2 > 1

«غزوة» باريس

تصغير
تكبير
لم يعد أحد قادراً على تحمل الإرهاب، فالعالم كله امتلأ بالرعب والخوف من انتشار التكفيريين، فمن المسؤول عن هذه الفوضى؟

منطقتنا أصبحت عالة وبلاء على العالم بأكمله، فالمؤتمرات والعواصم الدولية صارت مزدحمة بسبب مشاكلنا الداخلية، ليس ذلك فحسب بل صدّرنا لهم شعوبنا كلاجئين ليستجدوا العالم، كما صدّرنا لهم المفخخات البشرية والكلاب الآدمية التي لا تُستأنس إلا بالقتل والدم، فالسؤال المُستحق من المسؤول عن كل ذلك؟


المسؤول الأول يكمن في شعوب هذه المنطقة. فهناك مسلمون يحملون فكراً عقائدياً خطيراً يجعل المرء يتحول خلال أيام قليلة من منحرف إلى متطرف يستأنس بالأشلاء. فهذا الفكر التكفيري الموبوء هو السبب الأول والرئيسي لأنه يُجمّد العقل ويجعله صنماً لا يتحرك إلا وِفق تعليمات أسياده. فأولئك يُصبحون كما يُسميهم الإمام الصادق سلام الله عليه بأنجس من الكلاب.

المسؤول الثاني الحكومات الاستبدادية الدموية التي تتبنى هذا الفكر المتحجر، وتزيد من تطرفه وتوجهه حسبما تُملي عليها غرائزها الشيطانية. فليس لهذه الأفكار المتطرفة أن تزداد دمويةً إلا بسبب تبني تلك الحكومات لها، لهذا تجد مدارس فكرية إرهابية تعمل بشكل رسمي ودؤوب ودائم بحجة الدين، وتُخرّج الآلاف من الإرهابيين وتبعثهم لينشروا فكر التطرف والكراهية والرجعية بين الناس بذريعة نشر الدين والدفاع عن المقدسات.

المسؤول الثالث الدول الغربية وعلى رأسها أميركا وفرنسا التي اكتوت أخيرا بنار أفعالها وعنجهيتها. فاستخبارات هذه الدول متسبب رئيسي في تدمير مدننا ودولنا. فهذه الفوضى الخلاقة التي أرادها كسنجر وبوش ورامسفيلد والآن ترامب وغيرهم، هذه الفوضى أصبحت منتشرة كما أرادوا وبدأت تتوسع حتى وصلت إلى ديارهم.

لهذا أقول لكم نحن سعداء وحزينون. سعداء أن تصل النيران لثياب هذه الحكومات الغربية والاستخبارات الجاسوسية لتلك الدول ويُدرك أبناء تلك الشعوب ما تُخطط له حكوماتهم لتدمير شعوبنا وبلداننا. لكننا بالتأكيد حزينون أن يدفع الشعب الفرنسي والإنجليزي والأميركي وغيرهم، أن يدفع الأبرياء بشكل عام ثمن ألاعيب السياسيين. فما ذنب القتلى والجرحى سواء في باريس أو الطائرة الروسية أو الضاحية الجنوبية بلبنان أو حلب أو مدن العراق أو اليمن أو أي مكان في العالم.

عموماً بودي أن أختم بنقاط عدة: الأولى: أن الشر والإرهاب الذي أوجدته دول الغرب ودول المنطقة في سورية واليمن والعراق، هو نفسه الذي بدأ يتوسع ليشمل مساحات أكبر وصولاً إلى أوروبا.

الثانية: أنه وعلى العكس من موقف الغرب ودول المنطقة، إيران وروسيا وسورية والعراق ومصر والحشد الشعبي و«حزب الله» هم من يُحارب اليوم الفكر التفكيري والإرهاب الإسرائيلي. فالمسألة ليست طائفية كما يُريد الغرب والمنطقة وإسرائيل أن يسوقوها علينا، المسألة هي حقيقة مكر وخُبث سياسي وإرهاب تكفيري صهيوني لتحقيق أهداف ومصالح استخباراتية خبيثة، وما كلمة الهلال الشيعي إلى هفوة وزلة لسان في سبيل هذا المخطط.

الثالثة: أن سقوط الإرهاب التكفيري سيُعلن تبدل عميق واستراتيجي في موازين القوى بالمنطقة تحديداً وبالعالم عموماً. فأبشروا «إن مع العسر يسراً».

hasabba@
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي