المبدعون الصينيون : حفل الافتتاح لم يكن عرضا مهيبا فحسب

u0627u0644u0635u064au0646u064au0648u0646 u0643u0627u0646 u0644u0647u0645 u0642u0631u0635 u0641u064a u0643u0644 u0639u0631u0633
الصينيون كان لهم قرص في كل عرس
تصغير
تكبير

لقد صارت ليلة يوم 8 أغسطس 2008 في بكين محفورة دائما في تاريخ تطور الحضارة الصينية. ففي تلك الليلة، عرف العالم  عراقة وضخامة الثقافة الصينية، وتذوقوا عمق تاريخ الأمة الصينية الممتد 5000 سنة، وشعروا بالبهاء الفني المتدفق من الرواسب الثقافية العميقة. يرى علماء صينيون في بلدتي بكين وشانغهاي أن حفل افتتاح أولمبياد بكين ليس عرضا مهيبا فحسب، بل كان أيضا عملا عظيما ناجحا لبناء الثقافة الصينية ونشرها الخارجي. عن طريق التعبير عنها باستخدام اللغة العالمية للفن البصري.

و قال تشن شيه جيون رئيس متحف شانغهاي : إن حفل افتتاح أولمبياد بكين نجح في استخدام اللغة العالمية للفن البصري للتعبير عن القصص والعناصر الصينية بصورة واضحة ورائعة، مما ترك انطباعات عميقة جدا في نفوس المشاهدين. وخاصة أن القسم الأول من الحفل الافتتاحي كان يحكي تاريخ الصين الممتد 5000 سنة بصورة منتظمة ومركزة ورائعة وفصيحة وبأسلوب مقبول لدى البشرية كلها، من خلال القصص الصينية حول قرع «فو» (آلة موسيقية صلصالية قديمة) والمزولة والحوريات الطيارات الراقصات (اللواتي يظهرن في الرسوم الجدارية في كهوف دونهوانغ ) والطباعة بالحروف المتحركة وطريق الحرير القديم. ويعتبر حفل افتتاح أولمبياد بكين خشبة مسرح كبيرة متجهة نحو العالم لنشر مفهوم بناء التحديثات والحضارة الممتد تاريخها 5000 سنة في الصين.



قال البروفيسور قه جيان شيونغ في جامعة فودان بشانغهاي: إنني أهتم خصوصا بما جسده حفل افتتاح أولمبياد بكين من ثقة بالنفس للثقافة الصينية. في الماضي، كنا تنقصنا ثقة بالنفس أثناء نشر الثقافة الصينية في الخارج، وكنا دائما ما نجاري أذواق الأجانب. مثلا، نحب استخدام أغنية «الياسمين «دوما لانها قد استخدمت في أوبرا «توراندوت»، فهي معروفة لدى الأجانب.

 واضاف في الواقع أن في الصين أغاني كلاسيكية عديدة لم نجرأ على استخدامها في النشر الثقافي الخارجي، خوفا من أن الأجانب لا يفهمونها. أما في هذه المرة، فنعتبر أنفسنا العامل الأساسي في الموضوع، إذ ان رياضة الووشو والطائرة الورقية والحورية الطيارة الراقصة الأسطورية وأوبرا كونتشيوي ومسرحية الدمى المتحركة و«حوليات كنفوشيوس» وطلبة كنفوشيوس البالغ عددهم 3000 في الدراسة وغيرها عبرت عن خلاصة الثقافة الصينية بشكل شائع وجميل. وخاصة أن كلمة «الانسجام» - لب الثفافة الصينية التقليدية تم التعبير عنها وعرضها بصورة عميقة وواضحة أمام العالم أجمع بأسلوب الطباعة الحية. ونثق بأنه يمكن جعل العالم يعرف الصين بهذا الأسلوب لنشر الثقافة. كما أن حفل افتتاح أولمبياد بكين جسد أيضا موضوع «وضع الانسان في المقام الاول». وأن أغنية «غناء بالوطن» من صوت الطفلة، والعلم الوطني تحت حراسة الأطفال من 56 قومية، ومشهد عزف طفلة صينية على البيانو بصحبة الموسيقار لانغ لانغ، كل هذه نقلت صفة عامة للمجتمع الدولي في حب الأطفال.

و قال الرسام المشهور الصيني وو تشانغ جيانغ : إن حفل افتتاح أولمبياد بكين له شمولية قوية، وجسد الروح الأولمبية تمام التجسيد. وأن أعمق البرامج الفنية انطباعا هو عرض تشكيلة ممارسي ملاكمة التايجي وعملية تتابع حمل الشعلة الأولمبية وإيقاد الشعلة الرئيسية لأولمبياد بكين في أستاد «عش الطائر» الوطني. وقد أظهرت تشكيلة التايجي وهيئة لي نينغ في الجري حاملا معه الشعلة المقدسة في الهواء رجولة تامة تبرز روح الأمة الصينية. إن الثقافة التقليدية الصينية شاملة وعميقة، وتعظيمها يتطلب أن يدرسها الناس ويحموها على نحو دقيق وصبور وكامل. لا يمكن نيل الاعتراف من المشاهدين إلا التمسك بجوهر الثقافة التقليدية الصينية وما تحتوي عليه من التاريخ والثقافة والروح القومية. الشيء النادر هو روعة سحرية للمغزى الضمني أبداها حفل افتتاح أولمبياد بكين.

قالت العالمة يوي دان في وسيلة الاعلام التلفازية : إن أفضل النقاط في حفل افتتاح أولمبياد بكين هي إبداء روعة سحرية للمغزى الضمني للثقافة الصينية، وهذا شيء نادر جدا. فكانت سلسلة من العناصر الصينية تبدو شيئا فشيئا وموزعة على موضوعات فرعية تسهيلا لفهمها الأصدقاء الأجانب. ولكنني أفضِّل إظهار العناصر الكثيرة بصورة متزامنة بدلا من إبدائها فترة بعد فترة. ففي الحفل الافتتاحي، مشهد تبسطت فيه لفيفة مرسومة عليها يؤدي الناس رقصة حديثة ويرسمون بأجسامهم، وفي عملية الرسم هذه، أضيف عنصر القيثار الصيني القديم، لان الصين تهتم بتجانس فن الخط مع فن الرسم. كانت الرسوم الصينية والمقاطع الصينية هنا نوعا من الروعة السحرية والسند، وأبدت الموسيقى والرقصات في هذه اللحظة اندماجا. كانت الطباعة بالحروف المتحركة صعبة للغاية، لأن اللغة الصينية المكتوبة ليست كتابة أبجدية، بل هي مقاطع صينية تطورت من الهيروغليفية. وقد جعل الحفل الافتتاحي هذه المقاطع الصينية نابضة بالحياة، أظهرت مفاهيم ومغزى. إن اللغة المكتوبة هي حامل وموطن لروحنا يمكن الانتماء اليه والاعتماد عليه. وقد تحمل اللغة المكتوبة عند استخدامها قيمة وعادات كل شخص، فقد تحمل أيضا معلومات شخصية. اذا كانت اللغة المكتوبة خالية من المغزي، فإنها لغة ميتة إبداؤها ليس تعبيرا عن ثقافة أمة ما. كما أنني أحب كثيرا أن أرى كثيرا من التلاميذ يرسمون على الأرض، وحولهم صورة التايجي. وعند النظر الى صورة التايجي، أتذكر منزلة في القصائد القديمة الصينية تتمثل في «البهاء يعود الى العادة عندما وصل الى ذروته». وقد يشعر ممارسو ملاكمة التايجي في الزي الأبيض بأن أكبر قوة تصبح امتزاجا كاملا في أيديهم. وهنا يكمن مفهوم الفلسفة الصينية.

قال هوانغ هوي لين الخبير في دراسة السينما والتلفزيون والمسرحيات : إن حفل افتتاح أولمبياد بكين ترك في ذاكرتي أعمق نقطتين من الانطباعات إحداهما الاندماج العضوي بين الثقافة التقليدية والحضارة الحديثة، والأخرى الاندماج العضوي بين العناصر الثقافية والعناصر العلمية والتقنية.

ولو عبر الحفل الافتتاحي عن الثقافة الرائعة القديمة وحدها، فلا يكفي؛ ولو عبر عن العلوم والتكنولوجيا العالية وحدها، فلا مغزى له. إن الحفل الافتتاحي قد أبرز الثقافة التقليدية الصينية في الحضارة الحديثة، وعلى سبيل المثال، لو لم تستخدم وسائل التقنيات البصرية والضوئية والكهربائية الحديثة لكان فصل «الغناء مع ايقاع «فو»» أدنى من مستواه الحالي، مع العلم بأن الاستخدام البارع للعلوم والتكنولوجيا العالية الحديثة أظهر مستوى التحديث في الصين. وخاصة أن إبداء الاختراعات الاربعة للصين القديمة في العلوم والتكنولوجيا الحديثة قد أثار إعجاب المشاهدين، إذ أنه رفيع المستوى الفني وعالي المحتويات التكنولوجية، مما جعل الناس يشعرون بحيوية قوية لهذه الاختراعات.

إن فكرة «وضع الانسان في المقام الاول» واستخدام العلوم والتكنولوجيا الحديثة جعلا حفل افتتاح أولمبياد بكين ذا طابع مميز. ومثلا، فإن مشهد «صعود الحلقات الخمس» المتشكلة من خلال الوسائل العلمية والتقنية قد جسد كاملا الصورة الجميلة للعالم، وأظهر تمنيات وتطلعات العالم الى الانسجام والتناغم، مفعما بنزعة العاطفة الانسانية. إن ظهور 2008 وجوه باسمة في الحفل الافتتاحي كان تعبيرا عن المشاعر الشعبية. إن القلب الطيب وحده يجلب وجها باسما، هذا هو إبداع نموذجي للأولمبياد الثقافي.

وأضاف الرسام المشهور وو تشانغ جيانغ : إن حفل افتتاح أولمبياد بكين قد أعطانا إشارة : أن الثقافة التقليدية الصينية وروح العصر يمكن تحقيق الاندماج جيدا بينهما، وأن الصين تقدر ويجب عليها تقديم المزيد من ثقافتها التقليدية الى العالم، بحيث يمكن للناس أن يروا من خلالها ثقافة وتاريخ الصين وكذلك ما تحتويه من روح الأمة الصينية.

قال شن دينغ لي الخبير في دراسة القضايا الدولية : إن شكل اللفيفة المرسومة للحضارة القديمة الصينية ووسائل العلوم والتكنولوجيا العالية والوسائط المتعددة قد جعلت فعلا أفضل الأشياء في تاريخ الصين يبدو بصورة منتظمة ورشيقة أمام العالم، الأمر الذي أظهر الرواسب العميقة ومزايا الاتزان والروح العالية والثقة بالنفس للثقافة الصينية، وأدهش الناس.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي