إطلالة

سقوط الطائرة الروسية فتح أبواباً للاستثمار

تصغير
تكبير
لقد تحدثنا في مقالة سابقة عن احتمال زرع قنبلة في الطائرة الروسية ما أدى ذلك إلى سقوطها المفاجئ في صحراء سيناء، وكذلك رجحت صحف روسية أن تكون القنبلة الإرهابية زرعت في مقصورة الركاب وليس في كابينة الأمتعة، ونحن نقول إن كانت القنبلة زُرعت في مؤخرة الطائرة أو المقصورة أو غيره فالهدف واحد وهو زرع الإرهاب وزعزعة الأمن المصري والروسي وقد يطول هذا الأمر بقية الدول المجاورة إن لم نأخذ هذا العمل الإرهابي بعين الاعتبار لاسيما ونحن على أعتاب القضاء على أذرع الإرهاب، يا لها من كارثة قضت على جميع ركاب الطائرة الأبرياء، وبكل وقاحة يُصرح تنظيم «داعش» بأنها قنبلة داعشية الصنع وكأن قتل هؤلاء الضحايا من المدنيين أصبح حلالاً، نعم عجباً لزمن أصبحنا لا نفرق فيه بين الحلال والحرام!!

يقال إن التنظيم قد هرّب القنبلة البدائية إلى الطائرة المنكوبة بعدما استغل وجود ثغرة أمنية في مطار شرم الشيخ المصري إلا أن مسؤولي الأمن المصري يؤكدون أن التقصير الأمني مستبعد وسيناء خالية من «الدواعش»، فإذاً ما العوامل التي أدت لسقوط الطائرة الروسية في وقت زمني إن لم يكن عملاً إرهابياً؟ وما الذي يجعل مصر تهرب من المسؤولية الأمنية ولا تحمل تداعياتها؟، فهل يعقل ما يحدث حالياً من تفاوت في الآراء والتحليلات الفنية بين الطرفين المصري والروسي؟!.


إن النتائج الأولية التي تسلمتها مصر من الجانب الروسي كانت عبارة عن طرد يتضمن ملفاً مفصلاً عن مجريات التحقيقات الروسية في الحادث، وكانت توضح وجود مادة ممتزجة بمادة «تي إن تي» وتسمى «أر دي اكس» وهي مادة غير موجودة في مصر، وهو ما يدل على أن القنبلة صُنعت في أحد معامل المتفجرات بجودة عالية وتحت إشراف خبراء فنيين وبالتالي فهي عملية إرهابية تم ترتيبها بدقة متناهية من أجل اختراق الأمن المصري وزعزعة استقراره، وأيضا قد تكون رسالة موجهة إلى روسيا لإعادة النظر في سياستها الخارجية الأمر الذي جعل مصر تعيد النظر بجدية حول مدى جهوزيتها لمواجهة أي أخطار إرهابية محتملة في البلاد خصوصاً بعد نشر تنظيم «داعش» صور القنبلة التي أسقطت الطائرة وادعائه بوجود ثغرة امنية استغلها!!

فمصر مازالت تحت مجهر العمليات الإرهابية وقد تحدث في أي لحظة وسط الموجة الإرهابية التي تطال مختلف دول العالم، كما سبق لروسيا أن أرسلت تحذيرات استباقية لها على ضرورة اتخاذ كافة التدابير الأمنية بعد كارثة الطائرة مباشرة والعمل على توسيع العمليات العسكرية في صحراء سيناء لمنع تحرك التنظيمات الإرهابية وتأمين كل منافذ المطار والأماكن السياحية، فالمطلوب من مصر اليوم تأمين الدفاع لمواجهة الأخطار الخارجية أو الدخول في تحالفات إقليمية مع دول صديقة بعد وصول تقارير أمنية تؤكد احتمال تعرضها لعمليات إرهابية.

نعم نستطيع القول بأن الآداء المصري الرسمي في حادث الطائرة الروسية لم يكن ناجحاً ليواكب عملية الحدث المأسوي ربما يرجع ذلك إلى الصدمة التي أصابت جسم الأمن المصري، فالحدث لم يصل إلى الدرجة المطلوبة من الوعي والثقافة والاستعداد للتعامل مع هذه النوعية من الأزمات والكوارث الأمر الذي انعكس بالطبع على موقف الحكومة المصرية، فضلاً عن الإعلام المصري الذي خلط أوراق كارثة الطائرة مع نظرية المؤامرات على البلد من دون مناقشة كيفية الدفاع عن الوطن في ظل هذه الظروف الأمنية السيئة أي مناقشة القضية من منظور عقلاني والبحث عن الأسباب الحقيقية للحادث للوصول إلى الحقيقة والواقع، يجب العلم أن كثرة الانتقادات الشعبية حول القضية لا تفيد البلد وتعامل الحكومة المصرية مع الأزمة يجب أن يكون ذا حنكة سياسية.

والسؤال هنا هل ستتجه النية الروسية بتوجيه ضربة عسكرية لتنظيم «داعش» في ضوء نتائج التحقيقات الروسية - المصرية، أم أن الأمر سيقتصر على ملاحقة المتورطين فقط؟!

فإن كان هذا صحيحاً ربما الأمر يتطلب أعواماً كي نطوي صفحة الكارثة، في حين يبدو أن التحقيقات الجارية التي تترأسها مصر لم تتوصل إلى دليل ملموس يقضي على عمل إجرامي جنائي وفي المقابل يعلن جهاز الاستخبارات الروسية FSB أنه عمل إرهابي لا شك فيه وتم فعله عبر زرع عبوة ناسفة شديدة الانفجار، والدليل كان العثور على أثارها مع أجزاء حطام الطائرة ومتعلقات الركاب، فانفجارها أدى إلى انتشار أجزاء كثيرة من جسم الطائرة، وبسبب الغضب الشعبي الروسي من هذه الإجراءات الروتينية للكارثة قام جهاز الأمن الروسي برصد مكافأة مالية تقدر بـ 50 مليون دولار أميركي لمن يدلي بمعلومات سريعة تفيد الجهاز وتساعد على سرعة القبض على المتورطين في التفجير، غير أن الحكومة المصرية طلبت التريث لتقديم أدلة تفصيلية من الاستخبارات الروسية للوقوف على حقيقة الأمر لأن لجنة التحقيق المشكلة هي الجهة الوحيدة التي يحق لها إصدار أي تصريح في شأن أسباب السقوط بما أن تحليل بيانات الحادث يحتاج إلى وقت طويل وبطيء... اذاً هناك تضارب في الأقوال والتحليلات وكمية المعلومات ما بين الخبراء المصريين وأعضاء لجنة التحقيقات الفنية في الحادث من الجانبين الروسي والمصري ولكي تتجاوز مصر وموسكو هذه المحنة وتداعياتها قامت الدولتان على توقيع المزيد من الاتفاقيات الصناعية والمشاريع الاستثمارية التي تكلف مبالغ خيالية وأهمها الاتفاقية النووية، وهي بالتأكيد رسالة للعالم أجمع تعكس عمق العلاقة الثنائية بين البلدين...

ولكل حادث حديث،،

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي