5 نوفمبر 2015
12:00 ص
629
من المعلوم أن الله جل جلاله أكرم البشر بالعقول التي بها يميزون الصحيح من الخطأ، وتساعدهم في اتخاذ القرارات الصائبة والاعتقاد بمبادئ وقناعات واعتقادات تحميهم في الحياة الدنيا وتنجيهم في الحياة الآخرة، في الحقيقة إن العقل الذي هو أداة التفكير محله ومسكنه القلب كما هو المنظور الشرعي الديني، لورود العديد من الآيات الدالة على أن القلب في نظر الإسلام هو مصدر التوجيه والقيادة في الإنسان الذي يضله ويهديه، كما قال تعالى في محكم تنزيله: {لهم قلوب لا يفقهون بها} وقال جل جلاله: {لهم قلوب يعقلون بها} وقال أيضاً: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}، ولم يقل عقول يعقلون بها أو على أدمغة أقفالها، فمن هذا المنطلق أتت الشريعة الإسلامية محافظةً على هذا العضو الفعال المهم في جسد الإنسان وداعية لهذه المحافظة كذلك، لأن الحياة الدنيا مليئة بالمزالق والمحكات والمغريات الباعثة للوقوع في الآثام والذنوب الضارة المفسدة لهذا القلب، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)، لذلك كان حقيقاً علينا البحث والتقصي للحفاظ على سلامة قلوبنا وعقولنا، فمن بحث واستفسر وجد أن للقلب مفاتيح تغلقه وتحكم إغلاقه لتحول دون دخول الآثام، إنهما السمع والبصر، إن تحديد أحدنا واختياره لسماع ومشاهدة أمور خالية من الدنس والكدر والرجس سبيل للراحة في الحياتين، وعلى الطرف الآخر عدم انتقائنا لما نرى ونستمع يساعد على توغل المفاسد لهذه العضلة الجوهرية في أبداننا، وكلما تساهلنا في النظر للمكروه والحرام أو الاستماع له كلما اعتدناها وألِفناها وزال عن أذهاننا استهجانها، إن بمحافظتنا على أسماعنا وأبصارنا صيانة لعقولنا وقلوبنا ونجاة لأرواحنا... فاحفظهما تُحفَظ.