تحليل / اقتصاد منهك بحاجة إلى وقت طويل للتعافي

تصغير
تكبير
طهران - أ ف ب - رغم أن رفع العقوبات المتعلقة بالبرنامج النووي سيعزز وضع الاقتصاد الإيراني وينشط التجارة الايرانية، الا ان البلاد تحتاج الى مليارات الدولارات من الاستثمارات الجديدة، ومن المرجح ان تحقيق مكاسب اقتصادية مهمة قد يستغرق عدة اشهر.

ويتيح الاتفاق رفع العقوبات الاقتصادية بصورة تدريجية عن إيران اعتبارا من بداية 2016 لكن الرئيس الاميركي باراك اوباما اكد أن هذه العقوبات يمكن اعادة فرضها في حال انتهكت ايران الاتفاق.


بذلك يمهد الاتفاق بين ايران والقوى الكبرى الطريق امام الشركات الدولية التي لطالما اعتبرت الجمهورية الاسلامية سوقا غير مثمرة.

وبحسب خبراء، فإن عشر سنوات سيطرت عليها الصعوبات المرتبطة بالبرنامج النووي، خلقت مشاكل وكذلك فرصا.

وفرضت الامم المتحدة العام 2006 عقوبات اقتصادية للمرة الاولى على الجمهورية الاسلامية، للاشتباه بتخطيطها لتطوير قنبلة ذرية تحت غطاء برنامج نووي سلمي.

وفي العام 2012، كثفت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي الضغوط على طهران، وفرضا عقوبات على قطاعي الطاقة والمصارف الايرانية.

ومع افتقارها الى الآليات الفعالة لاجراء التحويلات المالية الدولية، بعد منعها من التعامل عبر شبكة «سويفت» المصرفية، اصيب الاقتصاد بالشلل مع جفاف السيولة.

ولكن حتى عندما يتم رفع العقوبات، يجب اتخاذ خطوات اساسية اخرى لتحويل اتجاه الاقتصاد، وفقا للمدير الاداري للغرفة التجارية الالمانية الايرانية دانيال برنبيك.

وقال ان «ايران تحتاج الى تطور تكنولوجي وصناعي، وهذا سيكلف مليارات الدولارات ما لم يأت المستثمرون»، مشيرا الى اهتمام كبير من الشركات الالمانية التي زارت طهران.

وقال ان السوق الايرانية التي تعد 78 مليون نسمة ومع قوى عاملة متعلمة تشكل نقطة ايجابية مهمة لاولئك الذين يبحثون عن ضخ الاموال في البلاد.

وكانت الانتخابات الرئاسية العام 2013 التي اوصلت الرئيس المعتدل حسن روحاني الى السلطة، اشارة الى تغيير في سياسة ايران الاقتصادية.

وادت المحادثات مع دول مجموعة 5+1 (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة، والمانيا)، التي بدات في سبتمبر الماضي وافرزت اتفاقا موقتا بعد شهرين، الى تنفس ايران الصعداء برفع بعض العقوبات عنها في مقابل فرض قيود على انشطتها النووية.

وقد ساعدت تلك الخطوات ايران الى انهاء عامين من الركود، مع نمو بنسبة ثلاثة في المئة العام الماضي.

ونجحت حكومة روحاني، الذي تشجع على الاستثمار الاجنبي، في خفض التضخم من 42 في المئة الى 15 في المئة ما ساعد على استقرار العملة الايرانية (التومان) التي سبق ان فقدت ثلثي قيمتها.

ولكن من دون زيادة في التمويل ودفع اقتصادي جديد، فان هذه المكاسب معرضة للخطر، وفقا لديفيد رامين جليلواند من مركز السياسة الأوروبية في بروكسل.

وقال ان «سيتعين الانتظار على الاقل حتى اوائل عام 2016 قبل ان يتم رفع العقوبات ذات الصلة بالطاقة»، مشيرا الى ضرورة ان يتحقق مراقبو الامم المتحدة من ايفاء ايران بالتزاماتها.

وقد تكون الشركات الاجنبية مترددة بالاستثمار في ايران، نظرا الى خطر اعادة فرض العقوبات في حال اخلت طهران بوعودها. واقر روحاني في يونيو بان «اسابيع وربما اشهرا قد تمر» بين توقيع الاتفاق والبدء في تنفيذه بما يشمل رفع العقوبات الدولية.

ويعتبر قطاع الطاقة الايراني هدفا دسما، اذ ان ايران التي تمتلك رابع اكبر احتياطيات النفط في العالم والثاني من الغاز، لديها ايضا اكبر مخزونات الطاقة في العالم.

واعلنت وزارة النفط انها تعتزم جذب ما يصل الى مئة مليار دولار من الاستثمارات الاجنبية لتحديث القطاع، الذي لم يشهد تطورا طيلة عشر سنوات.

وانخفض الانتاج الى اقل من ثلاثة ملايين برميل يوميا منذ العام 2012، في حين ان الصادرات انخفضت الى النصف تقريبا مع 1,3 مليون برميل يوميا في مقابل 2,5 مليون برميل العام 2011.

وقال وزير النفط الايراني بيجان زنقانه ان ايران يمكنها ان تنتج مليون برميل اضافي يوميا في الاشهر الستة التالية لرفع العقوبات.

وعن طريق تغيير هيكلية العقود النفطية، تسعى الوزارة مرة اخرى الى جذب شركات النفط الكبرى، التي منيت بخسائر كبيرة حين اضطرت لمغادرة البلاد.

وارسلت شركتا النفط العملاقتان (شل) الهولندية و(ايني) الايطالية مبعوثين الى طهران لاجراء محادثات.

لكن وضع اللمسات الاخيرة على عقود جديدة، في عملية بدأت بعد انتخاب روحاني، اصبحت عملية طويلة الامد.

وتم تأجيل اعلان الاتفاق في لندن في شهر سبتمبر حتى ديسمبر.

ويمكن ان يحفز الاتفاق النووي ايضا على الاهتمام في قطاع صناعة السيارات في ايران، اذ ان صانع السيارات الفرنسي (بيجو ستروين) الذي غادر البلاد في اوائل العام 2012، والذي تعتبر ايران السوق الثاني الاكبر بالنسبة اليه، يناقش تجديد الشراكة مع «ايران خودرو».

ولكن بالنسبة الى استاذ الاقتصاد في جامعة العلامة طبطبائي في طهران محمد غولي يوسفي، فان الاستثمار الأجنبي وحده لن يكون كافيا.

وقال ان ايران «تحتاج الى اصلاحات اقتصادية اساسية» لدفع عجلة الانتاج وتجنب ازمة اخرى، مشيرا الى ضرورة اجتثاث الفساد وسوء الإدارة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي