قصة قصيرة / إثبات حالة... استسلام امرأة

تصغير
تكبير
| ياسمين عبدالله |

وسدت رأسي الى مِخدتي...

هذه الوسادة التي ألزمت أمي بأن تضعها مع أغراضي حين تزوجت، لا يميزها سوى أنني لم أبدلها منذ اشتروها، فأحببت أن أحتفظ بها.

سنون تمر من عمري، كالأوراق تتساقط، تضج بأصوات الطفولة، تصدح بأغان مبتورة...

بعد مضي شهرين على زواجي، عدت لبيت أبي... أحمل بعض غفلتي!

نظرات الغضب كانت عيونهم:

- المرأة لا تترك بيتها أبدا!

- وهل تتزوج المرأة كل يوم؟

- هو زوجك احتمليه...

- سبب تافه هذا الذي تركت بيتك من أجله..

نعم

سبب تافه...

آهٍ كم كنت تافهة...

خلافنا كان... بسبب منشفة!

نعم منشفة!

استخدم زوجي منشفتي وحين أبديت اعتراضا - لعله كان بنظرة أو كلمة - ثار غاضبا، واتهمني بأنني اشمئز منه…

لا... من قبل لم أكن اشمئز منه...

لا يهم... لكني اعتقدت، أن منشفتي يجب ألا تلامس سوى جسدي.

عدت اليه، والجميع يتنادرون بتلك الحكاية... حكاية المنشفة.

ما عدتُ أتحدث مع أحد عن أشيائي التافهة...

اعتدت الصمتَ وسادة أخرى

واستمرت منشفتي تلامس جسدا آخر...

ومكتبي يجلس عليه آخر

وقلمي يكتب به آخر

وأوراقي يقرؤها آخر

وأفكاري أدونها... ليوافق عليها هذا الآخر.

وكلماتي قبل أن أسمعها ينطقها آخر!

بدأت... أتضاءل وأختفي

هذه الوسادة؛ أوسد اليها رأسي حين أدّعي النوم.

عمر ضائع... وأوراق مبعثرة...

عفرت وجهي ببياضها وأنا أسمع صوته يدخل الغرفة وقد علق المنشفة حول رقبته!

- حمام الهنا يا عم...

واندس في الفراش الدافئ يطلب النوم..

وغصت أكثر في وسادتي... أتجاهل الدفء الذي يطلب، أتظاهر بالموت.

ارتفعت أنفاسه بانتظام... نام... أخيرا

فتحت عيني أنظر اليه... مازالت المنشفة حول رقبته... اقتربت منه ولففت المنشفة وأمسكت بطرفيها وأخذت أشد بعنف... أشد أكثر... وأكثر

جحظت عيناه وبدا لسانه متدلٍ من فمه ولعابه يسيل

وأنا أشد أكثر وأكثر..

- هيه... ما بك؟؟ ... اصحي!

- ماذا حدث؟

- أنت تصرخين... وأنت نائمة: المنشفة... المنشفة...

- اووه...

رميت الوسادة... ووسدت رأسي كتفه

- فداك المنشفة يا حياتي!



لوحة للفنان سعد البلوشي

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي