المحكمة قضت بعدم الاختصاص في نظر قضية سحبها وفقاً لظروف الحصول عليها
«الاستئناف»: جنسية البرغش وعائلته «منح» لا «تأسيس» ... وهي من أعمال السيادة الخارجة عن سلطة القضاء

نايف المطيري


قضت محكمة الاستئناف الادارية بعدم اختصاص القضاء النظر ولائيا في سحب جنسية النائب السابق عبدالله البرغش واخوته وعائلته، مؤكدة أن مسألة الجنسية تدخل ضمن اعمال السيادة التي قرر قانون تنظيم القضاء بعدم اختصاص المحاكم ولائيا النظر فيها.
وشددت المحكمة في حكمها الذي اصدرته امس برئاسة المستشار نايف المطيري، على أن قانون تنظيم القضاء قرر صراحة استبعاد مسائل الجنسية من ولايته، وهو ما عززه قانون الدائرة الادارية الذي جعل مسألة منح الجنسية من اعمال السيادة الخارجة عن اختصاص القضاء، حيث قرر أن للدولة الحق في اختيار من تضمه إلى جنسيتها في ضوء ما تقدره، وهو ما يدخل في نطاقه جنسية البرغش وعائلته كونه نال الجنسية منحا من الحكومة وليس اكتسابا من اب حيث إن والده توفي دون أن يحمل الجنسية الكويتية أو أن يتقدم بطلب للحصول عليها.
وفي ما يلي تفاصيل حكم محكمة الاستئناف:
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة قانونا، وحيث ان وقائع المنازعة الماثلة تخلص - حسبما يبين من الاوراق في أن المُستأنف ضدهم - كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 3591 لسنة 2014 اداري/ 9 بصحيفة اودعت ادارة كُتاب المحكمة الكلية بتاريخ 21/ 9/ 2014 طالبين في ختامها الحكم اولا: بقبول الدعوى شكلا وثانيا: وفي الموضوع بالغاء قرار مجلس الوزراء رقم 968/ 2014 فيما تضمنه من سحب شهادة جنسيتهم ومن يكون قد كسبها معهم بالتبعية واعتباره كأن لم يكن وما يترتب على ذلك من آثار اخصها رد شهادة الجنسية اليهم والى من يكون قد كسبها معهم بالتبعية، مع شمول الحكم بالنفاذ المُعجل وبموجب مسودته وبغير اعلانه وبغير وضع صيغة تنفيذية عليه عملا بالمادة 191 من قانون المرافعات. ثالثا: الزام المدعي عليهم بصفتهم بان يؤدوا لهم مبلغ 5001 د.ك على سبيل التعويض الموقت مع الزامهم المصروفات ومقابل اتعاب المحاماة الفعلية.
وذكر المدعون شرحا لدعواهم انهم ولدوا لاب كان يتمتع بالجنسية الكويتية وفقا لاحكام المادة (1) من قانون الجنسية رقم 15 لسنة 1959، كونه مستوطنا بالكويت قبل سنة 1929 وظل محافظا على اقامته فيها وتزوج بامرأة تتمتع بالجنسية الكويتية وانجب منها المدعين. وفي اواخر عام 1962 توفي والدهم بعد صراع طويل مع المرض منعه من التقدم بطلب للحصول على شهادة الجنسية الكويتية وانه بعد بلوغهم سن الرشد وادراكهم للامور واكتمال اهلية التقاضي لديهم لجأ المدعي الأول الاكبر سنا بين اشقائه الذكور - بطلبه إلى الجهات المختصة لاثبات استحقاق والده المتوفي للجنسية الكويتية كونه كان من المستوطنين في دولة الكويت قبل سنة 1920 ومحافظا على اقامته العادية فيها، وعلى اثر ذلك انتهت الجهات المختصة - بعد تمحيص طلبه وسماع الشهود واجراء التحقيق - إلى نتيجة مؤداها اثبات الجنسية الكويتية لوالدهم المتوفى - وبالتالي حصولهم على الجنسية الكويتية وفقا للمادة الاولى، ومنذ ذلك الحين وهم يتمتعون بحقوق المواطنة والمشاركة في ادارة الشؤون العامة، إلا أنه بتاريخ 22/ 7/ 2014 فوجئوا بصدور القرار رقم 968/ 2014 من مجلس الوزراء متضمنا سحب الجنسية الكويتية عنهم وعمن اكتسبها معهم بطريق التبعية.
وانهم ينعون على هذا القرار ببطلانه لفقدانه ركن السبب باعتبار أن القرار ارتكن إلى نص المادة 21م/ أ من قانون الجنسية والى مذكرة وزارة الداخلية التي اوردت بهذا الصدد عبارات عامة لا تصلح أن تكون سببا يبيح للجهة الادارية باصدار قرارها المطعون عليه ودون أن تظهر بجلاء ما مارسه المدعون من غش وما قرروا به من اقوال كاذبة وشهادات غير صحيحة وهو ما يوصم القرار المطعون عليه بعدم المشروعية، الامر الذي مسهم بأضرار مادية تمثلت في ما فاتهم من كسب نتيجة انهاء خدماتهم واضرار ادبية تمثلت في كافة الاضرار التي يستشعرها كل صاحب حق مسلوب بما يستوجب تعويضهم عنها وهو ما دفعهم لاقامة هذه الدعوى بغية القضاء لهم بطلباتهم سالفة الذكر.
وتدوول نظر الدعوى امام المحكمة الكلية على النحو الثابت بمحاضرها وخلالها قدم الحاضر عن الحكومة عدد ثلاث حوافظ مستندات، ومذكرة دفاع طلب في ختامها الحكم اصليا: بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى. واحتياطيا: برفض الدعوى وفي جميع الاحوال الزام رافعيها المصروفات ومقابل اتعاب المحاماة، كما قدم الحاضر عن المدعين حافظتي مستندات ومذكرة دفاع تمسكوا في ختامها اولا: بالزام جهة الادارة بتقديم مذكرة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية المشار اليها في ديباجة القرار المطعون عليه وتقديم مجموعة من المستندات المودعة في ملف الجنسية المقدم رفق حافظة الجهة الادارية. ثانيا: القضاء لهم بسابق طلباتهم.
حكم محكمة أول درجة
وبجلسة 26/ 5/ 2015 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بالغاء القرار الاداري المطعون عليه رقم 968 لسنة 2014 وما يترتب على ذلك من اثار على النحو المبين بالاسباب والزمت الجهة الادارية بان تؤدي للمدعين مبلغ خمسة آلاف وواحد دينار على سبيل التعويض الموقت والمصروفات وخمسمئة دينار مقابل اتعاب المحاماة الفعلية ورفضت ما عدا ذلك.
وقد شيّدت المحكمة قضاءها - وبعد تكيفها لطلبات الـمُدعين بقبول الدعوى شكلا ًوفي الموضوع أولاً: بإلغاء قرار مجلس الوزراء رقم 968 لسنة 2014 في ما تضمنه من سحب شهادة جنسيتهم وممن يكون قد كسبها معهم بالتبعية مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها إعادة شهادة الجنسية إليهم وإلى من يكون قد كسبها معهم بالتبعية.
ثانياً: إلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي لهم مبلغ 5001 د.ك على سبيل التعويض الموقت من الأضرار المادية والأدبية مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة الفعلية وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وتنفيذه بموجب مسودته بغير إعلان وبغير وضع صيغة تنفيذية عليه عملاً بالمادة 191 من قانون المرافعات.
وبعد رفضها الدفع الـمُبدى من الحاضر عن الجهة الإدارية بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وذلك تأسيساً على أن طلبات المدعين تتعلق بالحكم بإلغاء القرار المطعون فيه في ما تضمنه من سحب شهادة جنسيتهم وممن يكون قد كسبها معهم بالتبعية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، ومن ثم فإن دعواهم تدخل في نطاق الحقوق المستمدة من كونهم يحملون الجنسية الكويتية بالفعل ومنها حقهم في استخراج شهادة جنسية لهم والتي تعد وثيقة لإثبات جنسيتهم وليس لمنحهم الجنسية ابتداء وكل ذلك يعتبر من آثار ثبوت الجنسية ومترتبة عليه وليس نزاعاً حول استحقاقهم أو عدم استحقاقهم الجنسية الكويتية، ولما كان ذلك كذلك فإن طلبات المدعين لا تتعلق في شأن من شؤون الجنسية منحاً أو منعاً وهو ما تختص به الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية وفقاً للبند الخامس من المادة الأولى من قانون إنشاء الدائرة الإدارية رقم 20/1981 وتعديلاته وعلى ذلك بات الدفع المشار إليه على غير سند من القانون وصار من المتعين القضاء برفضه.
وقد شيدت المحكمة قضاءها - بالنسبة لإلغاء القرار المطعون فيه على سند بأن الـمُشرع وفقاً لنص المادتين الثانية والتاسعة عشر من قانون الجنسية الكويتية - قد كشف بهذين النصين عن مُراده في استحقاق الجنسية الكويتية لكل من ولد لأب كويتي لتصبح الجنسية بقوة القانون لصيقة بواقعة الميلاد دون حاجة إلى صدور قرار بذلك من الجهة الإدارية أو أي إجراء آخر متى ثبت على وجه قاطع نسبه للمولود إلى أب كويتي وفي هذه الحالة أوجب المشرع على رئيس دوائر الشرطة والأمن العام منح كل من تثبت له الجنسية الكويتية بقوة القانون على النحو المتقدم شهادة بالجنسية الكويتية دون أن تكون له أدنى سلطة تقديرية في هذا الشأن، باعتبار أن لفظ يُعطي الوارد بصدر المادة 19 من قانون الجنسية قد جاء بصيغة الوجود على أساس أن شهادة الجنسية تعتبر عنواناً لكويتية كل مواطن كويتي يُشرف بها داخل وطنه وخارجه، وأن هذه الجنسية لا تُفقد ولا تسقط عن حاملها إلا لأسباب محددة على سبيل الحصر في المرسوم القانون المشار إليه ومن بين تلك الأسباب ما ورد بنص المادة 121 مكرر - أ - من أنه تُسحب شهادة الجنسية الكويتية إذا تبين أنها أعطيت بغير حق - بناء على غش أو أقوال كاذبة أو شهادات غير صحيحة ويكون
السحب بقرار من مجلس الوزراء بناء على عرض وزير الداخلية وينبغي على ذلك سحب الجنسية الكويتية ممن يكون قد اكتسبها عن حامل تلك الشهادة بطريق التبعية.
ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعين حصلوا على الجنسية الكويتية وفقاً للمادة الأولى من المرسوم رقم 15 لسنة 1959 بقانون الجنسية الكويتية وهو ما يفيد أن والدهم المتوفى كان مواطناً في الكويت قبل سنة 1920 ومحافظاً على إقامته العادية فيها إلى يوم نشر القانون الأخير وثبوت نسبهم إليهم، ولما كان ذلك كذلك وكان الثابت من مساق وقائع الدعوى ومستنداتها أن سحب شهادة الجنسية الكويتية من المدعين وممن اكتسبها معهم بطريق التبعية بمقتضى القرار رقم 968/2014 المطعون عليه - إنما يعزى - حسبما أفصحت عنه جهة الإدارة إلى حصولهم على الجنسية الكويتية بناء على غش أو أقوال كاذبة وشهادات غير صحيحة مرتكنة في ذلك إلى المادة 21 مكرر أن المرسوم بالقانون رقم 15 لسنة 1959 ولا مراء في أن تلك العبارات عامة مرسلة ليس فيها ما يعين معناها أو يتأنى العلم بمضمونها أو الوقوف على فحواها ولا تنهض بذاتها سبباً معاً لحمل القرار المطعون فيه على صحته ما لم يقم الدليل على ثبوتها في الأوراق، ولما كان ذلك وكانت أوراق الدعوى خلت مما يقطع بما ذهبت إليه جهة الإدارة من حصول المدعين على الجنسية الكويتية نتيجة غش أو أقوال كاذبة أو بيانات غير صحيحة رغم تمكينها لتقديم ما يفيد ذلك أكثر من مرة، إلا أنها لم تُحرك ساكناً، وهو ما يوقع القرار المطعون عليه في دائرة عدم المشروعية لعدم ارتكانه إلى أُسس سليمة لها واقعها المترسب والراسخ بالأوراق وصار من المتعين القضاء بإلغائه في ما تضمنه من سحب جنسية المدعين وممن اكتسبها عنهم بطريقة التبعية، مع ما يترتب على ذلك من آثار أبرزها إعادة شهادة الجنسية الكويتية إليهم وإلى من اكتسبها معهم بطريقة التبعية.
وحيث انه عن طلب التعويض الموقت بمبلغ 5001 د.ك عن الأضرار المادية والأدبية، فإنه لما كانت المحكمة قد انتهت وفقاً لما سلف بيانه إلى ثبوت خطأ الجهة الإدارية عند إصدارها القرار المطعون عليه ومن ثم يقتصر دورها في بحث مدى توافر عناصر الضرر.
وحيث انه عن طلب المدعين للتعويض عن الأضرار المادية المتمثلة فيما فاتهم من كسب نتيجة إنهاء خدمتهم بسبب القرار المطعون عليه، فإنه لما كانت وقائع الدعوى ومستنداتها قد خلت مما يفيد إنهاء خدمة المدعين نتيجة القرار المطعون عليه وأنهم تبعاً لذلك أصيبوا بأضرار مادية بما يكون معه طلب التعويض من هذا النوع من الضرر قائماً على أساس غير سليم ويتعين رفضه.
وحيث انه عن الضرر الأدبي، فإنه لا مشاحة في أن القرار المطعون عليه مس المدعين بأضرار أدبية تمثلت بالألم والحسرة والإيذاء لشعورهم نتيجة صدور القرار المطعون عليه ومعاناتهم طوال مرحلة التقاضي حتى حصولهم على حقهم وكافة الآلام النفسية الأخرى التي يشعرها صاحب الحق المسلوب، الأمر الذي ترى معه المحكمة بإجابة المدعين لطلبهم لهذا النوع من الضرر، الامر الذي تقدره المحكمة بمبلغ 5001 د.ك على سبيل التعويض الموقت.
وحيث أنه عن طلب شمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة وتنفيذه بمسودته وبغير اعلان ومن دون وضع صيغة تنفيذية عليه، فان المحكمة لا ترى موجبا لذلك عملا بحكم المادتين 191، 194 من قانون المرافعات.
ولم يلق هذا القضاء قبولا لدى الجهة الادارية المدعى عليها فطعنت عليه بالاستئناف الماثل بصحيفة اودعت ادارة كُتاب هذه المحكمة بتاريخ 27/ 5/ 2015 طلبت في ختامها الحكم بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بالغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا اصليا: عدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى الغاء وتعويضا. احتياطيا: برفض الدعوى الغاء وتعويضا.
وفي أي من الحالتين بالزام المستأنف ضدهم بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقد ساقت الجهة الادارية لاستئنافها - اسبابا - حاصلها مخالفة الحكم المستأنف للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك على سند من القول بان الحكم بسط رقابته القضائية على القرار المطعون فيه ثم قضى بالغائه وما يترتب عليه من آثار وبالزام جهة الادارة بان تؤدي للمستأنف ضدهم مبلغ 5001 د.ك على سبيل التعويض الموقت وذلك على النحو المبين باسباب الحكم المستأنف مع المصروفات خمسمئة دينار ومقابل اتعاب المحاماة الفعلية، على الرغم من تعلقه بمسألة من مسائل الجنسية الكويتية المحظور على القضاء ولائيا بنظرها وما ذهب اليه الحكم الطعين غير سديد ومردود عليه بما نصت عليه المادة الاولى من المرسوم الاميري رقم 19/ 1959 في شأن قانون تنظيم القضاء على أن تختص المحاكم بالفصل في جميع المنازعات... إلا ما استثنى بنص خاص.
كما تنص المادة الثانية من ذات القانون على أن «ليس للمحاكم أن تتطرق اعمال السيادة».
ثم تلا ذلك صدور القانون رقم 20/ 1981 بانشاء الدائرة الادارية بالمحكمة الكلية فنصت المادة الاولى منه على أن «تنشأ بالمحكمة الكلية دائرة ادارية تشكل من ثلاثة قضاة وتشتمل على غرفة أو اكثر حسب الحاجة، وتختص دون غيرها بالمسائل الآتية، وتكون لها ولاية قضاء الالغاء والتعويض اولا:................ ثالثا:................ رابعا:................ خامسا: الطلبات التي يقدمها الافراد أو الهيئات بالغاء القرارات الادارية النهائية عدا القرارات الصادرة في شأن مسائل الجنسية واقامة وابعاد غير الكويتيين وتراخيص باصدار الصحف والمجلات ودور العبادة.
ثم صدر بعد ذلك قانون تنظيم القضاء رقم 23/ 1990 فنصت المادة الثانية منه على أن «ليس للمحاكم أن تنظر في اعمال السيادة».
ومؤدى ما تقدم أن المشرع منذ صدور القانون رقم 19/ 1959 في شأن تنظيم القضاء وقانون انشاء الدائرة الادارية رقم
20/ 1981 وحتى صدور قانون تنظيم القضاء رقم 32/ 1990 قد قرر صراحة استبعاد القرارات المتعلقة بمسائل الجنسية من ولاية القضاء فحجب الرقابة القضائية عنها ايا ما كانت تلك القرارات من حيث المنح أو السحب أو الاسقاط وكذلك جميع التصرفات التي ترد على الجنسية، وهذا ما اكدته احكام القضاء الدستوري والاداري، وعليه ولما كان المستأنف ضدهم قد اقاموا الدعوى المستأنف حكمها بطلب الغاء قرار مجلس الوزراء رقم 968/ 2014 فيما تضمنه من سحب شهادة الجنسية الخاصة بهم وبسحب الجنسية الكويتية ممن يكون قد اكتسبها عن حامل تلك الشهادة بطريق التبعية مع تعويضهم بمبلغ 5001 د.ك على سبيل التعويض الموقت.
لما كانت تلك الطلبات متعلقة بمسألة من مسائل الجنسية التي أشار اليها قانون تنظيم القضاء رقم 23/ 90 في المادة الثانية منه وكذلك اشارت اليها المادة الاولى من قانون انشاء الدائرة الادارية رقم 20/ 1981 وهو ما يدخل ضمن اعمال السيادة والتي تخرج عن نطاق اختصاص القضاء فلا يتسع ليشملها برقابته الغاء أو تعويضا وهو ما يعني تقرير عدم اختصاص القضاء ولائيا بنظر هذه المنازعة الماثلة.
وخلصت الجهة الادارية المستأنفة إلى طلباتها المشار اليها، وتدوول نظر الاستئناف امام المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 3/ 11/ 2015 قدم الحاضر عن الحكومة حافظة مستندات ومذكرة دفاع صمم في ختامها على الطلبات الواردة بصحيفة الاستئناف كما حضر محامي المستأنف ضدهم وطلب تأييد حكم أول درجة ورفض الاستئناف وقررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر واودعت مسودته المشتملة على اسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
وحيث أن الاسئتناف قد استوفى سائر الاوضاع المقررة قانونا فإنه يكون مقبولاً شكلا.
وحيث إنه عن الموضوع وعن الدفع المبدئي من الجهة الادارية المستأنفة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى الغاء وتعويضا.
فإنه لما كان القانون هو الذي يحدد اختصاص المحاكم وذلك كله اعمالا لحكم المادة 164 من الدستور والتي تنص على أن القانون هو الذي بين وظائف المحاكم واختصاصاتها وكانت المادة الاولى من المرسوم الاميري رقم 19 لسنة 1959 في شأن قانون تنظيم القضاء تنص على أن «تختص المحاكم في جميع المنازعات... إلا ما استثني بنص خاص:
وتنص المادة الثانية من ذات القانون على أنه ليس للمحاكم أن تنظر اعمال السيادة كما نصت المادة الاولى من القانون رقم 20 لسنة 1981 بانشاء الدائرة الادارية بالمحكمة الكلية على ان تنشأ بالمحكمة الكلية دائرة ادارية تشكل من ثلاثة قضاة وتشتمل على غرفة أو اكثر حسب الحاجة، وتختص دون غيرها بالمسائل الآتية وتكون لها فيها ولاية قضاء الالغاء والتعويض. أولاً:...... ثانياً:...... ثالثاً:...... رابعاً:...... خامساً: الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية عدا القرارات الصادرة في شأن مسائل الجنسية وإقامة وإبعاد غير الكويتيين وتراخيص إصدار الصحف والمجلات ودور العبادة.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم ووفقاً لما استقر عليه قضاء التمييز أن أعمال السيادة هي تلك الأعمال التي تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة وهي بطبيعتها أعمال إدارية ولكنها تخرج من ولاية المحاكم وقد ترك المشرع بما نص عليه في المادة الثانية من القانون رقم 19/1959 بقانون تنظيم القضاء - أمر تحديدها للقضاء إكتفاء بإعلان مبدأ وجودها، ذلك أن ما يعتبر عملاً إدارياً قد يرقى في ظروف وملابسات سياسية في دولة ما إلى مرتبة أعمال السيادة، كما أن ما يعتبر عملاً من أعمال السيادة قد يهبط في ظروف أخرى إلى مستوى الأعمال الإدارية، لما كان ذلك وكان مفاد ما أوردته نصوص قانون الجنسية الكويتية ومذكرته الايضاحية أن مسائل الجنسية في دولة الكويت وما يتعلق بها من قرار ات تتسم بطابع سياسي أملته اعتبارات خاصة تتعلق بكيان الدولة ذاته لتحديد شعب الكويت ومن يجوز له حمل الجنسية عند تأسيس الوطن لأول مرة وكل ما يتصل بمسائل الجنسية من قرارات بمراعاة تلك الاعتبارات وفي نطاق ما تمليه تلك الظروف الاجتماعية التي تقتضي حياته الدولة وتحقيق أمنها والمحافظة على كيانها في الداخل، وهي بهذا تعد من أعمال السيادة التي تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة، لما كان ذلك وكان ما نصت عليه الفقرة الخامسة من المادة الأولى من قانون إنشاء الدائرة الإدارية من استبعاد القرارات الصادرة في مسائل الجنسية من اختصاص تلك الدائرة لا يعدو أن يكون تأكيداً من الشارع باعتبار تلك المسائل من أعمال السيادة التي تخرج من ولاية المحاكم وهو ما نصت عليه المادة الثانية من قانون تنظيم القضاء سالفة الذكر.
إلا أن محكمة التمييز قد وضعت مبدأ فيمن يولد في الكويت أو الخارج لأب كويتي تواترت عليه أحكامها مقررة بأن النص في المادة 2من المرسوم رقم 15 لسنة 1959 في شأن قانون الجنسية الكويتية على أن «يكون كويتياً كل من ولد في الكويت أو في الخارج لأب كويتي». يدل، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، أن المشرع أرسى قاعدة عامة مؤداها أن كل من ولد في الكويت أو في الخارج لأب كويتي يكون كويتياً وكشف المشرع بذلك عن مراده في استحقاق الجنسية الكويتية الأصلية لكل من ولد لأب كويتي لتصبح الجنسية بقوة القانون لصيقة بواقعة الميلاد دون حاجة إلى صدور قرار بذلك من الجهة الإدارية، وأي إجراء آخر متى ثبت على وجه قاطع دون منازعة تسلسل المولود عن أب كويتي وثبوت نسبه منه، وقرارات الجهة الإدارية في هذا الشأن تخضع لرقابة القضاء الإداري، ولا يعد ذلك فصلاً في مسألة من مسائل الجنسية التي استبعدها المشرع في البند خامساً من المادة الأولى من القانون رقم 20 لسنة 1981 المعدل بإنشاء دائرة إدارية بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية من ولاية القضاء، وإنما هو إعمال صريح لحكم القانون في شأن حق مستمد منه مباشرة وهو ما يختلف عن الأحوال الأخرى لاكتساب الجنسية التي لا تتم إلا بطريق المنح بقرار من الجهة الإدارية المختصة وفقاً للضوابط والإجراءات المبينة في قانون الجنسية وهو ما يتسم بطابع سياسي يرتبط بكيان الدولة وحقها في اختيار من يضم إلى جنسيتها في ضوء ما تراه وتقدره وهذه الحالة الأخيرة هي التي تعد صورة من صور أعمال السيادة لصدورها من الحكومة بوصفها سلطة حكم لا سلطة إدارة، ومن أجل ذلك أخرجها المشرع من ولاية القضاء.
وهذا الاتجاه من محكمة التمييز مرده أن الجهة الإدارية تنفذ حكم القانون ولا تمارس سلطة الحكم وبالتالي فإنه إذا ما توافرت إحدى حالات إسقاط الجنسية الواردة بالمادة 14 من المرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959 بقانون الجنسية الكويتية، فإن القضاء يختص بنظر هذا القرار «في هذا حكم المحكمة الإدارية الحادي عشر بالدعوى رقم 2118/ 2013 المؤيد من محكمة الاستئناف بالاستئناف رقم 192/ 2014 إداري/3 جلسة 17/2/2015».
فضلاً عن ذلك فإنه لا يحق للجهة الإدارية إعمال حالات السحب الواردة بالمادة 13 من القانون سالف الذكر على مثل هذه
الحالة لانه حصل على جنسيته برابطة الدم كونه ولد لاب يحمل الجنسية الكويتية، سواء اكتسبها الاب بالمنح من الجهة الادارية أو بسبب رابطة الدم، فالسحب لا يقع ولا يكون إلا لمن تم منحه الجنسية الكويتية من الجهة الادارية كونها سلطة حكم لا سلطة ادارة، فاذا ما فعلت - أي سحبت جنسية من ولد لاب يحمل الجنسية الكويتية - فان قرارها في هذه الحالة يكون معدوما ويختص القضاء بنظره لمخالفته القانون طالما ظلت رابطة الدم مستمرة ولم تنتف (في هذا الحكم الصادر في الدعوى رقم 2310 لسنة 2014 اداري 11 المؤيد بالاستئناف رقم 787 لسنة 2015 اداري/ 6 جلسة 18/ 10/ 2015) وما ذلك إلا لكون المحكمة لا تراقب مسألة من مسائل الجنسية وانما مدى مشروعية هذا القرار - سواء كان سحبا أو اسقاطا - في ظل كون الصادر بشأنه القرار يتمتع قانونا بالجنسية الكويتية والا ادى بناء ذلك إلى نتيجة غير منطقية هو امكانية عبث الادارة بأحكام القضاء بان تقوم الاخيرة (جهة الادارة) بتنفيذ احكام المحاكم بالغاء القرار السلبي بالامتناع عن منح الجنسية لمن ولد لاب يحمل الجنسية الكويتية، وبعد التنفيذ تقوم بسحب الجنسية أو اسقاطها وتتمسك بعدها بعدم اختصاص القضاء بنظر هذه القرارات مما يفرغ الاحكام القضائية بهذا الشأن من مضمونها ويدخلنا في دائرة العبث بالاحكام والقانون.
ولما كان ما تقدم جميعا وكانت الاوراق قد كشفت وبجلاء تام وبلا نزاع بين الخصوم فيه، أن المستأنف ضدهم لم يكن والدهم حاملا للجنسية الكويتية حتى وفاته - وقد قرر المستأنف ضدهم بصحيفة الدعوى المستأنف حكمها بان والدهم لم يحصل على شهادة الجنسية الكويتية حتى وفاته وان المستأنف ضده الأول لم يتقدم بطلب حصوله على شهادة الجنسية الكويتية إلا بعد بلوغه هو وباقي المستأنف ضدهم - ومؤدى ذلك ولازمه انهم لم يكتسبوا الجنسية الكويتية تبعا لوالدهم برابطة الدم وبالتالي فان الجهة الادارية هي التي منحتهم الجنسية الكويتية بوصفها سلطة حكم وعليه فإنه لا يسري بشأنهم نص المادة الثانية من قانون الجنسية سالف الذكر والتي جرى احكام محكمة التمييز على اختصاص القضاء الاداري بنظر المسائل المتعلقة بها - وبالتالي فان ما عدا ذلك يخرج عن اختصاص القضاء الاداري بحسبانه من المسائل المتعلقة باعمال السيادة.
لما كان ذلك كله جميعا وكانت محكمة اول درجة قد رفضت الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، مستندة في ذلك إلى أن المستأنف ضدهم يحملون الجنسية الكويتية بالفعل باعتبار أن والدهم كويتي الجنسية وفقا للمادة الثانية من قانون الجنسية سالف الذكر، رغم عدم صحة ذلك، وهو استدلال فاسد يخالف الثابت بالاوراق، مما جرها للفصل في موضوع الدعوى مخالفة بذلك القواعد المستقرة في هذه المسألة، بما يتعين معه والحال كذلك الغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى. وحيث انه عن المصروفات فيلزم بها المستأنف ضدهم عملا بحكم المادة 119/ 1، 147 مرافعات.
فلهذه الاسباب حكمت المحكمة: بقبول الاستئناف، شكلا وفي الموضوع بالغاء الحكم المستأنف فيما قضى به وبعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وألزمت المستأنف ضدهم المصروفات وعشرين دينارا مقابل اتعاب المحاماة.
حيثيات الحكم
- قانون تنظيم القضاء قرر صراحة استبعاد مسائل الجنسية من ولايته
- قانون «الدائرة الإدارية» جعل «الجنسية» من أعمال السيادة الخارجة عن اختصاص القضاء
- والد البرغش لم يحمل الجنسية الكويتية ولم يتقدم بطلب الحصول عليها
- المستأنفون حصلوا على الجنسية منحاً من الحكومة لا اكتساباً من أب كويتي
- منح الجنسية عمل سيادي يصدر من الحكومة بوصفها سلطة حكم لا إدارة
- القانون قرر للدولة الحق في اختيار من يحمل جنسيتها في ضوء ما تقدره
وشددت المحكمة في حكمها الذي اصدرته امس برئاسة المستشار نايف المطيري، على أن قانون تنظيم القضاء قرر صراحة استبعاد مسائل الجنسية من ولايته، وهو ما عززه قانون الدائرة الادارية الذي جعل مسألة منح الجنسية من اعمال السيادة الخارجة عن اختصاص القضاء، حيث قرر أن للدولة الحق في اختيار من تضمه إلى جنسيتها في ضوء ما تقدره، وهو ما يدخل في نطاقه جنسية البرغش وعائلته كونه نال الجنسية منحا من الحكومة وليس اكتسابا من اب حيث إن والده توفي دون أن يحمل الجنسية الكويتية أو أن يتقدم بطلب للحصول عليها.
وفي ما يلي تفاصيل حكم محكمة الاستئناف:
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة قانونا، وحيث ان وقائع المنازعة الماثلة تخلص - حسبما يبين من الاوراق في أن المُستأنف ضدهم - كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 3591 لسنة 2014 اداري/ 9 بصحيفة اودعت ادارة كُتاب المحكمة الكلية بتاريخ 21/ 9/ 2014 طالبين في ختامها الحكم اولا: بقبول الدعوى شكلا وثانيا: وفي الموضوع بالغاء قرار مجلس الوزراء رقم 968/ 2014 فيما تضمنه من سحب شهادة جنسيتهم ومن يكون قد كسبها معهم بالتبعية واعتباره كأن لم يكن وما يترتب على ذلك من آثار اخصها رد شهادة الجنسية اليهم والى من يكون قد كسبها معهم بالتبعية، مع شمول الحكم بالنفاذ المُعجل وبموجب مسودته وبغير اعلانه وبغير وضع صيغة تنفيذية عليه عملا بالمادة 191 من قانون المرافعات. ثالثا: الزام المدعي عليهم بصفتهم بان يؤدوا لهم مبلغ 5001 د.ك على سبيل التعويض الموقت مع الزامهم المصروفات ومقابل اتعاب المحاماة الفعلية.
وذكر المدعون شرحا لدعواهم انهم ولدوا لاب كان يتمتع بالجنسية الكويتية وفقا لاحكام المادة (1) من قانون الجنسية رقم 15 لسنة 1959، كونه مستوطنا بالكويت قبل سنة 1929 وظل محافظا على اقامته فيها وتزوج بامرأة تتمتع بالجنسية الكويتية وانجب منها المدعين. وفي اواخر عام 1962 توفي والدهم بعد صراع طويل مع المرض منعه من التقدم بطلب للحصول على شهادة الجنسية الكويتية وانه بعد بلوغهم سن الرشد وادراكهم للامور واكتمال اهلية التقاضي لديهم لجأ المدعي الأول الاكبر سنا بين اشقائه الذكور - بطلبه إلى الجهات المختصة لاثبات استحقاق والده المتوفي للجنسية الكويتية كونه كان من المستوطنين في دولة الكويت قبل سنة 1920 ومحافظا على اقامته العادية فيها، وعلى اثر ذلك انتهت الجهات المختصة - بعد تمحيص طلبه وسماع الشهود واجراء التحقيق - إلى نتيجة مؤداها اثبات الجنسية الكويتية لوالدهم المتوفى - وبالتالي حصولهم على الجنسية الكويتية وفقا للمادة الاولى، ومنذ ذلك الحين وهم يتمتعون بحقوق المواطنة والمشاركة في ادارة الشؤون العامة، إلا أنه بتاريخ 22/ 7/ 2014 فوجئوا بصدور القرار رقم 968/ 2014 من مجلس الوزراء متضمنا سحب الجنسية الكويتية عنهم وعمن اكتسبها معهم بطريق التبعية.
وانهم ينعون على هذا القرار ببطلانه لفقدانه ركن السبب باعتبار أن القرار ارتكن إلى نص المادة 21م/ أ من قانون الجنسية والى مذكرة وزارة الداخلية التي اوردت بهذا الصدد عبارات عامة لا تصلح أن تكون سببا يبيح للجهة الادارية باصدار قرارها المطعون عليه ودون أن تظهر بجلاء ما مارسه المدعون من غش وما قرروا به من اقوال كاذبة وشهادات غير صحيحة وهو ما يوصم القرار المطعون عليه بعدم المشروعية، الامر الذي مسهم بأضرار مادية تمثلت في ما فاتهم من كسب نتيجة انهاء خدماتهم واضرار ادبية تمثلت في كافة الاضرار التي يستشعرها كل صاحب حق مسلوب بما يستوجب تعويضهم عنها وهو ما دفعهم لاقامة هذه الدعوى بغية القضاء لهم بطلباتهم سالفة الذكر.
وتدوول نظر الدعوى امام المحكمة الكلية على النحو الثابت بمحاضرها وخلالها قدم الحاضر عن الحكومة عدد ثلاث حوافظ مستندات، ومذكرة دفاع طلب في ختامها الحكم اصليا: بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى. واحتياطيا: برفض الدعوى وفي جميع الاحوال الزام رافعيها المصروفات ومقابل اتعاب المحاماة، كما قدم الحاضر عن المدعين حافظتي مستندات ومذكرة دفاع تمسكوا في ختامها اولا: بالزام جهة الادارة بتقديم مذكرة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية المشار اليها في ديباجة القرار المطعون عليه وتقديم مجموعة من المستندات المودعة في ملف الجنسية المقدم رفق حافظة الجهة الادارية. ثانيا: القضاء لهم بسابق طلباتهم.
حكم محكمة أول درجة
وبجلسة 26/ 5/ 2015 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بالغاء القرار الاداري المطعون عليه رقم 968 لسنة 2014 وما يترتب على ذلك من اثار على النحو المبين بالاسباب والزمت الجهة الادارية بان تؤدي للمدعين مبلغ خمسة آلاف وواحد دينار على سبيل التعويض الموقت والمصروفات وخمسمئة دينار مقابل اتعاب المحاماة الفعلية ورفضت ما عدا ذلك.
وقد شيّدت المحكمة قضاءها - وبعد تكيفها لطلبات الـمُدعين بقبول الدعوى شكلا ًوفي الموضوع أولاً: بإلغاء قرار مجلس الوزراء رقم 968 لسنة 2014 في ما تضمنه من سحب شهادة جنسيتهم وممن يكون قد كسبها معهم بالتبعية مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها إعادة شهادة الجنسية إليهم وإلى من يكون قد كسبها معهم بالتبعية.
ثانياً: إلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي لهم مبلغ 5001 د.ك على سبيل التعويض الموقت من الأضرار المادية والأدبية مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة الفعلية وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وتنفيذه بموجب مسودته بغير إعلان وبغير وضع صيغة تنفيذية عليه عملاً بالمادة 191 من قانون المرافعات.
وبعد رفضها الدفع الـمُبدى من الحاضر عن الجهة الإدارية بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وذلك تأسيساً على أن طلبات المدعين تتعلق بالحكم بإلغاء القرار المطعون فيه في ما تضمنه من سحب شهادة جنسيتهم وممن يكون قد كسبها معهم بالتبعية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، ومن ثم فإن دعواهم تدخل في نطاق الحقوق المستمدة من كونهم يحملون الجنسية الكويتية بالفعل ومنها حقهم في استخراج شهادة جنسية لهم والتي تعد وثيقة لإثبات جنسيتهم وليس لمنحهم الجنسية ابتداء وكل ذلك يعتبر من آثار ثبوت الجنسية ومترتبة عليه وليس نزاعاً حول استحقاقهم أو عدم استحقاقهم الجنسية الكويتية، ولما كان ذلك كذلك فإن طلبات المدعين لا تتعلق في شأن من شؤون الجنسية منحاً أو منعاً وهو ما تختص به الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية وفقاً للبند الخامس من المادة الأولى من قانون إنشاء الدائرة الإدارية رقم 20/1981 وتعديلاته وعلى ذلك بات الدفع المشار إليه على غير سند من القانون وصار من المتعين القضاء برفضه.
وقد شيدت المحكمة قضاءها - بالنسبة لإلغاء القرار المطعون فيه على سند بأن الـمُشرع وفقاً لنص المادتين الثانية والتاسعة عشر من قانون الجنسية الكويتية - قد كشف بهذين النصين عن مُراده في استحقاق الجنسية الكويتية لكل من ولد لأب كويتي لتصبح الجنسية بقوة القانون لصيقة بواقعة الميلاد دون حاجة إلى صدور قرار بذلك من الجهة الإدارية أو أي إجراء آخر متى ثبت على وجه قاطع نسبه للمولود إلى أب كويتي وفي هذه الحالة أوجب المشرع على رئيس دوائر الشرطة والأمن العام منح كل من تثبت له الجنسية الكويتية بقوة القانون على النحو المتقدم شهادة بالجنسية الكويتية دون أن تكون له أدنى سلطة تقديرية في هذا الشأن، باعتبار أن لفظ يُعطي الوارد بصدر المادة 19 من قانون الجنسية قد جاء بصيغة الوجود على أساس أن شهادة الجنسية تعتبر عنواناً لكويتية كل مواطن كويتي يُشرف بها داخل وطنه وخارجه، وأن هذه الجنسية لا تُفقد ولا تسقط عن حاملها إلا لأسباب محددة على سبيل الحصر في المرسوم القانون المشار إليه ومن بين تلك الأسباب ما ورد بنص المادة 121 مكرر - أ - من أنه تُسحب شهادة الجنسية الكويتية إذا تبين أنها أعطيت بغير حق - بناء على غش أو أقوال كاذبة أو شهادات غير صحيحة ويكون
السحب بقرار من مجلس الوزراء بناء على عرض وزير الداخلية وينبغي على ذلك سحب الجنسية الكويتية ممن يكون قد اكتسبها عن حامل تلك الشهادة بطريق التبعية.
ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعين حصلوا على الجنسية الكويتية وفقاً للمادة الأولى من المرسوم رقم 15 لسنة 1959 بقانون الجنسية الكويتية وهو ما يفيد أن والدهم المتوفى كان مواطناً في الكويت قبل سنة 1920 ومحافظاً على إقامته العادية فيها إلى يوم نشر القانون الأخير وثبوت نسبهم إليهم، ولما كان ذلك كذلك وكان الثابت من مساق وقائع الدعوى ومستنداتها أن سحب شهادة الجنسية الكويتية من المدعين وممن اكتسبها معهم بطريق التبعية بمقتضى القرار رقم 968/2014 المطعون عليه - إنما يعزى - حسبما أفصحت عنه جهة الإدارة إلى حصولهم على الجنسية الكويتية بناء على غش أو أقوال كاذبة وشهادات غير صحيحة مرتكنة في ذلك إلى المادة 21 مكرر أن المرسوم بالقانون رقم 15 لسنة 1959 ولا مراء في أن تلك العبارات عامة مرسلة ليس فيها ما يعين معناها أو يتأنى العلم بمضمونها أو الوقوف على فحواها ولا تنهض بذاتها سبباً معاً لحمل القرار المطعون فيه على صحته ما لم يقم الدليل على ثبوتها في الأوراق، ولما كان ذلك وكانت أوراق الدعوى خلت مما يقطع بما ذهبت إليه جهة الإدارة من حصول المدعين على الجنسية الكويتية نتيجة غش أو أقوال كاذبة أو بيانات غير صحيحة رغم تمكينها لتقديم ما يفيد ذلك أكثر من مرة، إلا أنها لم تُحرك ساكناً، وهو ما يوقع القرار المطعون عليه في دائرة عدم المشروعية لعدم ارتكانه إلى أُسس سليمة لها واقعها المترسب والراسخ بالأوراق وصار من المتعين القضاء بإلغائه في ما تضمنه من سحب جنسية المدعين وممن اكتسبها عنهم بطريقة التبعية، مع ما يترتب على ذلك من آثار أبرزها إعادة شهادة الجنسية الكويتية إليهم وإلى من اكتسبها معهم بطريقة التبعية.
وحيث انه عن طلب التعويض الموقت بمبلغ 5001 د.ك عن الأضرار المادية والأدبية، فإنه لما كانت المحكمة قد انتهت وفقاً لما سلف بيانه إلى ثبوت خطأ الجهة الإدارية عند إصدارها القرار المطعون عليه ومن ثم يقتصر دورها في بحث مدى توافر عناصر الضرر.
وحيث انه عن طلب المدعين للتعويض عن الأضرار المادية المتمثلة فيما فاتهم من كسب نتيجة إنهاء خدمتهم بسبب القرار المطعون عليه، فإنه لما كانت وقائع الدعوى ومستنداتها قد خلت مما يفيد إنهاء خدمة المدعين نتيجة القرار المطعون عليه وأنهم تبعاً لذلك أصيبوا بأضرار مادية بما يكون معه طلب التعويض من هذا النوع من الضرر قائماً على أساس غير سليم ويتعين رفضه.
وحيث انه عن الضرر الأدبي، فإنه لا مشاحة في أن القرار المطعون عليه مس المدعين بأضرار أدبية تمثلت بالألم والحسرة والإيذاء لشعورهم نتيجة صدور القرار المطعون عليه ومعاناتهم طوال مرحلة التقاضي حتى حصولهم على حقهم وكافة الآلام النفسية الأخرى التي يشعرها صاحب الحق المسلوب، الأمر الذي ترى معه المحكمة بإجابة المدعين لطلبهم لهذا النوع من الضرر، الامر الذي تقدره المحكمة بمبلغ 5001 د.ك على سبيل التعويض الموقت.
وحيث أنه عن طلب شمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة وتنفيذه بمسودته وبغير اعلان ومن دون وضع صيغة تنفيذية عليه، فان المحكمة لا ترى موجبا لذلك عملا بحكم المادتين 191، 194 من قانون المرافعات.
ولم يلق هذا القضاء قبولا لدى الجهة الادارية المدعى عليها فطعنت عليه بالاستئناف الماثل بصحيفة اودعت ادارة كُتاب هذه المحكمة بتاريخ 27/ 5/ 2015 طلبت في ختامها الحكم بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بالغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا اصليا: عدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى الغاء وتعويضا. احتياطيا: برفض الدعوى الغاء وتعويضا.
وفي أي من الحالتين بالزام المستأنف ضدهم بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقد ساقت الجهة الادارية لاستئنافها - اسبابا - حاصلها مخالفة الحكم المستأنف للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك على سند من القول بان الحكم بسط رقابته القضائية على القرار المطعون فيه ثم قضى بالغائه وما يترتب عليه من آثار وبالزام جهة الادارة بان تؤدي للمستأنف ضدهم مبلغ 5001 د.ك على سبيل التعويض الموقت وذلك على النحو المبين باسباب الحكم المستأنف مع المصروفات خمسمئة دينار ومقابل اتعاب المحاماة الفعلية، على الرغم من تعلقه بمسألة من مسائل الجنسية الكويتية المحظور على القضاء ولائيا بنظرها وما ذهب اليه الحكم الطعين غير سديد ومردود عليه بما نصت عليه المادة الاولى من المرسوم الاميري رقم 19/ 1959 في شأن قانون تنظيم القضاء على أن تختص المحاكم بالفصل في جميع المنازعات... إلا ما استثنى بنص خاص.
كما تنص المادة الثانية من ذات القانون على أن «ليس للمحاكم أن تتطرق اعمال السيادة».
ثم تلا ذلك صدور القانون رقم 20/ 1981 بانشاء الدائرة الادارية بالمحكمة الكلية فنصت المادة الاولى منه على أن «تنشأ بالمحكمة الكلية دائرة ادارية تشكل من ثلاثة قضاة وتشتمل على غرفة أو اكثر حسب الحاجة، وتختص دون غيرها بالمسائل الآتية، وتكون لها ولاية قضاء الالغاء والتعويض اولا:................ ثالثا:................ رابعا:................ خامسا: الطلبات التي يقدمها الافراد أو الهيئات بالغاء القرارات الادارية النهائية عدا القرارات الصادرة في شأن مسائل الجنسية واقامة وابعاد غير الكويتيين وتراخيص باصدار الصحف والمجلات ودور العبادة.
ثم صدر بعد ذلك قانون تنظيم القضاء رقم 23/ 1990 فنصت المادة الثانية منه على أن «ليس للمحاكم أن تنظر في اعمال السيادة».
ومؤدى ما تقدم أن المشرع منذ صدور القانون رقم 19/ 1959 في شأن تنظيم القضاء وقانون انشاء الدائرة الادارية رقم
20/ 1981 وحتى صدور قانون تنظيم القضاء رقم 32/ 1990 قد قرر صراحة استبعاد القرارات المتعلقة بمسائل الجنسية من ولاية القضاء فحجب الرقابة القضائية عنها ايا ما كانت تلك القرارات من حيث المنح أو السحب أو الاسقاط وكذلك جميع التصرفات التي ترد على الجنسية، وهذا ما اكدته احكام القضاء الدستوري والاداري، وعليه ولما كان المستأنف ضدهم قد اقاموا الدعوى المستأنف حكمها بطلب الغاء قرار مجلس الوزراء رقم 968/ 2014 فيما تضمنه من سحب شهادة الجنسية الخاصة بهم وبسحب الجنسية الكويتية ممن يكون قد اكتسبها عن حامل تلك الشهادة بطريق التبعية مع تعويضهم بمبلغ 5001 د.ك على سبيل التعويض الموقت.
لما كانت تلك الطلبات متعلقة بمسألة من مسائل الجنسية التي أشار اليها قانون تنظيم القضاء رقم 23/ 90 في المادة الثانية منه وكذلك اشارت اليها المادة الاولى من قانون انشاء الدائرة الادارية رقم 20/ 1981 وهو ما يدخل ضمن اعمال السيادة والتي تخرج عن نطاق اختصاص القضاء فلا يتسع ليشملها برقابته الغاء أو تعويضا وهو ما يعني تقرير عدم اختصاص القضاء ولائيا بنظر هذه المنازعة الماثلة.
وخلصت الجهة الادارية المستأنفة إلى طلباتها المشار اليها، وتدوول نظر الاستئناف امام المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 3/ 11/ 2015 قدم الحاضر عن الحكومة حافظة مستندات ومذكرة دفاع صمم في ختامها على الطلبات الواردة بصحيفة الاستئناف كما حضر محامي المستأنف ضدهم وطلب تأييد حكم أول درجة ورفض الاستئناف وقررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر واودعت مسودته المشتملة على اسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
وحيث أن الاسئتناف قد استوفى سائر الاوضاع المقررة قانونا فإنه يكون مقبولاً شكلا.
وحيث إنه عن الموضوع وعن الدفع المبدئي من الجهة الادارية المستأنفة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى الغاء وتعويضا.
فإنه لما كان القانون هو الذي يحدد اختصاص المحاكم وذلك كله اعمالا لحكم المادة 164 من الدستور والتي تنص على أن القانون هو الذي بين وظائف المحاكم واختصاصاتها وكانت المادة الاولى من المرسوم الاميري رقم 19 لسنة 1959 في شأن قانون تنظيم القضاء تنص على أن «تختص المحاكم في جميع المنازعات... إلا ما استثني بنص خاص:
وتنص المادة الثانية من ذات القانون على أنه ليس للمحاكم أن تنظر اعمال السيادة كما نصت المادة الاولى من القانون رقم 20 لسنة 1981 بانشاء الدائرة الادارية بالمحكمة الكلية على ان تنشأ بالمحكمة الكلية دائرة ادارية تشكل من ثلاثة قضاة وتشتمل على غرفة أو اكثر حسب الحاجة، وتختص دون غيرها بالمسائل الآتية وتكون لها فيها ولاية قضاء الالغاء والتعويض. أولاً:...... ثانياً:...... ثالثاً:...... رابعاً:...... خامساً: الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية عدا القرارات الصادرة في شأن مسائل الجنسية وإقامة وإبعاد غير الكويتيين وتراخيص إصدار الصحف والمجلات ودور العبادة.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم ووفقاً لما استقر عليه قضاء التمييز أن أعمال السيادة هي تلك الأعمال التي تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة وهي بطبيعتها أعمال إدارية ولكنها تخرج من ولاية المحاكم وقد ترك المشرع بما نص عليه في المادة الثانية من القانون رقم 19/1959 بقانون تنظيم القضاء - أمر تحديدها للقضاء إكتفاء بإعلان مبدأ وجودها، ذلك أن ما يعتبر عملاً إدارياً قد يرقى في ظروف وملابسات سياسية في دولة ما إلى مرتبة أعمال السيادة، كما أن ما يعتبر عملاً من أعمال السيادة قد يهبط في ظروف أخرى إلى مستوى الأعمال الإدارية، لما كان ذلك وكان مفاد ما أوردته نصوص قانون الجنسية الكويتية ومذكرته الايضاحية أن مسائل الجنسية في دولة الكويت وما يتعلق بها من قرار ات تتسم بطابع سياسي أملته اعتبارات خاصة تتعلق بكيان الدولة ذاته لتحديد شعب الكويت ومن يجوز له حمل الجنسية عند تأسيس الوطن لأول مرة وكل ما يتصل بمسائل الجنسية من قرارات بمراعاة تلك الاعتبارات وفي نطاق ما تمليه تلك الظروف الاجتماعية التي تقتضي حياته الدولة وتحقيق أمنها والمحافظة على كيانها في الداخل، وهي بهذا تعد من أعمال السيادة التي تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة، لما كان ذلك وكان ما نصت عليه الفقرة الخامسة من المادة الأولى من قانون إنشاء الدائرة الإدارية من استبعاد القرارات الصادرة في مسائل الجنسية من اختصاص تلك الدائرة لا يعدو أن يكون تأكيداً من الشارع باعتبار تلك المسائل من أعمال السيادة التي تخرج من ولاية المحاكم وهو ما نصت عليه المادة الثانية من قانون تنظيم القضاء سالفة الذكر.
إلا أن محكمة التمييز قد وضعت مبدأ فيمن يولد في الكويت أو الخارج لأب كويتي تواترت عليه أحكامها مقررة بأن النص في المادة 2من المرسوم رقم 15 لسنة 1959 في شأن قانون الجنسية الكويتية على أن «يكون كويتياً كل من ولد في الكويت أو في الخارج لأب كويتي». يدل، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، أن المشرع أرسى قاعدة عامة مؤداها أن كل من ولد في الكويت أو في الخارج لأب كويتي يكون كويتياً وكشف المشرع بذلك عن مراده في استحقاق الجنسية الكويتية الأصلية لكل من ولد لأب كويتي لتصبح الجنسية بقوة القانون لصيقة بواقعة الميلاد دون حاجة إلى صدور قرار بذلك من الجهة الإدارية، وأي إجراء آخر متى ثبت على وجه قاطع دون منازعة تسلسل المولود عن أب كويتي وثبوت نسبه منه، وقرارات الجهة الإدارية في هذا الشأن تخضع لرقابة القضاء الإداري، ولا يعد ذلك فصلاً في مسألة من مسائل الجنسية التي استبعدها المشرع في البند خامساً من المادة الأولى من القانون رقم 20 لسنة 1981 المعدل بإنشاء دائرة إدارية بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية من ولاية القضاء، وإنما هو إعمال صريح لحكم القانون في شأن حق مستمد منه مباشرة وهو ما يختلف عن الأحوال الأخرى لاكتساب الجنسية التي لا تتم إلا بطريق المنح بقرار من الجهة الإدارية المختصة وفقاً للضوابط والإجراءات المبينة في قانون الجنسية وهو ما يتسم بطابع سياسي يرتبط بكيان الدولة وحقها في اختيار من يضم إلى جنسيتها في ضوء ما تراه وتقدره وهذه الحالة الأخيرة هي التي تعد صورة من صور أعمال السيادة لصدورها من الحكومة بوصفها سلطة حكم لا سلطة إدارة، ومن أجل ذلك أخرجها المشرع من ولاية القضاء.
وهذا الاتجاه من محكمة التمييز مرده أن الجهة الإدارية تنفذ حكم القانون ولا تمارس سلطة الحكم وبالتالي فإنه إذا ما توافرت إحدى حالات إسقاط الجنسية الواردة بالمادة 14 من المرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959 بقانون الجنسية الكويتية، فإن القضاء يختص بنظر هذا القرار «في هذا حكم المحكمة الإدارية الحادي عشر بالدعوى رقم 2118/ 2013 المؤيد من محكمة الاستئناف بالاستئناف رقم 192/ 2014 إداري/3 جلسة 17/2/2015».
فضلاً عن ذلك فإنه لا يحق للجهة الإدارية إعمال حالات السحب الواردة بالمادة 13 من القانون سالف الذكر على مثل هذه
الحالة لانه حصل على جنسيته برابطة الدم كونه ولد لاب يحمل الجنسية الكويتية، سواء اكتسبها الاب بالمنح من الجهة الادارية أو بسبب رابطة الدم، فالسحب لا يقع ولا يكون إلا لمن تم منحه الجنسية الكويتية من الجهة الادارية كونها سلطة حكم لا سلطة ادارة، فاذا ما فعلت - أي سحبت جنسية من ولد لاب يحمل الجنسية الكويتية - فان قرارها في هذه الحالة يكون معدوما ويختص القضاء بنظره لمخالفته القانون طالما ظلت رابطة الدم مستمرة ولم تنتف (في هذا الحكم الصادر في الدعوى رقم 2310 لسنة 2014 اداري 11 المؤيد بالاستئناف رقم 787 لسنة 2015 اداري/ 6 جلسة 18/ 10/ 2015) وما ذلك إلا لكون المحكمة لا تراقب مسألة من مسائل الجنسية وانما مدى مشروعية هذا القرار - سواء كان سحبا أو اسقاطا - في ظل كون الصادر بشأنه القرار يتمتع قانونا بالجنسية الكويتية والا ادى بناء ذلك إلى نتيجة غير منطقية هو امكانية عبث الادارة بأحكام القضاء بان تقوم الاخيرة (جهة الادارة) بتنفيذ احكام المحاكم بالغاء القرار السلبي بالامتناع عن منح الجنسية لمن ولد لاب يحمل الجنسية الكويتية، وبعد التنفيذ تقوم بسحب الجنسية أو اسقاطها وتتمسك بعدها بعدم اختصاص القضاء بنظر هذه القرارات مما يفرغ الاحكام القضائية بهذا الشأن من مضمونها ويدخلنا في دائرة العبث بالاحكام والقانون.
ولما كان ما تقدم جميعا وكانت الاوراق قد كشفت وبجلاء تام وبلا نزاع بين الخصوم فيه، أن المستأنف ضدهم لم يكن والدهم حاملا للجنسية الكويتية حتى وفاته - وقد قرر المستأنف ضدهم بصحيفة الدعوى المستأنف حكمها بان والدهم لم يحصل على شهادة الجنسية الكويتية حتى وفاته وان المستأنف ضده الأول لم يتقدم بطلب حصوله على شهادة الجنسية الكويتية إلا بعد بلوغه هو وباقي المستأنف ضدهم - ومؤدى ذلك ولازمه انهم لم يكتسبوا الجنسية الكويتية تبعا لوالدهم برابطة الدم وبالتالي فان الجهة الادارية هي التي منحتهم الجنسية الكويتية بوصفها سلطة حكم وعليه فإنه لا يسري بشأنهم نص المادة الثانية من قانون الجنسية سالف الذكر والتي جرى احكام محكمة التمييز على اختصاص القضاء الاداري بنظر المسائل المتعلقة بها - وبالتالي فان ما عدا ذلك يخرج عن اختصاص القضاء الاداري بحسبانه من المسائل المتعلقة باعمال السيادة.
لما كان ذلك كله جميعا وكانت محكمة اول درجة قد رفضت الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، مستندة في ذلك إلى أن المستأنف ضدهم يحملون الجنسية الكويتية بالفعل باعتبار أن والدهم كويتي الجنسية وفقا للمادة الثانية من قانون الجنسية سالف الذكر، رغم عدم صحة ذلك، وهو استدلال فاسد يخالف الثابت بالاوراق، مما جرها للفصل في موضوع الدعوى مخالفة بذلك القواعد المستقرة في هذه المسألة، بما يتعين معه والحال كذلك الغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى. وحيث انه عن المصروفات فيلزم بها المستأنف ضدهم عملا بحكم المادة 119/ 1، 147 مرافعات.
فلهذه الاسباب حكمت المحكمة: بقبول الاستئناف، شكلا وفي الموضوع بالغاء الحكم المستأنف فيما قضى به وبعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وألزمت المستأنف ضدهم المصروفات وعشرين دينارا مقابل اتعاب المحاماة.
حيثيات الحكم
- قانون تنظيم القضاء قرر صراحة استبعاد مسائل الجنسية من ولايته
- قانون «الدائرة الإدارية» جعل «الجنسية» من أعمال السيادة الخارجة عن اختصاص القضاء
- والد البرغش لم يحمل الجنسية الكويتية ولم يتقدم بطلب الحصول عليها
- المستأنفون حصلوا على الجنسية منحاً من الحكومة لا اكتساباً من أب كويتي
- منح الجنسية عمل سيادي يصدر من الحكومة بوصفها سلطة حكم لا إدارة
- القانون قرر للدولة الحق في اختيار من يحمل جنسيتها في ضوء ما تقدره