صدى الكلمة

الطاقة الشمسية بـ«بلاش»

تصغير
تكبير
اعتاد الناس على الخوف والانزعاج عند سماعهم لأي شيء له علاقة بالقنبلة الذرية أو السلاح النووي، وهم محقون في ذلك لمعرفتهم بمآسي الشعب اليابانى بعد أن ألقى الأميركيون قنبلتين عام (1945) على مدينتي هيروشيما ونجازاكي تسببتا في قتل الآلاف خلال ثانيتين فقط، فضلا عن الأمراض التي انتقلت وراثيا عبر الأجيال. لهذا فالالتباس في فهم القصد من الطاقة النووية للأغراض السلمية لا يبرر أحياناً عند البعض تذكر المآسي الناجمة عن التعامل مع الطاقة النووية لو كانت للأغراض السليمة كإنتاج الكهرباء.

ثم مَن يدري أن الهدف من إنتاج الكهرباء لا يتحول إلى إنتاج للسلاح النووي نتيجة التغيير في الإجراءات كالعمل على رفع معدلات تخصيب اليورانيوم أو استخدام البلوتونيوم، وبالتالي زيادة أجهزه الطرد المركزي، وإخفاء النشاطات والمعلومات والأماكن عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والامتناع عن التجاوب مع المطالب الدولية.


الحالة الإيرانية قد تكون نموذجاً لافتاً للرغبة في الطاقة السلمية لكن طبيعة النشاطات النووية الإيرانية أدت إلى ارتياب دولي من الإجراءات المطبقة للحصول على هذه الطاقة والتي جعلت الدول تعتقد بأن الممارسة النووية لا تعكس أغراضاً سلمية في المدى البعيد. لا شك أن تغيير الرغبة من طاقة نووية سلمية إلى عسكرية أثناء عملية الإنتاج هو الذي يؤدي ليس فقط إلى معارضة إنتاج الطاقة النووية غير السلمية، وإنما أيضا الرغبة الحقيقية للحصول على طاقة نووية لأغراض التنمية. هنالك دول مثل تركيا ومصر والسعودية والإمارات وغيرها لا تخفي رغبتها في تملك الطاقة النووية للأغراض السلمية، ولا تجد صعوبة في التوصل إلى الطاقة النووية للأغراض السلمية لكن حدود العمل في هذا المجال مقيد بشروط دولية.

كثيرون يتساءلون عن جدوى التحول إلى بناء محطات نووية للأغراض السلمية بينما مشروع كهذا تكلفته باهظة، ومخاطره كثيرة قد تخرج عن سيطرة الدولة إذا ما حدث أمر ليس في الحسبان، أو خطأ بشري فادح. ولعل كوارث المحطات النووية في أميركا واليابان خير دليل لتجنب دول مثل ألمانيا وهولندا والدول الإسكندنافية بناء محطات لتوليد الطاقة الكهربائية.

إن مصادر الحصول على الكهرباء، خصوصا في دول الشرق المتوسط ميسرة أكثر من غيرها إذا تم استخدام أشعة الشمس الساطعة معظم شهور السنة، علما بأن هذا المصدر من أرخص المصادر، والعمل فيه آمن، ومستهدفاته كالحصول على الكهرباء لا تقل قوة مقارنة بالطاقة النووية. فإذا كانت طاقة الشمس ببلاش، فلماذا العناء والإنفاق اللامحدود، والدخول فى مخاطر ضبط السلامة، والتوجه للرقابة الدولية على الطاقة النووية التي في حال حدوث الكوارث سواء كانت بسبب الأخطاء البشرية أو من الطبيعة ذاتها تكون نتائجها وخيمة على الدولة والناس؟

هناك دول مازالت تستخدم الطاقة الشمسية في الحصول على الكهرباء في التدفئة أو الإنارة، لكن الجهود المبذولة في هذا المجال مازالت متواضعة رغم قلة تكلفتها. فكما يبدو أن المشكلة الأساسية تعود إلى الحاجة لتطوير تكنولوجيات الأجهزة المستخدمة في استغلال أشعة الشمس وتحويلها عبر خلايا وآليات إلى طاقة كهرباء كافية للاحتياجات البشرية. لكن المعروف عن الطاقة الشمسية بالنسبة لغالبية الدول المتقدمة تعود أيضا إلى العوامل المناخية، وخاصة سطوع الأشعة خلال السنة والقدرة على الاستفادة من طاقتها بصفة مستمرة. لاشك أن هذه الصعوبات تتباين من مكان لآخر، وهي لا تشكل معضلة في الإقليم العربي الذي ينقصه فقط تكنولوجيا متقدمة لطاقة الشمسية نظيفة قليلة التكلفة وخالية من المخاطر.

yaqub44@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي