تراجيديا الثراء وحوادث الطيران تكتمل بسقوط الرافعة وسحب تصنيف المجموعة!

... وفي 11 سبتمبر لعب القدر لعبته مع «بن لادن»!

u0631u0627u0641u0639u0627u062a u0645u062cu0645u0648u0639u0629 u0628u0646 u0644u0627u062fu0646 u062au062du064au0637 u0628u0627u0644u062du0631u0645 u0641u064a u0645u0648u0633u0645 u0627u0644u062du062c u0627u0644u0645u0627u0636u064a
رافعات مجموعة بن لادن تحيط بالحرم في موسم الحج الماضي
تصغير
تكبير
في 11 سبتمبر بالذات، وفيما كان العالم يتذكر ضحايا غزوة أسامة بن لادن على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك قبل 14 عاماً، لعب القدر لعبته الكبيرة مع مجموعة بن لادن، فوقعت الرافعة على أرض الحرم المكّي وأودت بحياة أكثر من مئة شخص وأصابت المئات، لتتلقى المجموعة أقوى ضربة في تاريخها، إذ تم سحب تصنيفها وحُرمت من الحصول على عقود جديدة.

لم يكن حادث الرافعة وما تلاه إلا فصلاً جديدياً من فصول دراما، اختلط فيها الثراء والنفوذ، بحوادث الطيران التراجيدية، ثم تطرّف ابن العائلة أسامة، وانشقاقه عن المملكة العربية السعودية، وحروبه الجهاديّة الكونية. ويأتي عقاب المجموعة وحرمانها من المشاريع ليشكل نقطة تحوّل كبيرة في تاريخ مجموعةٍ بنت مجدها على تنفيذ بعضٍ من أكبر المشاريع العمرانية في تاريخ المملكة!


بن لادن عائلة سعودية من أصل يمني حضرمي يعود أصلها إلى قرية الرباط في منطقة وادي تريم بمنطقة حضرموت اليمنية. نال إرثها الاقتصادي والسياسي شهرة واسعة على مستوى العالم، سواءً بسبب أنشطتها الاقتصادية التي تديرها العائلة في مجال الإنشاءات، أو لارتباط مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بها.

ولمحمد بن لادن من الأبناء 54 من العديد من الزوجات، وترك عند وفاته ثروة تقدر بمئات ملايين الدولارات، ودرس أبناء محمد بن لادن في كلية فيكتوريا بمدينة الإسكندرية المصرية حيث أصبح أصدقاءهم كل من ملك الأردن الملك حسين، وزيد الرفاعي، والأخوان قاشجي (اللذان كان والدهما طبيب الملك)، وكمال أدهم (الذي أدار المخابرات في عهد الملك فيصل)، بالإضافة لكل من محمد العطاس وفهد شبكشي وغسان صقر والممثل المصري عمر الشريف.

وذكرت تقارير الاستخبارات المركزية الأميركية إلى أن إجمالي عدد أفراد عائلة «بن لادن» يصل لحوالي 600 فرد، ضمن 3 أجيال متتالية من العائلة الثرية.

يعود تاريخ مجموعة بن لادن إلى هجرة الوالد محمد بن لادن إلى المملكة العربية السعودية قادماً من اليمن، وإنشائه شركة للبناء فجذب انتباه الملك عبد العزيز آل سعود عبر مشاريعه الإنشائية، وكان ذلك مفتاح الثروة والنفوذ.

كبرت المجموعة بعد أن تمكن محمد بن لادن من الحصول على العقود الحصرية لتشييد المساجد والمنشآت الدينية في العديد من المناطق، وظهر نفوذها وتطورها جلياً عندما أولتها الحكومة مهمة توسيع الأماكن المقدسة في مكة والمدينة. كما قامت المجموعة ببناء عدة قصور في الرياض وجدة للعائلة المالكة، وتولت ترميم المسجد الأقصى في القدس بعد إحراقه في العام 1969.

وفي العام 1950 منح الملك عبدالعزيز المجموعة عقد أول توسعة سعودية للحرم النبوي الشريف في المدينة المنورة، وامتد العمل بهذه التوسعة إلى عهد الملك سعود بن عبدالعزيز. وكنتيجة لهذا النجاح تم تكليف المعلم محمد بن لادن بتوسعة المسجد الحرام في مكة المكرمة لتكون أول توسعة يشهدها التاريخ منذ ألف عام. وتم البدء بهذا المشروع العملاق في عام 1955 واستمر في تنفيذه خلال عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز الذي خلف الملك سعود وانتهى في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز مستغرقاً 20 عاماً.

وتزايدت أعمال التوسعة في الحرم المكي إلى أن حدث مالم يكن في الحسبان وهو سقوط رافعة بناء تخص مجموعة بن لادن على المصلين والمعتمرين إثر تعرض مكة لحالة جوية سيئة من العواصف الرملية والرياح العاتية، ما ألقى بظلاله على مجموعة بن لادن من أضرار وخسائر بالجملة.

وبعد أيام من الترقب، أصدر الديوان الملكي السعودي أول من أمس بياناً أكد فيه أن تقرير اللجنة المكلفة بالتحقيق ينفي الشبهة الجنائية في الحادثة، وأكد أن سبب الحادثة تعرض الرافعة لرياح قوية، كونها في وضعية خاطئة. وأشار البيان إلى أن وضعية الرافعة كانت مخالفة لتعليمات التشغيل التصنيعية حيث صدرت عدة أوامر من الملك سلمان بن عبد العزيز بإيقاف تصنيف مجموعة بن لادن السعودية، ومنعها من دخول أي مشاريع جديدة، ومنع سفر جميع أعضاء مجموعة بن لادن السعودية إلى نهاية التحقيق، و?تكليف وزارة المالية والجهات المعنية عاجلاً بمراجعة جميع المشاريع التي تنفذها مجموعة بن لادن السعودية.

هذه القرارات شكلت ضربة قاسية للمجموعة. إلا أن المعلومات المتداولة على ألسنة المطلعين في المملكة، أن حادثة الرافعة ليست أولى المشكلات التي تواجهها المجموعة. فقد ترددت في الفترة الأخيرة إشاعات كثيرة عن سحب مشاريع من الشركة، أو استبعادها من المنافسة عن بعض المشاريع. وجاء التغيير الإداري الأخير على رأس المجموعة قبل أشهر ليلقي بظلال من الشك حول حظوة المجموعة في المملكة.

وتعد المجموعة من أضخم المجموعات العاملة في قطاع البناء والإنشاءات في المنطقة، وهي معروفة جداً في دول مجلس التعاون الخليجي وبدأت في النظر إلى التوسع خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتتطلع للوصول إلى الصين فقامت بخطوات مميزة لتوطيد علاقاتها مع مجموعة من الشركات الصينية الخاصة الكبيرة والمؤسسات الحكومة.

وقدرت مجلة «وول ستريت جورنال» عام 2014 ثروة العائلة بنحو 7 مليارات دولار محتلة المرتبة الخامسة ضمن أغنى العائلات السعودية.

وتتمحور أعمال هذه العائلة في مجال النفط وإدارة الأسهم حيث يصل حجم أعمالها سنويًّا لنحو 2 مليار دولار أميركي.

وفي فترة الأزمة الاقتصادية ورغم التباطؤ الشديد في عمليات البناء بمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي إلا أن المجموعة توسعت جغرافيًّا بشكل مميز في هذه الفترة، وفي عام 2008 أعلن الذراع العقاري للشركة في دبي عن خطط تمويل تصل لنحو 190 مليار دولار لبناء مدينتين جديدتين في كل من جيبوتي واليمن ووصلهما بجسر. لكن الوضع المأساوي لليمن وانطلاق الثورة اليمنية عام 2011 حال دون إتمام ذلك.

وتراجعت ثروة عائلة بن لادن بمقدار 600 مليون دولار حيث تشير التقديرات إلى أنها بلغت 7.5 مليار دولار نزولاً من 8.1 مليار دولار عام 2012.

وكانت كوارث الطيران علامة فارقة في تاريخ عائلة بن لادن منذ ظهورها. ففي عام 1968 توفي الوالد إثر اصطدام طائرته المروحية بجبل في الطائف، وتولَّى ابنه البكر سالم الإشراف على المجموعة إلى أن تُوفي أيضاً أيضاً في حادث طائرة عام 1988. وأخيراً مقتل ثلاثة من أفراد العائلة بحادث تحطم الطائرة السعودية الخاصة جنوب إنجلترا، هم والدة رجل الأعمال سعد بن لادن وأخته وزوجها.

ومع وجود الإرث الاقتصادي للعائلة كان لها أيضاً إرث سياسي معروف دولياً عن طريق أسامة، الابن السابع عشر لمحمد بن لادن، الذي اختار حياة الجبال والكهوف على حياة القصور. فعندما توفي والده كان في الحادية عشرة من عمره، وبلغ نصيبه من التركة ما يعادل 300 مليون دولار، استثمرها في المقاولات والأعمال، ومكنته ثروته وعلاقاته من =دعم المجاهدين الأفغان ضدّ الغزو السوفييتي، قبل أن يؤسس تنظيم القاعدة الذي نفذ عمليات إرهابية كبرى في عقر دار الدول الغربية، لكن نشاطات أسامة السياسية، التي صنفها العالم «بالإرهابية»، لم تؤثر على أعمال العائلة المزدهرة، واستمرت الثروة والعائلة بالتمدد والتوسع في السعودية وفي الدول الأوروبية، حتى بعد أحداث 11 سبتمبر 2011.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي