«عودة الفينيق»... حكاية لبنان الحاضر بأحداث وشخصيات من الماضي

تصغير
تكبير
| بيروت - من محمد حسن حجازي |

رعى الاستاذ منصور الرحباني مع اولاده الثلاثة اسامة ومروان وغدي اطلاق المسرحية الجديدة «عودة الفينيق»، التي افتتحت ليل 19 اغسطس الجاري وتستمر لستة عروض على خشبة رحبة وطبيعية هي قلعة مدينة جبيل الاثرية التاريخية، ضمن اطار مهرجانات بيبلوس الفنية 2008 التي تقدم هذا العمل كختام لنشاطها هذا العام.

التاريخ يحضر بقوة، لكن الحاضر لا يغيب ابداً. فالفراعنة والحثيون واهل جبيل وقادتهم يؤشرون سريعاً على محيطنا الاقليمي، وعندما تسخن اكثر يتم التأشير على الارتباط القوي بالقوى العظمى، وتلفتنا المسرحية الى ان لبنان، هذا الوطن الصغير هو اليوم كما كان بالامس، مطمعاً لجيرانه، ولكل القوى العظمى، ولطالما عرف خونة، وارتباطات من ابنائه بقوى متناحرة تتقاتل عليه، ولطالما كان هناك ثوار همهم العمل على تحرير الناس، وجعلهم يعيشون حياتهم على افضل ما يرام.

وتبدو الصورة المنهجية في التركيز، هي ان الحل بيد الاشراف، والاخيار من المجتمع، هو ما يطرح استفهاماً هنا حول العلاقة العاطفية التي تبنيها «هبة طوجي» ابنة الملك «انطوان كرباج» بقائد الثوار «غسان صليبا» وكم قدمت في اطار دحر المؤامرات على البلاد وصد الحثيين بعد الفراعنة المصريين.

ويؤمن نص العمل «منصور الرحباني» كم ان هناك جواسيس يشتغلون على التناقضات ويبدون وداً وايجابية في التعاطي بينما هم في واقع الامر يقومون بابشع الاعمال، ولا تخلو اجواء العمل من الكلام عن الحرية ودور الناس في استردادها ولمنع الفساد، وعن المسؤولين وهناك عبارة: المسار والمصير، تتردد اضافة الى بعض العبارات التي يتلفظ بها سياسيون، فيما اعتبر كثيرون ان هناك اشارات ضد اطراف لبنانية محسوبة على المعارضة، او حين ذكر كلمة المعارضة سلباً، من خلال ما يقال بشكل مباشر عن الثوار ومعنى ثورتهم في هذه الفترة من تاريخ لبنان.


ممثلون

لا يزال الفنان انطوان كرباج يؤمن جانباً من الذكرى الراقية لاعمال الرحابنة الكبيرة التي كان فيها ركناً تمثيلياً الى جانب نجمي الغناء السيدة الكبيرة فيروز والراحل الكبير نصري شمس الدين، واذا بصوته حين يصدح يذكرنا بأجمل ما في مخزوننا الذهني من صور وذكريات، وهنا لم تكن له محطات ارحب من السابق، بل هو اخذ المكانة الجيدة في سياق الاحداث. وحضرت تقلا شمعون فرج الله في دور مركب على عادتها في جميع ملامح حضورها المسرحي خصوصاً مع شكيب خوري وقدمت ما يمكن اعتباره محور الشر في المسرحية لكن بخصوصية متميزة جداً في الصوت والحركة.

واطلالة رفعت طربيه بدت شرفية اكثر منها فاعلة في السياق، بينما نزيه يوسف يقدم شخصية مقنعة للقائد الحثي القاسي والذي لا يرحم، وهو مناخ يلغي عنه قيمة ما يقدمه كوميدياً على الشاشة الصغيرة.

أما غسان صليبا هذا الرائع في الطلة والصوت الغنائي لم يتبدل في حضوره الرحباني، لكن زميلته: هبة طوجي كانت مفاجأة المسرحية فهي تقف للمرة الاولى على المسرح، فكانت واثقة بصوت قوي، وحركة عفوية جيدة جداً، مساحات واسعة ورحبة وصاحبته، جميلة ومنطلقة على الخشبة كما اصحاب الخبرة الرائعين، ولن نستغرب ان نراها في وقت لاحق بطلة رائعة في اعمال اخرى.

موسيقى المسرحية

ان ما احببناه من جمل مصاغة بطريقة جديدة خاصة، كان معبراً حقيقياً عن سلوك اسامة النغمي حيث يمزج بين الاعمال العالمية المعروفة، وبين روحية عصرية تلفت هذا الفنان المثقف والذي يملك رؤية مختلفة عن باقي الرحابنة في الاطار الخاص بالجيل الثاني منهم.

الإخراج

مروان تولى الاخراج، بكل ما فيه من خصوصية الميل الى المشهدية الخاصة بالفرح، والتي تعتبر ان التوازن المطلوب لا يبتعد في كثير عن العفوية في طرح باقي الشخصيات في المسرحية التي تتميز في صورتها البارزة بان لكل منها اطارها في النص، كما في الاعداد المسرحي الذي تولاه المخرج ميشال جبر. رقص، تمثيل، اضاءة ديكور كل هذا نجده موظفاً بشكل مميز في العمل.

حضور

حفل الافتتاح حضره رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ووزير الاعلام طارق متري، ولاحظنا وجود السفير المصري احمد البديوي اضافة الى شخصيات فنية (الياس الرحباني) واجتماعية وسياسية لكن الملاحظ ان مقاعد الصالة او المكان الرحب في القلعة لم يكن ممتلئاً عن آخره.

وقد لاحظنا فعلياً عشرات المقاعد فارغة وموزعة في اكثر من مكان، ولم يكن ممكناً معرفة السبب رغم تحدثنا الى المخرج مروان في فترة الاستراحة بين الفصلين الذي وقف بين الناس مع انجاله الثلاثة: منصور وطارق وكريم. اضافة الى عمر نجل غدي الذي قدم كليباً موسيقياً مع اربعين عازفاً اهداه للجيش اللبناني في عيده، والفتى يبلغ الثامنة عشرة من عمره.




الاضاءة جزء من التعبير الحركي

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي