نص / قدرك أن تكوني شهرزاد!

تصغير
تكبير
كلما همت بتمزيق قفطان التراث وكسر خلخال القيد، يجعرون بصوت الظلم:

- «يا حاااااجب، هل سيفك ما زال بغمده؟

فترتعد فرائصها، لتتقافز الكلمات تروي بها ما يفرحهم، لتجعل من نفسها مركباً يُتَحَكّمْ بأشرعته، يجول بهم لكل موانئ الدنيا، تتفوه وتتفوه حتى تتأوه، فتبتلع صرختها عندما تتذكر نصل سيف الحاجب، وصوت صريره الحاد، فتتخيل مروره على نبض عنقها ليمزقه، فتصارع الليلة تلوى الليلة، لان قدرها أن تكون شهرزاد، رغم أنها لم تُشْتر من نخاس، ولم تكن هدية تاجر من التجار، ولكنه عُرف بالٍ أوهمها، بأن قدر المرأة أن تكون طائعة، خانعة، هينة، لينة، التي تشعل الليالي، وهي من يُلْقى عليها عبء أخطائهم لإصلاحها نهاراً، ومربية شعبهم، والتقاط وتنظيم كل مايسقط منهم.

هكذا كانت تُتمتم الجدات:» لتحمي نفسك من الجبروت ولتنالي الرضا وينام السيف، إنسي أمر حقوقك،

الى أن سرقوا شعاع النهار ولم يعد هناك سوى الليل وحده يكسو مقلتيها بكحله الأسود.

وفي ليلة ما، سكتت عن الكلام المباح، بكل بساطة انتصر التعب، وغمرها النوم بسلطانه قبل انقضاء ما عليها إتمامه، فاغتاظ شهريار الظلم والقمع وبدأ يزمجر ويزبد وينتفخ ويصيح «ياحاجب، ياحاجب هل سيفك بغمده، هل أسننت سيفك؟

وهي مستمره في نومها العميق، والحاجب لا يُجيب، رَفَعَ صوته أكثر فأكثر، ليخرج من هذا المأزق، لتنتبه وتصحو على رعد صوته، حملها رعبها مهرولةً إلى الباب، مُحاولةً الهرب من القضاء المحتوم، فتحته وجلة مرتعبة لتجد أمامها، الهواء، وخيوط النهار، وزقزقات عصافير حرة ولا شيء سواها، لا حاجب ولاسيف وغمد.

تسمرت على عتبة الباب، عين تنظر للخلف، هناك من يشدها من رموشها البيضاء التي نبتت بتشوهات عدد السنين التي إنقضت، وتريها أرواحا هائمة تئن لمن كُنَ? قبلها، ومن استسلمن بعدها، والأخرى تنظر للأمام وهي تنبت برعم تلو برعم أخضر يشق جِفْنها، كأهزوجة أرض بقطرات المطر بعد صيف أقفر.

وقفت حائرةً هل تنحني لتكسر خلخال القيد، رافعةً عودها وهو يخلع قفطان الأمس، هل تقوم باستقامة لا انحناء بعدها، راحلةً مع يدِ النهار، أم تترك نفسها لصوت الجدات المتذمرة خلفها»قدرنا أن نكون شهرزاد، لينام السيف، لا تفتحي باباً قد أوصده العرف، إياكِ والتمرد على المُسلّمات، عند العادات يتوقف العقل، فعقل المرأة بنصف عقول من وضعوا التقاليد، فكلما انحنينا أكثر اشرأب عنفوان مختال، يُسمعنا الرضا، فإن انتصبنا حُكم علينا بالنبذ والزوال»... أم لِيدِ السياف الذي تسمع نداءتهم له ولا تراه، ضج الخط الفاصل على عتبة الباب بالأيدي والأصوات، وما زال شهريار ينتظر باقي الحكاية لينام قرير العين على ترانيم شهرزاده.

@sh5b6at
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي