العادات السبع منهج حياة...!

| عبدالله بن سليمان العتيق |


«المبادئ لا تتغير و إن كان فهمنا لها يتغير»
ستيفن كوفي
كتاب «العادات السبع لأكثر الناس فعالية» للعالم الخبير ستيفن كوفي. من الكتب العظيمة التي أحدثت تغييرا كبيرا في حياة اليوم. وهو من الكتب التي تحمل صفة الإضافة الجديدة المتميزة. استفاد منه الكثير من الناس في عدة مجالات، و المؤلف نفسه وظفها في أكثر من مجال يهم حياة الإنسان. اتخذ فيها المؤلف منهجا رائعا فذا، ينُمُّ عن رؤية عميقة للإنسان، فانطلقَ من الذات إلى الآخر، و انتهى إلى تجديد الدورة الفعالية. وهي التي بدورها تُحدث الإنتاج الذي هو عمارة الأرض، وفق السنة الربانية. العادات السبع نواميس في حياة الإنسان كله، فليست شيئا خاصا بأحد دون أحد، فالفضل لمن أظهرها، و تلك سنة الخالق العظيم في ثقافات الأمم، يتناقلونها بينهم، و عندما يتركها قوم تنتقلُ إلى آخرين يعرفون قيمتها.
عندما ننظر إلى استعمالات الناس للعادات وتوظيفها نراهم يضعونها في مجالات عملية، ومجالات محصورة، لكنها في الحقيقة هي عادات ترسم لنا جميعا رؤية للحياة، و تضع لنا من ذاتها منهجاً للتعامل مع كل مناحي الحياة، فليست منهجا خاصاً بالإدارة، ولا بالتغيير الذاتي فقط، ولا بالأهداف، بل هي عامة في كل شيء يتعلق بالإنسان، ابتداءً من تفكيره و انتهاءً بسلوكه، كما أنها عامة لكل الناس، فهي عادات الإنسان، فهي متعلقة بالذات الإنسانية وأعمالها و حياتها.
في نقل تلك العادات إلى نطاق أوسع في الحياة تبصير للنفس بمواضع الخَطْوِ الواثق، لأنها ترسم صورة واضحة المعالم للنفس البشرية، مما يجعل الخطوات واثقة عند المسير. كذلك في نقلها إلى أصناف الناس تحسين للمسيرة في الإنتاج والنهضة بالفعالية الكبرى في الحياة. فكثير من الخلل في حياة الناس هو بسبب غياب الخطوات التي رسمتها العادات السبع. فالنظرة الضيقة لدور العادات السبع يضيق دورها التأثيري في الحياة، ومِن ثَمَّ يُفقدُنا الفعالية المرجوة منها. فنحن في حاجة إلى تفعيل حياتنا بسَعتها الكبرى كما الحياة ذاتها، وحياتنا مليئة بالكثير مما يحتاج إلى تفعيل.
لذلك حتى نصل إلى حقيقة دورنا في الحياة نحتاج إلى ان نوظف هذه العادات في كل أجزاء حياتنا، نوظفها في التمرُّسِ على السلوك الحميد، في تقوية العقل، في رسم منهج تحصيل المعارف، في التخطيط للنهضة الكبرى، في سياسة الدول، في إنشاء المشاريع المالية، في مكافحة المشكلات الاجتماعية، في تحسين الوضع العام، في نقاء الروح و صفاء القلب، في كل شيء نريده، عندما نسير على وفْقِ العادات السبع نجد أثر ذلك فاعلاً كبيرا، و نكون حينها انتقلنا من دور المتأثر إلى دور المؤثر، ومن دائرة المنفعل إلى دائرة الفاعل، ونكون ظفرنا بخيرية السباق، و نلنا افضيلة الاستباق.
لكن في إهمال توظيفها يكون ما لا تُحمدُ عُقباه، ولا يَجملُ أثراً، فتكون الفوضوية، وعدم الإنتاجية، ويكون الوجود الإنساني كعدمه، وسر وجوده أن يكون له أثرٌ، وحين يُفقد الأثرُ يكون الوجود ملءَ فراغٍ، وليس هذا متوافقا مع حكمة الربِّ سبحانه.
تكونت العادات السبع من ثلاثة أقسام جوهرية، ابتدأت من الذات الإنسانية، من الـ (أنا) حتى اكتملت معالمها، ثم انتقلت إلى ثلاثٍ أُخر إلى الآخر، حيث الإنسان لا يعيش إلا مخالطاً، فأكملت منهج التواصل والفهم والتعرف بين الـ (أنا) و الآخر. وجاءت العادة السابعة بوظيفة التجديد المستمر. فما لا يتجدد يموت.
عادات الـ (أنا):
العادة الأولى: كن سباقاً مبادراً «الرؤية الشخصية». الإنسان لا يخلو في حياته من أحداث تحيط به، فهو الذي يملك ماذا يكون موقفه، وبناء على موقفه تكون النتيجة. هو يملك قُدراته على أشياء كثيرة، يحتاج أن يتعرف عليها عن قُربٍ ليكون قراره في المحل المناسب، هناك سيكون في دور الإنسان الذي يرى قيمته الحقيقية، فلا يرضى بأن يكون ضحية لشيء، بل يكون هو الشيء الذي يُضحي لأجل الغاية الكبرى له.
العادة الثانية: ابدأ والنهاية في ذهنك "القيادة الشخصية". عندما يُتقن الإنسان معرفة ذاته، ويعرف ماذا يكون سيعرف كيف يكون، فينتقل إلى مرحلة السعي إلى الشيء الذي ارتسم في ذهنه، فينقله إلى الواقع تطبيقا، لا يضع أحداً يرسم له ما يريد، بل هو يرسم لنفسه غاياتها وخطواتها، فيكون مستعداً للبداية عندما يصنع صورة النهاية، و من لم يصنع لنفسه صورة النهاية لأهدافه لا يمكن أن يبدأ، لأن البدايات لا تكون إلا برسم النهايات.
العادة الثالثة: ابدأ بالأهم قبل المهم «الإدارة الشخصية». ليست أهداف الحياة في منزلة واحدة، فبينها تقدُّم وتأخُّرٌ، و هذا عائد إلى ميزان الحاجة الحالية، وإلى منزلة الأثر، فليست الرغبة مقدمة على الحاجة، ولا حاجة الآخر مقدمة على حاجة الذات، فهناك في حياة الإنسان: الضروريات، والحاجات، والكماليات، فيكون تركيزه على هذا الترتيب، حسب الحاجة الآنية، والنفس قبل الغير. عدم مراعاة الأولويات يسبب أخطاء كثيرة في الحياة، فيضيع واجب وحق المتقدم الأهم بسبب الاهتمام بما دون.
هذه تتعلق بالـ (أنا)، و بإتقانها و توظيفها بصورة متقنة صحيحة يتهيأ الإنسان لينتقل إلى عادات الآخر، ومن لم يهتم بذاته لا يمكنه أن يهتم بغيره مهما بذل، ويكون التقصير حليفه، والخلل لزيمه.
عادات الآخر:
العادة الرابعة: تفكير المنفعة للجميع (ربح = ربح) (القيادة العامة). الإنسان واحد في ذاته، لكنه جمعٌ في تعاملاته مع الناس، هو في الحياة مجموعة في صورة فرد، لأجل هذا يفكر الناجح في أن يكون مجموعة أكثر من أن يكون فردا، لأن سنة النجاح قائمة على التبادل النفعي بين البشر. النظرة الأنانية التي ينتج عنها إهمال الآخرين نظرة قاتمة بسواد الفشل، لا تكون من إنسان سوي أبدا، ولم يكن الناجحون على مرِّ تاريخ الدنيا هكذا، بل كانوا مع الناس دوما، فيبذلون، ويتشاركون. و هذا كانوا ناجحين. عندما أفكر في أن أنفع الناس، بعد نفعي لنفسي وعدم الإضرار بها، سأجد من الناس صناعة نجاحي، وتقديمي مؤثراً فاعلا في الحياة. الفعالية كما أنها تنبع من الذات فإنه لا يُعتبرُ بها في تاريخ الحياة إلا بأثرها في نفع الناس.
العادة الخامسة: حاول أن تفهم أولاً ليسهل فهمك (الاتصال). عندما يؤمن الإنسان الناجح بضرورة نفع الناس، و إشراكهم معه في الاستفادة من الحياة، ومما لديه من تعاليمها، فإنه سيكون مصغيا بكلِّه إلى الناس ليقف على ما يريدونه، ليقوم بدور النافع، فيتعرف على مراداتهم منهم هم، فلا يعتمد على ما لديه من خلفيةٍ سابقة أو معلومة ماضية. فكل أحد يحمل ما لا يحمله الآخر، ولا نصل إلى هذا المحمول إلا من خلال الإنصات الكُلِّي. إذا أتقنا مهارة الإنصات وعادة الاستماع الفاعل يكون ما يصدر منا محلَّ اهتمام الآخر. فلا يسمع منكَ حتى تسمعَ منه. فأتقن مهارة الإصغاء لتُتْقَن مهارة الإنصات إليك. وتستطيع ذلك حينما تبوح أنتَ بجرأة ثقة، ولا يكون ذلك إلا بعد حسن الاستماع.
العادة السادسة: التعاضد (التعاون الإبداعي). الناس بالناس. هكذا منتشر بينهم. لكن هل لها أثر في الواقع؟. نعم، و لكن بأي صورة؟. التعاون بين الناس من أجل إضافة جديد لا من أجل تكرار وإعادة. من أجل بناءٍ لا من أجل رؤية البناء. الفعالية الاجتماعية تعني إضافة شيء بصورة المجتمعات، وتعني إحداث جديد ناهض بالمجتمع، في كل ما يخص المجتمع. هنا يكون سر التعاضد والتعاون. وما سواه فليس إلا نُسخاً مكررة، والفاعلُ أصلٌ و ليس نُسخة. عادة التجديد و المواكبة.
العادة السابعة: شحذ المنشار«التحديد». الإنسان كائن حيٌ، والحياة لا تقف سانيتها عن الحركة، وفي كل حركة تنقل ماءَ الحياة ومعه جديد. لهذا فالتجديد في الحياة في كل نواحيها هو العادة التي تثبت جدوى فاعلية وجودنا في الحياة. فنحن نحتاج إلى أن نواكبَ جديد الحياة، وأن نعيشَ حاضرنا في لحظة منه، لنكون أكثر فاعلية في ذواتنا، ومِن ثم في مجتمعنا، ونتقدم استزادة من تعاليم الحياة. لكن إن بقينا على حالة واحدة، ولم نشحذ منشار همتنا فإننا سنختصر طريق غيابنا، ونمحو آثارنا. ولا تبقى إلا آثارُ من جدد ذاته، وارتقى بمجتمعه. التجديد مهم في كل أجزاء ذواتنا، في الروحِ، في التواصل الرباني الذي منحنا إياه ديننا. وفي العقل، في الثقافة والتفكير والتأمل، ومنها يكون الإبداع الذي يصنع الفعالية الكبرى في الحياة. وفي الاجتماع، في التواصل مع الناس كلهم على بُسُطِ المحبة والنفع المُتبادَل. و في البدن، في رعايته الصحية وصيانته من علله وأمراضه، بالغذاء الصحي، وبالتمارين الرياضية، وكذلك بالتنفس السليم.
لا بُد من قراءة الكتاب لتتضح معالم العادات بالتفصيل. وإلا فالمختصر لا يأتي بالكمال، والإشارات لا تغني عن العبارات. والعادات السبع ستنقل القارئ إلى العظمة المُستكنِّةِ في العادة الثامنة. والتي بها تكتمل أسرار الفعالية في الحياة.
هذه العادات السبع، حينما نضعها في كل شيء من حياتنا، على تلك الخطوات والترتيب فإننا حتما سنكون فاعلين و منتجين، ونكون ضمنَّا لأنفسنا النجاح فيما أردناه، لا نحصرها على شيء، فما أرادها واضعها أن تكون محصورة، وإنما أرادها شاملة، لأنها عادات إنسان، والإنسان شموليُ وليسَ محصورا على جزءٍ. ولو أراد الإنسان لنفسه أن يصنع لذاته أبعاداً في الوجود لقدر، ولكن إذا أراد. فمن يريد.
ستيفن كوفي
كتاب «العادات السبع لأكثر الناس فعالية» للعالم الخبير ستيفن كوفي. من الكتب العظيمة التي أحدثت تغييرا كبيرا في حياة اليوم. وهو من الكتب التي تحمل صفة الإضافة الجديدة المتميزة. استفاد منه الكثير من الناس في عدة مجالات، و المؤلف نفسه وظفها في أكثر من مجال يهم حياة الإنسان. اتخذ فيها المؤلف منهجا رائعا فذا، ينُمُّ عن رؤية عميقة للإنسان، فانطلقَ من الذات إلى الآخر، و انتهى إلى تجديد الدورة الفعالية. وهي التي بدورها تُحدث الإنتاج الذي هو عمارة الأرض، وفق السنة الربانية. العادات السبع نواميس في حياة الإنسان كله، فليست شيئا خاصا بأحد دون أحد، فالفضل لمن أظهرها، و تلك سنة الخالق العظيم في ثقافات الأمم، يتناقلونها بينهم، و عندما يتركها قوم تنتقلُ إلى آخرين يعرفون قيمتها.
عندما ننظر إلى استعمالات الناس للعادات وتوظيفها نراهم يضعونها في مجالات عملية، ومجالات محصورة، لكنها في الحقيقة هي عادات ترسم لنا جميعا رؤية للحياة، و تضع لنا من ذاتها منهجاً للتعامل مع كل مناحي الحياة، فليست منهجا خاصاً بالإدارة، ولا بالتغيير الذاتي فقط، ولا بالأهداف، بل هي عامة في كل شيء يتعلق بالإنسان، ابتداءً من تفكيره و انتهاءً بسلوكه، كما أنها عامة لكل الناس، فهي عادات الإنسان، فهي متعلقة بالذات الإنسانية وأعمالها و حياتها.
في نقل تلك العادات إلى نطاق أوسع في الحياة تبصير للنفس بمواضع الخَطْوِ الواثق، لأنها ترسم صورة واضحة المعالم للنفس البشرية، مما يجعل الخطوات واثقة عند المسير. كذلك في نقلها إلى أصناف الناس تحسين للمسيرة في الإنتاج والنهضة بالفعالية الكبرى في الحياة. فكثير من الخلل في حياة الناس هو بسبب غياب الخطوات التي رسمتها العادات السبع. فالنظرة الضيقة لدور العادات السبع يضيق دورها التأثيري في الحياة، ومِن ثَمَّ يُفقدُنا الفعالية المرجوة منها. فنحن في حاجة إلى تفعيل حياتنا بسَعتها الكبرى كما الحياة ذاتها، وحياتنا مليئة بالكثير مما يحتاج إلى تفعيل.
لذلك حتى نصل إلى حقيقة دورنا في الحياة نحتاج إلى ان نوظف هذه العادات في كل أجزاء حياتنا، نوظفها في التمرُّسِ على السلوك الحميد، في تقوية العقل، في رسم منهج تحصيل المعارف، في التخطيط للنهضة الكبرى، في سياسة الدول، في إنشاء المشاريع المالية، في مكافحة المشكلات الاجتماعية، في تحسين الوضع العام، في نقاء الروح و صفاء القلب، في كل شيء نريده، عندما نسير على وفْقِ العادات السبع نجد أثر ذلك فاعلاً كبيرا، و نكون حينها انتقلنا من دور المتأثر إلى دور المؤثر، ومن دائرة المنفعل إلى دائرة الفاعل، ونكون ظفرنا بخيرية السباق، و نلنا افضيلة الاستباق.
لكن في إهمال توظيفها يكون ما لا تُحمدُ عُقباه، ولا يَجملُ أثراً، فتكون الفوضوية، وعدم الإنتاجية، ويكون الوجود الإنساني كعدمه، وسر وجوده أن يكون له أثرٌ، وحين يُفقد الأثرُ يكون الوجود ملءَ فراغٍ، وليس هذا متوافقا مع حكمة الربِّ سبحانه.
تكونت العادات السبع من ثلاثة أقسام جوهرية، ابتدأت من الذات الإنسانية، من الـ (أنا) حتى اكتملت معالمها، ثم انتقلت إلى ثلاثٍ أُخر إلى الآخر، حيث الإنسان لا يعيش إلا مخالطاً، فأكملت منهج التواصل والفهم والتعرف بين الـ (أنا) و الآخر. وجاءت العادة السابعة بوظيفة التجديد المستمر. فما لا يتجدد يموت.
عادات الـ (أنا):
العادة الأولى: كن سباقاً مبادراً «الرؤية الشخصية». الإنسان لا يخلو في حياته من أحداث تحيط به، فهو الذي يملك ماذا يكون موقفه، وبناء على موقفه تكون النتيجة. هو يملك قُدراته على أشياء كثيرة، يحتاج أن يتعرف عليها عن قُربٍ ليكون قراره في المحل المناسب، هناك سيكون في دور الإنسان الذي يرى قيمته الحقيقية، فلا يرضى بأن يكون ضحية لشيء، بل يكون هو الشيء الذي يُضحي لأجل الغاية الكبرى له.
العادة الثانية: ابدأ والنهاية في ذهنك "القيادة الشخصية". عندما يُتقن الإنسان معرفة ذاته، ويعرف ماذا يكون سيعرف كيف يكون، فينتقل إلى مرحلة السعي إلى الشيء الذي ارتسم في ذهنه، فينقله إلى الواقع تطبيقا، لا يضع أحداً يرسم له ما يريد، بل هو يرسم لنفسه غاياتها وخطواتها، فيكون مستعداً للبداية عندما يصنع صورة النهاية، و من لم يصنع لنفسه صورة النهاية لأهدافه لا يمكن أن يبدأ، لأن البدايات لا تكون إلا برسم النهايات.
العادة الثالثة: ابدأ بالأهم قبل المهم «الإدارة الشخصية». ليست أهداف الحياة في منزلة واحدة، فبينها تقدُّم وتأخُّرٌ، و هذا عائد إلى ميزان الحاجة الحالية، وإلى منزلة الأثر، فليست الرغبة مقدمة على الحاجة، ولا حاجة الآخر مقدمة على حاجة الذات، فهناك في حياة الإنسان: الضروريات، والحاجات، والكماليات، فيكون تركيزه على هذا الترتيب، حسب الحاجة الآنية، والنفس قبل الغير. عدم مراعاة الأولويات يسبب أخطاء كثيرة في الحياة، فيضيع واجب وحق المتقدم الأهم بسبب الاهتمام بما دون.
هذه تتعلق بالـ (أنا)، و بإتقانها و توظيفها بصورة متقنة صحيحة يتهيأ الإنسان لينتقل إلى عادات الآخر، ومن لم يهتم بذاته لا يمكنه أن يهتم بغيره مهما بذل، ويكون التقصير حليفه، والخلل لزيمه.
عادات الآخر:
العادة الرابعة: تفكير المنفعة للجميع (ربح = ربح) (القيادة العامة). الإنسان واحد في ذاته، لكنه جمعٌ في تعاملاته مع الناس، هو في الحياة مجموعة في صورة فرد، لأجل هذا يفكر الناجح في أن يكون مجموعة أكثر من أن يكون فردا، لأن سنة النجاح قائمة على التبادل النفعي بين البشر. النظرة الأنانية التي ينتج عنها إهمال الآخرين نظرة قاتمة بسواد الفشل، لا تكون من إنسان سوي أبدا، ولم يكن الناجحون على مرِّ تاريخ الدنيا هكذا، بل كانوا مع الناس دوما، فيبذلون، ويتشاركون. و هذا كانوا ناجحين. عندما أفكر في أن أنفع الناس، بعد نفعي لنفسي وعدم الإضرار بها، سأجد من الناس صناعة نجاحي، وتقديمي مؤثراً فاعلا في الحياة. الفعالية كما أنها تنبع من الذات فإنه لا يُعتبرُ بها في تاريخ الحياة إلا بأثرها في نفع الناس.
العادة الخامسة: حاول أن تفهم أولاً ليسهل فهمك (الاتصال). عندما يؤمن الإنسان الناجح بضرورة نفع الناس، و إشراكهم معه في الاستفادة من الحياة، ومما لديه من تعاليمها، فإنه سيكون مصغيا بكلِّه إلى الناس ليقف على ما يريدونه، ليقوم بدور النافع، فيتعرف على مراداتهم منهم هم، فلا يعتمد على ما لديه من خلفيةٍ سابقة أو معلومة ماضية. فكل أحد يحمل ما لا يحمله الآخر، ولا نصل إلى هذا المحمول إلا من خلال الإنصات الكُلِّي. إذا أتقنا مهارة الإنصات وعادة الاستماع الفاعل يكون ما يصدر منا محلَّ اهتمام الآخر. فلا يسمع منكَ حتى تسمعَ منه. فأتقن مهارة الإصغاء لتُتْقَن مهارة الإنصات إليك. وتستطيع ذلك حينما تبوح أنتَ بجرأة ثقة، ولا يكون ذلك إلا بعد حسن الاستماع.
العادة السادسة: التعاضد (التعاون الإبداعي). الناس بالناس. هكذا منتشر بينهم. لكن هل لها أثر في الواقع؟. نعم، و لكن بأي صورة؟. التعاون بين الناس من أجل إضافة جديد لا من أجل تكرار وإعادة. من أجل بناءٍ لا من أجل رؤية البناء. الفعالية الاجتماعية تعني إضافة شيء بصورة المجتمعات، وتعني إحداث جديد ناهض بالمجتمع، في كل ما يخص المجتمع. هنا يكون سر التعاضد والتعاون. وما سواه فليس إلا نُسخاً مكررة، والفاعلُ أصلٌ و ليس نُسخة. عادة التجديد و المواكبة.
العادة السابعة: شحذ المنشار«التحديد». الإنسان كائن حيٌ، والحياة لا تقف سانيتها عن الحركة، وفي كل حركة تنقل ماءَ الحياة ومعه جديد. لهذا فالتجديد في الحياة في كل نواحيها هو العادة التي تثبت جدوى فاعلية وجودنا في الحياة. فنحن نحتاج إلى أن نواكبَ جديد الحياة، وأن نعيشَ حاضرنا في لحظة منه، لنكون أكثر فاعلية في ذواتنا، ومِن ثم في مجتمعنا، ونتقدم استزادة من تعاليم الحياة. لكن إن بقينا على حالة واحدة، ولم نشحذ منشار همتنا فإننا سنختصر طريق غيابنا، ونمحو آثارنا. ولا تبقى إلا آثارُ من جدد ذاته، وارتقى بمجتمعه. التجديد مهم في كل أجزاء ذواتنا، في الروحِ، في التواصل الرباني الذي منحنا إياه ديننا. وفي العقل، في الثقافة والتفكير والتأمل، ومنها يكون الإبداع الذي يصنع الفعالية الكبرى في الحياة. وفي الاجتماع، في التواصل مع الناس كلهم على بُسُطِ المحبة والنفع المُتبادَل. و في البدن، في رعايته الصحية وصيانته من علله وأمراضه، بالغذاء الصحي، وبالتمارين الرياضية، وكذلك بالتنفس السليم.
لا بُد من قراءة الكتاب لتتضح معالم العادات بالتفصيل. وإلا فالمختصر لا يأتي بالكمال، والإشارات لا تغني عن العبارات. والعادات السبع ستنقل القارئ إلى العظمة المُستكنِّةِ في العادة الثامنة. والتي بها تكتمل أسرار الفعالية في الحياة.
هذه العادات السبع، حينما نضعها في كل شيء من حياتنا، على تلك الخطوات والترتيب فإننا حتما سنكون فاعلين و منتجين، ونكون ضمنَّا لأنفسنا النجاح فيما أردناه، لا نحصرها على شيء، فما أرادها واضعها أن تكون محصورة، وإنما أرادها شاملة، لأنها عادات إنسان، والإنسان شموليُ وليسَ محصورا على جزءٍ. ولو أراد الإنسان لنفسه أن يصنع لذاته أبعاداً في الوجود لقدر، ولكن إذا أراد. فمن يريد.