تعجبت عندما حدثتني طالبة في كلية التربية أن بعض طالبات تخصص الفنية يلجأن لرسامين ليرسموا لهن ما يطلبه الأساتذة، بل ويحرصن على أن يوثق الرسام المراحل لتراجع بها أستاذها وتثبت أنها من رسمت، واندهشت أيضاً عندما عرفت أن بعض طلبة الجامعة يلجأون للمدرس الخصوصي لا ليشرح لهم درساً، بل الأمر تعدى هذا ليقوم بعمل التقارير المطلوبة منهم أو العروض التقديمية، في حين أن غيرهم يأخذ على عاتقه كل تلك التكاليف، ويحاول أن ينجزها بشكل كامل أو غير كامل حسب استطاعته ودون اللجوء لتلك الأساليب على الرغم من القدرة المادية.
إن الفرق بين الصنفين الأول والثاني هو أن الأول لم يعتد السعي والتعب للوصول إلى ما يريد، لم يحاول من قبل أن يجاهد نفسه ليتخطى ما استصعب عليه، لم يذق طعم المشاكل في حياته، وإن وجدت فهو لا يحسن الصبر على مواجهتها، نجزم أن ذلك الطالب كان له أب أو أم يطيل الوقوف أمام مراكز الطباعة ليعد بحثاً لابنه، ويهرع إذا نسي الابن تسليم أحد تكاليفه فيخرج من عمله وينجزه ثم يسلمه بدلاً منه!!، وقبل هذا وذاك كان يزيد أمام ابنه على المعلم مخافة أن (يتعقد الولد).
إن الجريمة التي يصنعها ذلك الوالد بابنه لا تغتفر، إذ حرمه - برحمته الزائفة - من أن يجرب طعم الألم، وأن يستعمل عقلة ليخلص نفسه من مشكلة، لم يخض مضماراً صعباً قط، فوالده كان مبادراً يحمل عنه ذلك الهم في كل المواقف، ذلك الوالد زيف حقيقة الحياة لابنه دون أن يعلم، قدمها له سهلةً مطواعةً حتى ظن الابن أن لكل مشكلة في الحياة حلاً سهلاً.
ذلك الابن الضحية، هو نتاج لوالد لا يتحمل المسؤولية، والد أخذته الشفقة والرحمة من أن يأخذ زمام الأمر، ولم يكترث بأن يخرج لمجتمعنا إنسان مسؤول، أو يراجع نفسه هل ما أقدمه من خدمات هو مجدٍ لابني أم إنه يريحني من فخ الشعور بالذنب؟
@Aseel AL-zafiri