تقرير / دعوات بريطانية إلى التفاهم مع «طالبان» وإظهار وجهها الإنساني... إعلامياً


احدثت ليسي دوسيت، أبرز مراسلي تلفزيون «بي بي سي»، التي اشتهرت بتغطياتها الإخبارية اللامعة للحرب الأفغانية في عام 2001، والحرب على العراق عام 2003، وحرب لبنان عام 2006، ضجة واسعة أمس، عندما أبلغت المؤتمر الدولي للتلفزيون المنعقد في إدنبره الاسكوتلندية أن التغطية الإعلامية الغربية لما يجري في أفغانستان، ليست متوازنة وأن إظهار الوجه الإنساني لـ «طالبان» والأفغانيين معدوم فيها، فيما تتوارد التقارير عن أن دفة القتال انقلبت لمصلحة الحركة الاصولية أمام القوة الجبارة لقوات حلف شمال الأطلسي.
وانتقدت دوسيت، التغطية الإخبارية لمشاركة الأمير هاري، حفيد الملكة إليزابيث الثانية، وقالت ان ما كان ينقض التغطية البريطانية «إنسانية طالبان، وهو ما قد يبدو غريباً، فطالبان هي مجموعة كبيرة من الناس ومتنوعة. بعضهم يرغب في التحدث مع الحكومة البريطانية. وبعضهم لا يريد محاربة الجنود البريطانيين. لكن بعضهم يريد ذلك. وهؤلاء يمثلون أيديولوجية طالبان. أما نحن فنفتقر إلى القدرة وأحياناً الرغبة لعرض هذا الأمر بطريقة مختلفة، وخلق اهتمام لدى الناس. إنه لأمر محزن».
وأبلغت المؤتمر أن «في بلد صعب وخطير ويواجه مجموعة من المشاكل المعقدة مثل أفغانستان، حقاً لا يمكنك أن تقدم تغطية جيدة والحصول على صورة كاملة عن الوضع ما لم تكن موجوداً هناك على الداخل وعلى الطالع. ما لم تعش هناك وتشعر بحرارة الطقس وتبتلع الغبار». وتساءلت عن شعور الجنود البريطانيين وهم تحت القصف، وتابعت انه لوضع «مخيف وصعب وخطير لأقصى الحدود».
واستطردت: «لكننا نريد أن نعرف أيضاً ما هو شعور الأفغاني الذي يعيش منذ عام 2001 على أمل أن الأمور ستتحسن بينما في الواقع هي أصبحت أسوأ بكثير». وأكدت أن التغطية الإعلامية لما يجري في أفغانستان «أصبحت أسوأ كثيراً». وقالت ان التغطية الإخبارية لبعض الأحداث «جاءت ناقصة في شكل متعمد لأسباب أمنية مثل مشاركة الأمير هاري التي شكلت خطراً كبيراً على زملائه الجنود أو الزيارات التي يقوم بها المسؤولون البريطانيون مثل رئيس الوزراء غوردون براون، التي لا يُسمح للمراسلين بتغطيتها كما يجب خوفاً على حياة المسؤولين».
وتابعت أن تغطية مثل هذه الزيارات «لا تدفع المشاهدين للتفكير بأفغانستان وهم عادة لا يفكرون فيها. فمن شأن تغطية قصة الأمير هاري، على سبيل المثال، أن تدفع الناس إلى التفكير بأفغانستان، وهذا شيء حسن. لكن تلك كانت فرصة ضاعت. إذ أن التغطية لم تتضمن أي ذكر للأفغان وحتى لأفغانستان... وجاءت عبارة عن شخص يقول: ها أنا قد زرت بلداً بعيداً جداً».
وأضافت عقب مشاركة هاري، «ارتفع عدد المشاهدين وحظي هاري باستقبال كالأبطال وتحقق إنجاز كبير، إذ ارتفعت نسبة التجنيد للجيش البريطاني. لكن هل ذلك يعني أن الناس أصبحوا يعرفون أكثر لماذا بريطانيا موجودة هناك؟ إنني أشك في ذلك. فالأسئلة الصحيحة لم تُسْأل». من جهته، أشار اليكس تومسون، مراسل القناة الرابعة للتلفزيون البريطاني، أن قوات الأطلسي، لن تكسب الحرب في أفغانستان وأنها تفقد السيطرة على مناطق واسعة فيها، مثل المنطقة التي تعيش فيها قبيلة الجلاي، جنوب افغانستان إلى الشرق من كندهار. فهذه القبيلة تسيطر على منطقة جبلية صحراوية تبلغ مساحتها نحو 400 ميل مربع محاذية للحدود مع باكستان. وأفرادها مقاتلون بالأجرة مع «طالبان»، رغم الموازنات الضخمة المتوفرة لقوات الأطلسي.
ورأى تومسون، أن المسألة ليست متعلقة بالمال فقط، مشيراً إلى حادث وقع في تلك المنطقة، حيث اعتدى رجل على فتاة قاصرة واغتصبها ثم هرب، فطلب وجهاء الجلاي من المسؤولين في الحكومة الأفغانية، إلقاء القبض على الرجل، بل دفعوا مبالغ كبيرة رشاوى لهؤلاء المسؤولين من دون أن يحصلوا على نتيجة، نظراً لأن الرجل يحظى بحماية بعض تجار الأفيون.
ويرى أفراد الجلاي أن «طالبان» أفضل من حكومة الرئيس حامد كرزي، وأن هذا الرجل كان سيواجه الإعدام لو أنه اعتدى على الفتاة في عهد «طالبان». لذلك فهم يؤيدون الحركة ضد الرئيس.
وقال تومسون، الذي زار المنطقة، ان الجلاي، رغم انحيازهم ضد قوات الأطلسي والحكومة، مختلفون عن رجال «طالبان»، فهم أقل تديناً ولا يريدون تفجير لندن، وكل ما يرغبونه أن يُترَكوا للعيش بسلام. لذلك قال المراسل البريطاني، ان هذا الموقف ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار وأن يُفتح المجال للتفاهم مع هذا الجناح من «طالبان».