رأي قلمي

سبتمبر الذكريات...!

تصغير
تكبير
هُما الذكريات...

اهتموا بترسيخ المبادئ الجوهرية التي تمكننا من فهم طبيعة الحياة وطبيعة الأحياء، التي تتحكم بحركتنا على هذه الأرض، والتي تتحكم بعلاقاتنا مع الآخرين، وتساعدنا على تجنب الكثير من خيبة الأمل وتحمينا من الوقوع في كثير من الأخطاء الكبرى، عاشوا التحدي في تربيتنا واختاروا أساليب سهلة نستوعبها، تحدثوا معنا وحاورونا فقبلنا وتفاعلنا واستوعبنا الأساليب وأصبحت دستوراً ينظم حياتنا.


كانوا على درجة عالية من وضوح الرؤية والتوازن، لذا استطاعوا أن يجعلوا لدينا نوعاً من الجموح في المشاعر، والتصورات وصار لدينا قدر كبير من الاعتزاز بما نعرف، ولا نشعر بالضآلة أو احتقار الذات، كنا نقدر مدى صلابة الآراء التي يحملونها والأحكام التي يصدرونها علينا وعلى الناس وعلى الأشياء.

علمونا التواضع لله والاعتراف بضعفنا ومحدودية علمنا، ولا ندّعي معرفة ما لا نعلم، ونبذل الجهد للتحصيل العلمي، تعلمنا منهم أن كل مخلوقات الله مهما كانت عظيمة وقوية تظل طاقتها محدودة، ولها إمكانات محدودة، حتى الضمير والرادع الداخلي له طاقة محدودة على التحمل، علمونا كيف نمتنع عن كثير من القبائح بسبب الصوت النوراني الذي يجلجل في أعماقنا ناهياً ومحذراً من الوقوع في المعصية، وموبخاً على التفكير في الوقوع فيها، وهذا الوازع يختلف من شخص إلى آخر بحسب المعتقدات التي غرسوها فينا، وبحسب التربية التي تلقيناها.

يحرصون على التزامنا بالصدق وقول الحق، وتجنب الكذب وشهادة الزور حتى وإن كنا نلعب ونلهو لعب الصغار المبطن بالأماني والطموحات، وحتى لا نضع أنفسنا بمواقف صعبة ومحرجة ونجد أنفسنا ضعفاء.

علمونا كيف نستجيب للحسّ الأخلاقي الذي لدينا، حتى نربح ولا نخسر، وأن هذه الاستجابة تعبر عن حسن تربيتنا وحسن عاقبتنا، بينوا لنا بأن الحياة دار الابتلاء.. ابتلاء بالنعماء والسراء، وابتلاء بالآلام والشدائد والكروب، واهتموا بأن نستوعب هذه المسألة في وقت مبكر، لأنهم يريدون أن تدخل في التكوين العميق لعقولنا ونفوسنا وذلك لأهميتها في توجيه السلوك، وتنظيم ردود الأفعال.

كانوا يغضون الطرف عن بعض الأخطاء، حتى يكسبوا تعاطفنا ويتركوا في أنفسنا نوعاً من المهابة لهم، كانوا يجيبون عن أسئلتنا بأجوبة تتصف بالحكمة ولا نشعر بأننا غير مهمين، رسخوا فينا كيف نكون ذوي طموحات واسعة، لا نتوقف عند حدود، بل نظل نتطلع إلى المزيد من العطاء والإنجاز، تعلمنا منهم كيف نشكر الله على النعم، ونثني عليه، ونستخدم نعمه في مرضاته، ونؤهل أنفسنا لنيل نعمة جديدة، تعيننا على تحقيق آمالنا وإصابة أهدافنا..

نعم هما الذكريات التي نعيشها في اليوم والليلة.. هما والديّ (فهد عبدالرزاق الوهيب - وعائشة صالح الحساوي) تشاركا في كل أمور الحياة حتى في موتهما تشاركا في سبتمبر، فقدت أمي في سبتمبر 2005، وفقدت أبي في سبتمبر 2010، هما كل ما سبق وأكثر، هما الذكريات الحاضرة بأفكارنا وسلوكنا ومنهج حياتنا.

[email protected]

twitter: @mona_alwohaib
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي