مشهد

بعيداً عن السياسة

u062f. u0632u064au0627u062f u0627u0644u0648u0647u0631
د. زياد الوهر
تصغير
تكبير
كلما أردتُ أن أكتب مقالا أو خاطرة آخذ على نفسي عهدا شفويا ألّا أكتب في السياسة لا من قريب أو بعيد، وكانت وما زالت زوجتي المصون وبعضٌ من أصدقائي يصرون على أن أتجنب الكتابة في هذه المواضيع والتي نهايتها ستكون حتما وخيمة؛ وهي عادة واحدة من اثنتين إما السجن أو الموت بقطع الرأس. ولا أدري حقيقة هل ورثت هذه الصفة عن أبي الذي مثله مثل كل مواطن عربي يتابع القنوات الإخبارية باستمرار أملا في سماع ما يسره ويثلج صدره أم أنها مكتسبة بسبب ما عايشته من تجارب متواضعة في عالم السياسة وبحورها. والحقيقة التي لا لبس فيها أن السياسة تجري في جسدي مجرى الدم في العروق، ومن الممكن أني لا أفقه في شيء سوى السياسة ودهاليزها الملتوية من بين العلوم الحياتية العديدة باستثناء طب الأسنان تخصصي الذي أحبه وأعشقه. والأكيد أنه لا يحلو لتجمعٍ عربي أيّاً كان لشخصين أو أكثر إلا الحديث عن ثلاثة أمور وهي النساء والطقس والسياسة، وطالما أنّي ممنوع عن الحديث في الموضوع الأول فلا أملك سوى عنوانين لكي أتحدث فيهما ما شئت.

الحديث في السياسة لي وللكثيرين هي وسيلة لتفريغ الضغوط بسبب الإحساس بالعجز عن عمل شيء مفيد لهذه الأمة، وكما أنّ هذا الحديث يعتبر وسيلة لإظهار العنتريات العربية التي تجعل كل مواطن عربي فقيها وعالما سياسيا من الطراز الأول، ولكن إن سألته متى استقلت دولة فلسطين قال دعني أبحث عنها في جوجل وذلك ما لن يجده بالتأكيد. وأخيرا قررت في مقالي هذا الحديث عن موضوع مختلف تماما وهو العطية السخية للأمير الوليد بن طلال حينما قرر بملك إرادته أن يتبرع بكامل ثروته في السنوات العشر القادمة للأعمال الخيرية. كان هذا الخبر صادما جدا للوهلة الأولى وظننته كذبة ابريل؛ ولكن ابريل مضى وأصبح تاريخا، فجاء اللقاء التلفزيوني الذي قام به الأمير ليؤكد صحة ما أشيع عنه. والملفت للنظر في الصحافة والإعلام ووسائل الاتصال هذا التهافت الشديد على معرفة الأسباب التي دفعت الأمير للقيام بهذه الخطوة النادرة جدا في عالمنا العربي بين أثريائه وأصحاب الأطيان والتي سبقنا فيها أهل الغرب منذ عقود. وصل الأمر في التحليلات إلى أن قال بعضهم إن الأمير أراد أن يتميز بين الأثرياء وبأن يكون الأول على مستوى العالم بالتبرع بثروته الكاملة والتي تبلغ 32 مليار دولار عدا ونقدا متجاوزا بيل غيتس وغيره. وبصراحة فذلك أمر لا يعنينا مهما كانت نواياه طالما أن الفائدة ستعود على الناس وهذا بالتأكيد سيكون في ميزان حسناته وأما نيته فهي بينه وبين الله ولا شأن لأحد بها مطلقا. ولا أخفيكم سرا أن لعابي قد سال وشهيتي قد انفتحت وتمنيت أن ينالني نصيب من هذه الثروة المهولة مثلي مثل أي مواطن عربي كادح يجني دخله من عرق جبينه وتعبه ولكنه للأسف أعلن أن الثروة سيتم توزيعها مبدئيا على أبناء وطنه وهذا هو الأصوب فالأقربون أولى بالمعروف. وقد أعلن الأمير أن ثروته سيوزعها على أوجه عدة منها تعزيز التفاهم الثقافي بين الشعوب وتمكين المرأة وإغاثة الدول المنكوبة بالكوارث الطبيعية وغيرها. وفي خطوة أولى أعلن أنه سيبدأ بتوزيع الثروة على شكل 10000 منزل ومثلها 10000سيارة وهنا لدي نصيحة لسموه أتمنى أن يتقبلها بصدر رحب وهي أن ينشئ مؤسسة خاصة به لتوزيع ثرواته أسوة بزميله بيل غيتس، وتكون من مهامها التغطية الإعلامية والإنسانية لمجالات صرف الأموال وأوجه التوزيع المتعددة، وثانيا أن يخصص جزءا من ماله الخاص لتعليم الكثير من الطلبة العرب والمسلمين في الجامعات الغربية في التخصصات النادرة مثل الطب والتكنولوجيا وعلوم الفضاء وغيرها فنحن بحاجة لتلك التخصصات أملا في إصلاح ما أفسدته السياسة في أوطاننا. ونصيحتى الثالثة أن يفتح عدة مصانع توفر فرصا لآلاف العاطلين عن العمل فتعيل أسرهم وبالتأكيد ستدعم هذه المصانع اقتصاديات الكثير من دولنا المنهارة والمثقلة بالديون.


هذه بادرة قام بها شخص واحد وستنقذ الآلاف وكم أتمنى أن يقتدي بها العديد من أصحاب الأموال لينعم المواطن العربي المسكين بجزء من خيرات بلاده وأبناء أمته فيرى النور بعد سنوات من الظلام والجوع والحرمان.

خاطرة:

اليد النظيفة... هي تلك اليد التي لم تمتد لتأكل حقوق الآخرين ولكنها ليست اليد المغسولة بالديتول !
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي