لقد تحدثنا في مقالة سابقة عن قضية اللاجئين التي شغلت العالم أجمع، وكيف كان تعامل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل رائعاً مع الأزمة في ألمانيا الأمر الذي أثر بالإيجاب على نفسية هؤلاء الفارين من بلادهم إلى بلدان أوروبا رغم أن بعض رؤساء هذه الدول قد سبق لهم التصريح أن ليس بالضرورة قبول هؤلاء اللاجئين القادمين حتى وإن وصلوا بسلام لأنه من الممكن رجوعهم إلى بلدانهم الأصلية في أي وقت حتى لا تتراكم الأعداد المتزايدة من جموع السوريين والعراقيين والمهاجرين الإيرانيين والأفغان والباكستانيين وغيرهم في أوروبا بشكل فوضوي يثير الذعر، وبالتالي فإن هذه النسبة العالية من اللاجئين قد تغير مسار حياة أوروبا في المستقبل وأولهم ألمانيا، ولكن يختلف الأمر تماماً مع المستشارة أنجيلا ميركل التي تعتبر هذه الأزمة ذات أهمية تاريخية، غير أن المجر دعت كلاً من النمسا وألمانيا لإغلاق حدودهما مرات عدة ولكن من دون فائدة!
وهذا النوع من التعاطف الكبير مع الأزمة واستمرار العمل على فتح باب الاستقبال للمهاجرين قد جعل قادة ألمانيا يفكرون في زيادة مخصصات مساعداتهم للاجئين في موازنة العام 2016 بمقدار خيالي يصل الى ثلاثة مليارات يورو وكذلك الحال نفسه للولايات والمحليات قدرت بثلاثة مليارات أخرى كل ذلك من أجل رضا اللاجئين، ولا يستبعد أن تخصص المستشارة أنجيلا ميركل أموالاً أخرى في العام 2016 المقبل قدرها البعض بقيمة عشرة مليارات يورو أو أكثر حسب الظروف المحيطة بهم بالتعاون مع جهود الاتحاد الأوروبي، فمواصلة مناشدة ألمانيا للاتحاد الأوروبي في إنجاز مهمتها المطلوبة عن طريق التضامن الأوروبي المتحد ستكون حتماً مؤثرة بالمنطقة، لاسيما وأن دولاً مثل ألمانيا والنمسا والسويد لا يمكنها المسير نحو تطبيق هذا الهدف الإنساني وحدها، فهي تستقبل الآلاف من اللاجئين بشكل متسارع جداً مع غياب العمل الجماعي من باب التعاون.
وبالتالي على دول أوروبا الأعضاء في التكتل الذي يضم 28 دولة تفهم الأوضاع المحرجة مع الأزمة من خلال تدفق أفواج من اللاجئين إليها من ميناء بيريوس اليوناني ومن جزيرة ليسبوس الواقعة في شرق بحر أيجه التي واجهت أنواعاً من الأزمات الإنسانية وفقدت الآلاف منهم.
نعم لاتزال أوروبا تواجه أصعب أزمات التاريخ بعد أن تحولت أزمة اللاجئين إلى أزمة مسؤولية بعد ازدياد قضية طالبي اللجوء داخل الاتحاد الأوروبي وازدياد عملية النزوح القسري، في حين اعتقد البعض من المراقبين لهذا الشأن أن تعارض معظم الدول الأوروبية باستقبال المهاجرين المسلمين ناتج من موقفها المناهض للإسلام وسط تغلغل أعداد الإرهابيين في أوروبا، إلا أن الحقيقة تختلف تماماً بالرغم من ضبابية الموقف من المفوضية الأوروبية التي تعاملت مع هذه الأزمة بحذر شديد وتكتم واضح. نعم لم تبال أوروبا بالكم الهائل من الانتقادات بل واجهت الأمر بكل مسؤولية قبل أن تكون أزمة لاجئين ولكنها بحاجة إلى وضع نظام قانوني إلزامي لإعادة توزيع طالبي اللجوء داخل الاتحاد الأوروبي.
وفي خضم الأزمة التي تخيم بظلالها على جميع بقاع أوروبا نشاهد بكل حسرة وألم تحول المئات من اللاجئين المهاجرين المسلمين إلى دين المسيحية من أجل تعزيز البقاء في أوروبا والحصول على حق اللجوء في ألمانيا والنمسا والسويد كونهم من الدول الفريدة التي استقبلت اللاجئين بحفاوة كبيرة على عكس ما عملت بعض الدول العربية والإسلامية التي لم تشاركهم الأزمات وأغلقت الأبواب في وجوههم خوفاً من المواجهة والمسؤولية الكبيرة، وبالتالي شاهدنا وجود أعداد كبيرة من اللاجئين المسلمين مع الأسف يقررون التخلي عن جنسياتهم وديانتهم المسلمة والاتجاه إلى النصرانية، فبأي إيمان تتحدثون، وأين ذهبت القلوب حينما يدفعكم الزمن إلى التخلي عن إسلامكم لاعتناق دين آخر فقط من أجل حق اللجوء وتحسين فرص البقاء في أوروبا؟!.. ولكل حادث حديث.
alfairouz61alrai@gmail.com