حيثيات القرار الاتهامي تحدثت عن «لقاء عاصف» في ليبيا

القضاء اللبناني طلب الإعدام للقذافي في قضية اختفاء الصدر

تصغير
تكبير
|بيروت - «الراي»|
قبل اربعة ايام من الذكرى 30 لاختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين في 31 اغسطس 1978، اصدر القضاء اللبناني قراراً اتهاميا هو الاول من نوعه، طلب فيه عقوبة الإعدام للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي «الذي اوقف غيابيا بتاريخ 24/4/2008 ولا يزال فاراً من وجه العدالة لجهة التحريض على خطف وحجز حرية كل من الامام الصدر ورفيقيه».
كما طلب الإعدام لستة من معاوني القذافي اوقفوا غيابياً في 2/8/2007 ولا يزالون فارين «لجهة الاشتراك في الخطف». وسطر مذكرة تحر دائم توصلا الى معرفة كامل هوية كل من 11 شخصاً آخرين. وأصدر هذا القرار، قاضي التحقيق العدلي في جريمة اختفاء الامام الصدر ورفيقيه سميح الحاج وفقا وخلافاً لمطالعة النائب العام لدى المجلس العدلي القاضي سعيد ميرزا.

وشمل طلب الإعدام كلاً من الفارين: المرغني مسعود التومي، (سائق في ادارة المراسم الخارجية مكتب البروتوكول)، احمد محمد الحطاب (موظف في أمانة مؤتمر الشعب العام في طرابلس)، الهادي ابراهيم مصطفى السعداوي (مساعد مدير اليطاليا في مطار طرابلس ـ المسؤول عن مراقبة حركة الطائرات)، عبد الرحمن محمد غويلة (ملازم أول في ادارة الهجرة والجوازات الادارة العامة - عمل في المطار وحدة الخروج)، محمد خليفة سحيون (مدير ادارة شؤون الموظفين في شركة اكسيد ناتال طرابلس الغرب)، وعيسى مسعود عبدالله المنصوري (موظف في منشأة المشروعات الكهربائية وحاليا مجند في الخدمة الالزامية).
وطالب القاضي الحاج «اصدار مذكرة القاء قبض بحق كل من المدعى عليهم المذكورين اعلاه وسوقهم مخفورين الى محل التوقيف التابع للمجلس العدلي في بيروت». كما دعا الى تسطير مذكرة تحر دائم توصلا لمعرفة كامل هوية كل من المدعى عليهم عبد السلام جلود (رئيس الوزراء عام 1978 ) محمود محمد بن كورة (القائم بأعمال سفارة ليبيا لدى لبنان العام 1978 ) احمد الاطرش (وكيل أمانة الخارجية في اغسطس 1978)، عيسى البعباع (وكيل أمانة الخارجية عام 1978)، عاشور الفرطاس (رئيس دائرة الشؤون السياسية في الخارجية)، علي عبد السلام التريكي (مستشار القذافي - الخارجية)، احمد شحاته (رئيس مكتب الاتصال الخارجي في الأمانة العامة لمؤتمر الشعب العام 1978)، احمد مسعود صالح ترهون (عريف في ادارة الهجرة والجوازات في مطار طرابلس من 2 فبراير 1978 حتى 24 مارس 1979 - الادارة العامة)، ابراهيم خليفة عمر (ملازم أول - أمن المطار)، محمد بن علي الرحيبي (مقدم في شرطة المباحث) ومحمد ولد دادا (السفير الموريتاني في ليبيا عام 1978).
وجاء في حيثيات القرار ان «(...) بعد عودة الإمام من زيارة للجزائر، تلقى بتاريخ 28/7/1978 دعوة رسمية لزيارة ليبيا سلمها اليه القائم بأعمال السفارة الليبية في لبنان المدعى عليه محمود بن كورة (...) وبتاريخ 25/8/1978 توجه سماحة الامام ورفيقاه الى ليبيا على متن طائرة تابعة لشركة طيران الشرق الأوسط واستقبل في مطار طرابلس الغرب من المدعى عليه احمد الشحاتة، وحل مع رفيقيه في فندق الشاطئ في طرابلس الغرب ضيوفاً رسميين على السلطة الليبية.
وتبين أن هدف زيارة الامام الصدر ورفيقيه الى ليبيا، والتي صادفت مع بدء التحضير لاحتفالات الثورة الليبية في الأول من سبتمبر، كانت مقتصرة على لقاء العقيد القذافي والمسؤولين الليبيين وبحث الشأن اللبناني، ومن ثم السفر الى فرنسا للاطمئنان على صحة السيدة حرمه التي كانت تخضع هناك للعلاج، كما يتبين من نص الرسالة التي بعث بها الى عائلته مع السيد نزار علي مساء 30/8/1978 وفيها أنه سيصل الى باريس خلال يومي السبت أو الأحد اي 2 أو 3 سبتمبر. علما ان الامام استحصل على تأشيرة دخول الى فرنسا من السفارة الفرنسية في بيروت بتاريخ 25 يوليو 1978 (...) واثناء اقامة الامام ورفيقيه في فندق الشاطئ صادف وجود العديد من الوفود والشخصيات اللبنانية ومن بينهم السادة: طلال سلمان ومنح الصلح وبشارة مرهج وأسعد المقدم ومحمد قباني وبلال الحسن، الذين كانوا موجودين للمشاركة في احتفالات الثورة الليبية».
اضاف: «تبين انه منذ وصول الامام ورفيقيه الى ليبيا وحتى إخفائه وعلى غير عادته في أسفاره، لم يرد منه اي اتصال هاتفي بالمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى او بعائلته او بأصدقائه، وكذلك كانت حال رفيقيه مع ان السيد عباس بدر الدين رافق سماحته ليغطي اخبار هذه الرحلة في وكالته الصحافية. كما ان الصحافة الليبية ووسائل الاعلام هناك تجاهلت هذه الزيارة ولم تشر اليها لا من قريب ولا من بعيد رغم الطابع الرسمي لها، حتى ان القائم بأعمال السفارة اللبنانية في ليبيا الشاهد السيد نزار فرحات لم يعلم بوجود الامام ورفيقيه الا بعد ثلاثة ايام من وصولهم وكان ذلك بتاريخ 28/8/1978 وبعد اتصال السيد عباس بدر الدين به هاتفياً حيث ابلغه رغبته في الحضور الى السفارة اللبنانية ومقابلته. بعد هذا الاتصال قصد الاستاذ بدر الدين السفارة برفقة السيدين منح الصلح وبشارة مرهج وقابلوا القائم بالأعمال حيث علم انهم سيسافرون الى باريس بعد طرابلس ولذلك فهم بحاجة للحصول على سمات دخول الى الاراضي الفرنسية وطلبوا منه رسائل توصية الى السفارة الفرنسية في طرابلس للحصول على السمات (...)».
واوضح ان «في صبيحة يوم 31/8/1978 اطلع سماحة الامام الصدر الشاهد الصحافي اسعد المقدم انه سيعود الى لبنان لأن المقابلة مع العقيد القذافي لم تتم حتى تاريخه. غير ان السيد اسعد المقدم شاهد سماحة الامام الصدر مع رفيقيه يغادرون الفندق حوالي الساعة الواحدة ظهراً وانه فهم من خلال تبادل بعض الكلمات مع السيد عباس بدر الدين انهم متوجهون الى مقابلة العقيد القذافي. وكانت هذه آخر مرة يشاهد فيها سماحة الامام ورفيقيه».
وقال: «تبين أن سماحة الامام ورفيقيه قد التقوا فعلاً بالعقيد معمر القذافي بعد ظهر 31/8/1978 وان اللقاء لم يكن ودياً بل كان عاصفاً جداً بسبب التباين في الآراء السياسية والدينية، الأمر الذي حدا بالعقيد القذافي لأن يقول لمساعديه (خذوهم) ومنذ تلك اللحظة اختفت آثار الامام ورفيقيه ولا تزال».
اضاف: «يؤكد الشاهد السيد نزار فرحات انه بعد ظهر 31/8/1978 قصد فندق الشاطئ فلم يجد الامام ورفيقيه فترك جوازي سفر السيدين عباس بدر الدين ومنح الصلح مع السيد بشارة مرهج. وانه مساء اليوم نفسه عاد الى الفندق وحاول الاتصال بغرف سماحة الامام ورفيقيه في الفندق ولكن دون جدوى، بعد ان اخبره موظفو الفندق ان الامام ورفيقيه غير موجودين حالياً في الفندق، وفي صباح اليوم التالي حاول مجدداً الاتصال بسماحته أو بأحد رفيقيه فابلغ عندها من العاملين في الفندق بأن الامام ورفيقيه غادروا الفندق.
وكان من عادة الامام الصدر عندما يكون مسافراً الاتصال يومياً بالمجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في لبنان وبعائلته كما سبق ذكره آنفاً، الا ان مرور عدة ايام دون ان يقوم بهذا الاتصال خلق لدى الجميع بلبلة وتوتراً وخوفاً فجرى الاتصال من المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى بفخامة رئيس الجمهورية اللبنانية آنذاك المرحوم الياس سركيس ودولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور سليم الحص لاطلاعهما على الوضع. وحاول الرئيس سركيس مراراً الاتصال بالعقيد القذافي هاتفياً لكنه لم يتمكن من ذلك، فتم اتخاذ القرار بإيفاد امين عام مجلس الوزراء الدكتور عمر مسيكة مع ضابطين من الشعبة الثانية هما الرائد نبيه فرحات والملازم نصوح مرعب الى ليبيا، الا ان القائم بالاعمال في سفارة ليبيا في لبنان المدعى عليه محمود بن كورة اخذ يماطل في البداية بمنحهم تأشيرة دخول الى الاراضي الليبية، وبعد اتصالات منح امين عام مجلس الوزراء تأشيرة دخول دون الضابطين المذكورين. وبالفعل توجه الدكتور مسيكة الى ليبيا بتاريخ 14/9/1978 وقابل عدداً من المسؤولين الليبيين، الا ان رئيس الوزراء الليبي المدعى عليه الرائد عبد السلام جلود ماطل كثيراً في تحديد موعد له، لكن نتيجة تهديد د. مسيكة بمغادرة الأراضي الليبية وانعكاس ذلك في الشارع اللبناني وفي الموقف الرسمي، حدد له موعد مع الرائد جلود الذي بدا مستغرباً خلال اللقاء ان يكون قد اقدم احد على خطف سماحة الامام الصدر ووعد ببذل المساعي لانهاء هذا الوضع وابلغ الرائد جلود الدكتور مسيكة ان سماحة الامام الصدر ورفيقيه غادروا الى ايطاليا على متن طائرة عائدة لشركة (أليطاليا) في الرحلة رقم (881) وذلك عند الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم 31/8/1978 وانهم سافروا فجأة من دون ابلاغ اي مرجع رسمي ليبي بذلك. مع الاشارة الى ان الوفد الامني المؤلف من الضابطين فرحات ومرعب غادر الى روما لمواكبة التحقيقات الايطالية ولم يتمكن من دخول الأراضي الليبية».
وذكّر القرار ان «السلطات الرسمية اللبنانية طلبت من السلطات الايطالية عبر القنوات الديبلوماسية التحقيق في الموضوع، وبالفعل باشرت النيابة العامة للجمهورية في روما تحقيقا على مرحلتين الاولى بتاريخ 24/9/1978 والثانية بتاريخ 23/9/1981 ووضعت هذه النيابة بتاريخ 20/12/1981 مطالعة طلبت فيها من قاضي التحقيق في روما حفظ القضية اذ ثبت لديها ان سماحة الامام ورفيقيه لم يحضروا الى روما وان الاشخاص الذين دخلوا كانوا منتحلين اسماءهم وهوياتهم وهم مزيفون، ومن ثم وبتاريخ 28/1/1982 قرر قاضي التحقيق في روما حفظ الأوراق لذات الاسباب».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي