اجتهادات

مظلومية الشيعة ووتر الطائفية

تصغير
تكبير
دروس التاريخ وعبره أثبتت خلال العقود الماضية، أن الصراعات والحروب الطائفية والعرقية والقبلية لم ينتج عنها سوى اقتتال عبر سنوات مديدة بين الأطراف المتنازعة، وقتل لعدد ضخم من الأبرياء، وتشريد للآلاف من الأسر، ودمار هائل للأبنية والحياة الإجتماعية والإقتصادية للدول، والأمثلة على ذلك كثيرة.

في الكويت، تعايش الجميع على قلب واحد بمختلف توجهاته الفكرية والسياسية والدينية. لم نسمع التفريق بين سني وشيعي، بدوُي أو حضٌري أو أي تقسيم آخر نعتقده. الجميع يدرس ويعمل ويخرج ويسافر ويصادق، وفي كثير من الأحيان يتصاهر مع الآخر من دون حدود أو حواجز. لم يكن هناك فرق في التعامل مع الآخر ولم نخجل قط في التفاخر بطبيعة العلاقة بين أبناء الشعب الكويتي لدى الدول المحيطة.


وعلى النقيض من ذلك، فإن البعض يسعى اليوم، وفي خضم هذه الأحداث المحلية المتسارعة، إلى اللعب على وتر الطائفية من خلال بث وإشاعة فكرة مظلومية المواطن الشيعي (والذي هو كويتي أولا وأخيرا) وغيابه عن المناصب الحساسة والقيادية وإبعاده عن مراكز القرار، وكل ذلك لتحقيق أغراض وأهداف خسيسة وتغطية لوقائع كشفت حقيقة البعض، وسعي لبث التفرقة وإثارة البلبلة والفتن.

فهل غاب لدى هؤلاء تاريخ الكويت السياسي، ومواقع ومراكز ومناصب المواطنين الكويتين الشيعة ودورهم في بناء الكويت ومؤسساتها بكافة أطيافها؟ وهل عُميت أعينهم عن دور المواطن الشيعي في مجلس الوزراء ومجلس الأمة وفي مشاريع التنمية وفي صنع القرارات المهمة في البلد؟ وهل تناسى هؤلاء أن الشيعي والسني وقفا صفا واحدا في جميع الأزمات والمحن التي واجهتها البلد؟ وهل يدرك هؤلاء أنه قلما نجد في جميع الدول الأخرى هذه الدرجة من الصداقة والمصاهرة بين الطائفتين وحرية ممارسة الشعائر الدينية للجميع دون تحيز؟ فماذا يسعون من وراء ذلك؟ وهل يدركون سوء ما يبثونه من سموم الطائفية البغيضة وأثرها على أمن وإستقرار البلد؟

لا أعتقد أن الوقوف موقف المتفرج سيجعل الوقت مسعفا لنا في معالجة مثل هذه القضايا مستقبلا، ولا أعتقد أن الصمت أكثر خوفا من إثارة أمور كنا نخشى إثارتها سابقا سيحل القضية. فإما أن نحافظ على إستقرار البلد ووحدة أبنائه وتكاتفهم المستمر، وإما أننا سنعيش أمام مستقبل لا نعرف عواقبه.

***

بالمختصر، فإن الحل بكل بساطة وكما نكررها دائما هو إستخدام قوة القانون وتطبيق مسطرته على الجميع، واتباع أسلوب الشدة والحزم خصوصا في هذه الأوقات وفقا للأطر القانونية.

Email: [email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي