تقرير / تحذير أميركي من إمكانية استغلالها التوترات والصراعات للبروز مجدداً

العراق: تكثيف حملات اعتقال عناصر «القاعدة» في ظل أنباء عن هروب قادتها إلى الخارج

تصغير
تكبير
|بغداد - من حيدر الحاج|
تشير التصريحات الاخيرة لجنرالات في الاستخبارات الاميركية، وتلك التي أطلقها مسؤولون امنيون وعسكريون عراقيون، واكدوا فيها هروب عدد من قيادات تنظيم «القاعدة» الى خارج العراق، بغية اعادة ترتيب اوراقها وتنظيم عناصرها من جديد في بلدان اخرى وامكانية شن هجمات في تلك الدول، الى حالة «التقوقع والانحسار»، التي بدأ يصف بها بعض المراقبين «تنظيم القاعدة في بلاد وادي الرافدين» والجماعات المتشددة المرتبطة به.
وفي وقت تكثفت الحملات والعمليات العسكرية التي تنفذها قوات امنية مشتركة ضد عناصر وقيادات الصف الثاني لـ «تنظيم القاعدة في بلاد وادي الرافدين»، اعتقلت القوات الأميركية والعراقية خلال الايام القليلة الماضية، عددا من القادة المحليين للتنظيم، حيث اعلن الجيش الاميركي في بيان، اعتقال قائدين بارزين يشتبه في تورطهما بعمليات خطف وقتل لمصلحة «القاعدة»، اثناء اكثر فتراتها نشاطا في بداية عام 2007.
وعراقيا، قال الناطق باسم خطة فرض القانون اللواء قاسم عطا، ان «القوات الأمنية تمكنت من القاء القبض على المدعو مهدي مصلح الجحيشي، المساعد الأول للإرهابي أبو عمر البغدادي مع ستة من مرافقيه في قرية الجحيشات، ضمن قاطع المدائن».
وفي تكريت الى الشمال من بغداد، قال العقيد حسن أحمد، أن الشرطة اعتقلت اثنين من قادة «القاعدة» كانا فرا من بعقوبة، احدهما قائد الجناح العسكري للتنظيم في بعقوبة، والاخر هو قاض في المحكمة الشرعية للتنظيم في المدينة. وأضاف «أن عملية الاعتقال تمت في احد أسواق تكريت، بناء على معلومات من احد أهالي بعقوبة الذين هجروا إلى محافظة صلاح الدين والذي قاد الشرطة إلى مكان تواجدهما والتعرف عليهما».
ويؤكد الاميرال باتريك دريسكول، الناطق باسم قوات التحالف، ان الاعتقالات «ساهمت بحذف اسماء من عدد قليل متبق من القادة المحنكين في شبكة القاعدة في العراق».
كما تؤكد القوات الأميركية، إن مسلحي «القاعدة» طردوا من كثير من المناطق خلال عام ونصف العام، منذ ان تصدى لهم الكثير من القبائل السنية العربية، لكن المسلحين ما زالوا قادرين على تدبير تفجيرات انتحارية وهجمات أخرى كبيرة.
وتحذر تقارير اميركية عسكرية، من امكانية استغلال التنظيم والجماعات المرتبطة به، للاحداث والتوترات لتنفيذ مخططاتها، واخرها ما حصل في مدينة كركوك الغنية بالنفط والمتصارع عليها، بين الاكراد والعرب والتركمان.
وما يؤكد التحذيرات الاميركية، التفجيرات الاخيرة التي حصلت في كركوك وحي ابو غريب (غرب بغداد)، ونفذتا بواسطة انتحاريان من «القاعدة»، ما يدل على استمرارها في نشاطاتها ولو على شكل محدود.
ويقول اللواء محمد العسكري، الناطق باسم وزارة الدفاع العراقية لـ «الراي»، «ان الهزائم المتكررةَ التي لحقت بعناصر القاعدة في العراق وخسارتَها لمعاقلها فيه دفع قياداتها للبحث عن حواضن جديدة في دول اخرى لتنفيذِ عمليات ارهابية». واضاف «ان الادلة المتوافرة لدينا من وثائق واعترافات لعناصر القي القبض عليهم اخيرا، تؤكد فرار غالبية القيادات الكبرى لتنظيم القاعدة والجماعات المرتبطة به الى خارج العراق، ومن بقي منهم فسيتم اعتقاله اجلا ام عاجلا».
وبسؤاله عن وجهة العناصر الفارة والبلدان التي يمكن ان تكون ممرا عبروا من خلاله الى وجهتهم المقصودة، قال العسكري في شكل مقتضب، «هي نفسها الدول التي سهلت دخولهم للعراق، وهي معروفة للجميع».
مصدر مطلع في القوات متعددة الجنسية، اكد لـ «الراي»، ان التحاليل والمعلومات الاستخبارية تؤكد ان غالبية العناصر التي فرت من العراق «اتجهت نحو افغانستان عن طريق ايران وبعض دول المنطقة ولاسيما الخليجية منها».
وقال المصدر، الذي طلب عدم كشف اسمه، «التقارير الاستخبارية المتوافرة بحوزة الجيش الاميركي، تدل على ان قيادات التنظيم في العراق الاجنبية والمحلية، فرت الى دول مختلفة وهي في طريقها نحو افغانستان، بعد الخسائر التي تكبدتها في معظم المناطق التي كانت تعتبر مناطق نفوذ لها».
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي، اعطى تطمينات للاتحاد الاوروبي في ابريل الماضي، اكد فيها ان تنظيم «القاعدة» اصبح معزولا تماما في العراق وانه يبحث عن ملاذ امن له خارج الحدود، داعيا الدول المجاورة الى منع حصول ذلك، وتضييق الخناق على المقاتلين المتسللين عبر اراضيها.
ويقول عبد اللطيف ريان، المستشار الاعلامي للقوات الاميركية في العراق، ان «من الممكن ان تستغل القاعدة وجماعاتها المناطق التي تشهد توترات وصراعات سياسية واجتماعية لاحداث الفوضى والخراب، وصب الزيت على النار في المشاكل والمواجهات التي تحدث في تلك المناطق للاستفادة من تكوين مستوطنات جديدة لها».
وأوضح «ان القاعدة فشلت في تجنيد الشباب العراقي، وهي الان تستغل الحلقة الأضعف في المجتمع، من الاطفال والنساء لتجنيدهم لتنفيذ مخططاتها وعملياتها في مناطق متفرقة واهداف سهلة لها كالتجماعات المدنية التي يذهب ضحيتها الأبرياء».
وأضاف: «التحاليل المعلوماتية والاستخبارية، تؤكد هروب افراد «القاعدة» من مواقعهم الآمنة التي كانوا يتحصنون فيها، الى مناطق اخرى داخل العراق، والى دول اخرى كافغانستان وبعض دول الجوار من اجل اعادة تنظيم صفوفهم من جديد، وفي محاولة منهم للتركيز على مناطق معينة، لكننا لا نمتلك احصاءات دقيقة عن من تبقى منهم في العراق، لان من الصعب تحديد عددهم لانهم جماعات تتغير وتتبدل باستمرار».
وعن الآلية المستقبلية لعمل «القاعدة» في العراق بعد التشديد وتضييق الخناق عليه، قال ان «المجموعات الصغيرة من التنظيمات المتشددة التي تعمل حاليا، تلجأ الى تنفيذ عمليات اكثر منها اعلامية وتستهدف مواقع مدنية واخرى غير محصنة بعد ما فقدت تحركها المرن في مناطق كثيرة من العراق».
قائد عمليات بغداد الفريق الركن عبود قنبر، اكد في تصريحات صحافية سابقة وخلال جولة تفقدية لبعض المناطق التي كانت تعتبر معاقل لـ «القاعدة» في اطراف بغداد، توفر معلومات تفيد بأن العديد من عناصر وقيادات «القاعدة» غادروا العراق بعد العمليات العسكرية التي ادت الى تفكيك الكثير من شبكات التنظيم.
وأوضح ان «عمليات التفجير التي تحصل في مناطق متفرقة، خصوصا العاصمة بغداد وتنسب لتنظيم القاعدة، لم تعد تشكل قلقا للقوات الامنية، كما انها ليست بالاعمال النوعية»، مؤكدا «ان القطعات العسكرية من الجيش والشرطة اكتسبت خبرة واصبحت في قادرة على اداء واجباتها بشكل لافت للانظار».
والمعلومات التي تمتلكها وزارات الامن العراقية والقوات الاميركية، تفيد بان التنظيم «اصبح في حالة يرثى لها وعناصره تشتت بفعل الملاحقات والمطاردات التي تنفذها القوات المشتركة في مناطق كانت تعتبر حتى وقت قريب معاقل للقاعدة والجماعات المرتبطة بها، واصبح يبحث عن مأوى جديد لتختبأ به عناصره الباقية في العراق».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي