كان يعتبر الكويت «حليفاً إستراتيجياً» للعراق ويدعو إلى علاقات متينة معها

أحمد الجلبي الذي أقنع بوش بإسقاط صدام ... رحل بهدوء في بغداد

u0623u062du0645u062f u0627u0644u062cu0644u0628u064a
أحمد الجلبي
تصغير
تكبير
غاب السياسي العراقي البارز والنائب في البرلمان أحمد الجلبي الذي يعزى إليه إقناع الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش بغزو العراق في العام 2003 وإسقاط نظام صدام حسين، عن 71 عاما إثر نوبة قلبية ألمت به في منزله في الكاظمية شمال بغداد.

كان الجلبي يعتبر الكويت «حليفا استراتيجيا للعراق»، وفق ما قال هو نفسه في تصريح لوكالة «كونا» في العام 2007، وكان يدعو الى علاقات متينة مع الكويت التي زارها مرات عدة إحداها بصفته نائبا لرئيس الوزراء في العام 2005، واجتمع حينها بسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي كان رئيسا للوزراء.


والجلبي، الحاصل على دكتوراه في الرياضيات من جامعة شيكاغو، هو العراقي الذي كانت له العلاقة الأوثق ببوش الابن الذي اتخذ قرار غزو العراق واسقاط صدام، اذ كان قد أقام علاقات وثيقة مع سياسيين جمهوريين أصبحوا نافذين في عهد بوش الابن، ومع شبكة من العراقيين في المنفى الذين كانوا يعملون ضد نظام صدام.

لم تكن علاقة الجلبي بالأميركيين دائما سهلة، فهو حصل على ملايين الدولارات من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي)، لكن إدارة بوش نأت بنفسها عنه، بعد ان تعرضت لانتقادات على خلفية أن المعلومات التي نشرتها في حينه بشأن امتلاك نظام صدام لأسلحة الدمار الشامل وصلاته بتنظيم «القاعدة»، كان مبالغا فيها.

وبعد سنة واحدة من الغزو، داهمت قوات أميركية خاصة منزله في بغداد، بحثا عن دليل بعد ان اشتبهت بانه كان يتجسس لحساب إيران، لكنها لم تعثر على مثل هذا الدليل.

وتعرض الجلبي الذي حافظ على علاقات وثيقة بالمرجعية الشيعية في النجف، لمحاولة اغتيال في العام 2008، حين نجا بفارق بسيط من هجوم انتحاري أسفر عن مقتل ستة من مرافقيه. كما تحالف الجلبي، بعد تراجع علاقته بالأميركيين، مع رجل الدين مقتدى الصدر الذي كان يقود «جيش المهدي» الذي نسب إليه قتل عدد كبير من الجنود الأميركيين في العراق.

ظل الجلبي من الشخصيات العراقية التي يحسب لها حساب، فاظل نائبا في البرلمان على الدوام منذ اجراء أول انتخابات في البلاد بعد الغزو، طرح اسمه في العام الماضي لتولي منصب رئيس الوزراء بعد الانتخابات التي استقال اثرها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، إلا ان الأمور رست على رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي.

ولد الجلبي في اكتوبر 1944، لأسرة ثرية معروفه اذ يعد والده عبد الهادي الجلبي من المقربين للسياسي العراقي نوري السعيد، وشغل والده مناصب وزارية عدة قبل ان يضطر لمغادرة العراق بعد ثورة 1958 واعلان الجمهورية فتنقل لسنوات بين الاردن ولبنان والولايات المتحدة الاميركية.

وعاد الجلبي الذي تزعم حزب «المؤتمر الوطني العراقي» في مطلع تسعينيات القرن الماضي الى العراق للمشاركة في حركة المعارضة لنظام صدام حتى العام 1997، انطلاقا من اقليم كردستان الشمالي.

وشكل المؤتمر الوطني العراقي عام 1992، ويضم قوى واحزابا ومنظمات عراقية وشخصيات علمية وادبية للعمل على المستوى الخارجي انذاك.

وبسبب قضائه سنوات طويلة خارج البلاد، لم يكن الجلبي معروفا بشكل واسع في داخل العراق الامر الذي حد من قدرة حزبه على لعب دور بارز خلال سنوات العنف الطائفي التي ضربت العراق خلال الاعوام التي اعقبت اجتياح البلاد.

أصبح الجلبي عضوا في «مجلس الحكم الانتقالي» الذي تولى ادارة البلاد بعد الاجتياح، وقد تولى رئاسته الدورية.

وشغل مناصب مهمة بينها نائب رئيس الوزراء، اضافة الى توليه مسؤولية رئاسة هيئة المساءلة والعدالة الخاصة باجتثاث عناصر حزب البعث المنحل.

وفي المقابل، كانت ثمة مزاعم بالفساد ضده، اذ ادانته محكمة اردنية باختلاس اموال من بنك البتراء العام 1992، لكنه أكد وجود دوافع سياسية وراء الاتهامات، وبعد مرض الملك حسين ومكوثه في المستشفى في شيكاغو التقى بالجلبي وبرأه من هذه المزاعم.

فطوال مدة إدارته لبنك البتراء، في الثمانينيات، كان الجلبي يعلن معارضته الواضحة للنظام البعثي في وقت كانت فيه المملكة الأردنية تفتح موانئ العقبة أمام تجارة السلاح المتدفقة إلى العراق، وخرج من عمان العام 1989، ليعود الى بريطانيا.

وتزوج من عائلة عسيران اللبنانية وقام السيد موسى الصدر بعقد قرانه، وهذا يؤكد الصلات المستمرة والوثيقة مع عائلة الصدر بشقيها العراقي، حيث سعى لاخراج الشهيد محمد باقر الصدر، لكن العلامة الصدر فضل البقاء، والشق اللبناني ممثلا بالسيد موسى الصدر عميد العائلة هناك.

وفي ما يتصل بحيثيات وفاته، أكد النائب السابق قاسم الداود لـ «الراي» أنه والجلبي وعزت الشاهبندر لبوا دعوة عشاء أول من أمس في أحد المطاعم حيث تناولوا العشاء وعاد كل منهم إلى بيته، ومن ثم توفي الجلبي في سريره وهو نائم.

ونعى مجلس النواب العراقي «ببالغ الحزن والاسى فقيده النائب احمد عبد الهادي الجلبي، رئيس اللجنة المالية الذي وافاه الاجل صباح اليوم (أمس) اثر نوبة قلبية».

واعرب مسؤولون بارزون بينهم الرئيس فؤاد معصوم عن اسفهم لرحيل الجلبي.

واكد بيان للرئاسة «كان للفقيد دوره المحوري مع أبرز قيادات العراق في محاربة الدكتاتورية والعمل على تقويضها (...) فقدان الجلبي في مثل هذه الظروف خسارة كبيرة».

من جهته، اعرب وزير الداخلية محمد الغبان عن اسفه لرحيل الجلبي في بيان موضحا ان «العراق خسر برحيله سياسيا واقتصاديا بارعا».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي