الكويتية.

• وماذا عن السينما؟ ـ ما زلت أتطلع إلى تقديم سينما كويتية حقيقية تعتمد لغة الاحتراف في كل تفاصيلها، ولدينا أكثر من مشروع سنعلن عنه في حينه، ولكن كما ذكرت سلفاً نحتاج إلى مزيد من الوقت.

• هل نجاحك في الإنتاج المسرحي وراء عدم إسناد أدوار لك في الدراما من جانب المنتجين المنافسين؟ ـ ربما، لأنه لا يوجد هناك تقصير من جانبي، ولا أنكر أن هناك بعض العروض التي تأتيني، ولكن لم أجد فيها ما أطمح إليه، ولا تستحق الانشغال بها بعيداً عن عملي في المسرح، لأن العمل في المسلسل الواحد يحتاج إلى تفرغ ثلاثة أشهر على الأقل، وأنا حتى الآن لم أحصل على العرض الدرامي الذي يبهرني ويدفعني إلى اقتطاع هذه المدة من وقتي على حساب المسرح من أجل التفرغ له.

• لكن الساحة أصبحت مزدحمة بفنانين قدراتهم الفنية أقل منك، فهل ستنتظر طويلاً؟ ـ دعني أكون صريحاً معك، الساحة مليئة بفنانين شباب مثلي، منهم من هو أفضل مني ومنهم من هو أقل موهبة وخبرة، لكن إسناد الأدوار يعود لمن يمتلك زمام الأمور وهما المنتج والمخرج المسؤولان عن العمل، وأنا لا أنكر أن هناك عدم رتابة في الساحة الفنية، لكنني في النهاية فنان أريد الظهور في عمل لائق، أحترم من خلاله جمهوري الذي يعرفني ويشاهدني. ولست متعجلاً في الظهور الدرامي لمجرد الظهور، لأن هناك فنانين قدراتهم عالية، ويجلسون في بيوتهم، وهذا الأمر يحتاج إلى إعادة نظر من المنتجين.

• هل تعني أن هناك معوقات تواجه الشباب؟ ـ الفرص موجودة والجيل الجديد يعيش مرحلة ذهبية، والدليل هو ولادة خمسة نجوم على الأقل كل عام في الكويت، لكن السؤال الذي يجب أن يطرح نفسه هو كيف تأتي الفرصة، وعلينا أن ندرك أن الأعمال الدرامية لم تعد كما كانت منذ ثماني سنوات، فالمؤشرات تقول إن عدد الأعمال التي يتم إنتاجها سنوياً يتراجع، بسبب الأوضاع الموجودة في العالم العربي، فضلاً عن أن الدراما تحتاج إلى رعاة وتمويل.

• حالة الازدهار المسرحي في الكويت، في تقديرك كيف انعكست على الممثل؟ ـ لا شك أنها جعلته مدللاً بمعنى الكلمة، وهذا الكمّ من الأعمال جعل نجوم المسرح في الكويت أكثر تألقاً وعدداً، حيث منح الفرصة للجميع للظهور.

• وما سر هذا الازدهار وحالة الإقبال الجماهيري على المسرح في الكويت؟ ـ لا شك أن السبب الرئيسي هو المنافسة الموجودة في الساحة، ففي العام 2010 دخلنا الساحة المسرحية من خلال «ستيج جروب» بمسرحية «المدينة الثلجية»، وبشهادة الجميع حققنا طفرة مهمة وجديدة في المسرح، وبعدها أصبحت هناك منافسة، والجمهور لم يعد يعجبه أي شيء، وبالتالي فإن الكثير من المنتجين الذين قدموا أعمالاً دون المستوى، أعمالهم لم تستمر.

• يطلقون عليك المنتج الجريء، بسبب الإنفاق السخي على أعمالك، والذهاب إلى أي مسرح من دون خوف من الجمهور؟ ـ لأنني أقدم «كواليتي» جيدة، ومن طبائع الأمور أن الماركات العالمية كلها ناجحة، لأن لها «ستاندرد» معيّن من الجودة لا تتنازل عنه، ونحن نصرف على الديكورات والأزياء والتقنيات والشاشات والاستعراض، وتجهيز المسرح من مقاعد وصوت وصورة، ولم نشعر للحظة بأن الجمهور سوف يخذلنا، لأننا نصنع لأنفسنا «ماركة مسجلة».

• ومتى شعرت بالخوف على أموالك في هذه المغامرات؟ ـ أنا لا أخاف على الأموال لأنها تأتي وتذهب، لكن الخوف الذي يراودني هو من الفشل والنجاح،لأن هذا الكمّ من الجمهور الذي يأتيني إلى المسرح، يشعرني دائماً بشيء من الرعب والمسؤولية الكبيرة.

• كيف تنظر إلى المنافسة الشرسة في الساحة المسرحية؟ ـ غير صحية.

• لماذا؟ ـ لأن المنافسة قد تصبح ممتازة عندما تكون شريفة، لكننا خرجنا من تصنيف منافسة شريفة أو غير شريفة، لندخل في ما يشبه التخمة المسرحية، من خلال هذا الكمّ الكبير من الأعمال المسرحية التي تُعرض، من دون أن يسأل البعض نفسه: هل العائلة الكويتية ستذهب لمشاهدة هذا الكمّ من الأعمال؟... لذا أنا أرى أننا ندور في دائرة مغلقة.

• وما الحل في نظرك؟ ـ الحل هو تقليص الأعمال المقدمة خلال الموسم الواحد إلى الثُلث على الأقل، وذلك عبر الشراكة، حيث يمكن أن تتشارك كل ثلاث شركات في تقديم عمل مسرحي واحد.

• وهل تقبل أنت الشراكة مع شركات أخرى في عمل مسرحي؟ ـ نعم، وقد عرضت بالفعل الأمر على أكثر من أربع شركات، ولكن للأسف أنه لا يوجد من يتقبل هذا الأمر حتى الآن.

• لماذا؟ ـ في تقديري أن الخوف من التجربة هو السبب، بالرغم من أنه في هوليوود معقل الفن العالمي، توجد شراكة في الأفلام العالمية التي تحقق أعلى الإيرادات، وفي نيويورك هناك الكثير من الشراكات المسرحية، وكم تمنيت أن يحدث ذلك لدينا.

• في نظرك، ما سر نجاح مسرحية «مصنع الكارتون» وتقديمها كل هذه العروض؟ ـ كل مسرحية جديدة أقدمها أضع فيها جلّ اهتمامي، وأحلم معها حلماً كبيراً، وأحاول أن أقدم فيها كل جديد، من الفكرة الأساسية في النص إلى التقنيات الفنية، إلى مواكبة جميع المستجدات في عالم التكنولوجيا والمسرح العالمي وغيرها. وبعدما تحقق النجاح ويشاهدها الجمهور، نذهب إلى عمل جديد وحلم جديد، ودائماً نشعر بأن هناك جديدا وأنه لابد من تقديم شيء مختلف وننقل الجمهور معنا إلى حلم جديد، ومن عنوانها تحمل «مصنع الكارتون» مضامين جميلة، وفكراً راقياً وتكنيكاً فنياً واستعراضياً وموسيقياً كان له وقع خطير انعكس على إقبال الجمهور عليها، وهي من الأعمال التي أفتخر بها وأحبها كما بقية أعمالي المسرحية.

• هل توقعت أن تحصل على جائزة أفضل عرض متكامل في مهرجان «المسرحيون في العيد»؟ ـ أولاً، أنا سعيد أن يُشار إلى أي عمل لي في أي مناسبة، لأن هذا يدل على أنني متواجد وأن هناك من ينظر إلى ما أقدمه، ولكن أيضاً فإن الجمهور هو «ترمومتر» نجاح المسرح الجماهيري، فالجوائز لا شك أنها تدفعنا إلى الأمام، لكن حب الجمهور يبقى هو الوقود الحقيقي الذي يجعلنا في بؤرة النجاح.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي