أيها الصبي الصغير الذي مات غريقاً على سواحل تركيا، نحن لا نعرف اسمك، فهل تسمح لي أن أسميك (ذا التي شرت الأحمر؟).
هل بكيت عندما سقطت من القارب؟، هل ودعت والديك؟، هل صرخت وصرخت حتى انقطعت أحبالك الصوتية قبل أن ينقطع أملك في النجاة؟ على من كنت تنادي في البحر؟ على أبيك أم أمك أم على وطنك؟ هل آذاك طعم الملح في البحر أم كانت دموعك أكثر ملوحة؟ هل خفت من حيوانات البحر أم أنها كانت أكثر رأفة بك من البشر؟
عموماً، ها أنت أصبحت مشهوراً وانتشرت صورتك على صدر الصفحات الأولى في كل جرائد العالم ومن بينها هذه الجريدة الغراء التي أكتب تحت مظلتها والتي تساءلت (بأي ذنب غرق!).
سأقول لك يا ولدي واسمح لي أيضاً أن أناديك (ولدي) لأنك في عمر ابني، سأقول لك بأي ذنب غرقْت! ولكن قبل ذلك هل تسمح لي أن أتاجر بك كما تاجر بك الجميع، وأكتب عنك مقالاً يتحدث عنه الناس حتى لو رفضت، فسأكتب عنك لأنك عشت حياتك في ثورة لم يؤخذ فيها رأيك، ومت غريقاً بطريقة أيضاً لم يأخذ فيها رأيك، فلماذا أعير اهتماماً لرأيك؟
لقد غرقت يا ولدي بسبب مشايخ ولحى وعمائم أفتوا بالجهاد في وطنك، فجعلوا منه ملعباً للصراعات المذهبية. هل تعلم يا (ذا التي شرت الأحمر) معنى كلمة صراعات مذهبية؟ لا أعتقد، بل إني موقن أنك غرقت دون أن تعلم هل أنت سني أم شيعي!
غرقت بسبب أمة عندها فائض في ولاة «داعش» وفي إرهابيي «حزب الله» ولكنها لا تملك فائضاً من الحياة الكريمة التي تجعلك لا تعبر أمواج المجهول.
وشر البلية يا ولدي ما يضحك، فنحن كدول عربية غاضبون من الدول الغربية لأنها لم تفتح لكم أبوابها كلاجئين متناسين المثل القائل (جحا أولى بلحم ثوره)!
عموما اعلم يا (ذا التي شرت الأحمر ) أن كل من شاهد صورتك غريقاً قد تعاطف معك وأحبك، ولكن بماذا سينفعك حب الناس وتعاطفهم إذا كرهك وطنك؟ ولكن عزاؤك يا ولدي أن كل الأمواج التي ألقت بك على شاطئ بودروم التركي كانت تلعن كل الذين تسببوا في غرقك. لقد كنت يا ولدي ثقيلاً جداً على هذه الأمواج أثقل من سفينة محملة بالأسلحة لقتل أبناء عمومتك الذين بقوا في وطنهم.
ولا تعتقد يا (ذا التي شرت الأحمر) أن مقالي هذا سيصلح الحال، أو سينقذ غريقاً آخر في مثل عمرك، لا يا ولدي، فكل ما أكتبه أنا وزملائي يُلقى به في البحر الميت، تماماً مثلما تم إلقاؤك! وأبشرك أننا سننساك كما نسينا أطفالاً كثيرين غيرك، فهل تسمح لي أن أقبل نعليك قبل أن أنساك؟
****
قصة قصيرة:
جرب كل أساليب الريجيم الموجودة في العيادات... أكل المسلوق... أكل المحروق... أكل الحلال... أكل الحرام... ولكن وزنه ظل ثابتاً كثبات الدول العربية على خط الزمن...
أخبره صديقه أنه اتبع طريقة جديدة وقد جاءت بنتائج مبهرة «علق صورة ذي التي شرت الأحمر في صالون بيتك.. وسيجعلك الهم كفيلاً بألا تأكل».
كاتب كويتي
moh1alatwan@