تقرير / «الوطني»: ارتفاع حاد في المصروفات الحكومية قد يوصلها إلى 19 مليار دينار في السنة المالية الحالية

تصغير
تكبير
تناول بنك الكويت الوطني في اخر تقرير اقتصادي له عن الميزانية العامة للكويت للسنة المالية 2008/2009، والتي اقرها مجلس الامة اخيرا، علما ان السنة المالية بدأت في ابريل الماضي.

وقال التقرير ان الميزانية تشير الى ارتفاع حاد في المصروفات الحكومية يقدر ان تصل الى 19 مليار دينار، لتسجل بذلك زيادة نسبتها 68 في المئة عن مستواها المقدر في ميزانية السنة السابقة. ويعزى هذا الارتفاع في المصروفات بالدرجة الاولى الى رصد مبلغ قدره 5.5 مليار دينار كتحويل استثنائي للمؤسسة العامة للتامينات الاجتماعية، لتغطية جزء من العجز الاكتواري لدى هذه المؤسسة، الى جانب ارتفاع كلفة الوقود المستخدم في توليد الطاقة وغيرها من المصروفات الجارية.


وفي المقابل، فان اعتمادات الميزانية للمصروفات الراسمالية تم خفضها من مستواها القياسي للعام السابق التي كانت قد شهدت تزايدا حادا في ضوء المشاريع الطارئة لمواجهة محدودية طاقة توليد الكهرباء.

واشار «الوطني» الى انه في حين ان تحويلات الحكومة للمؤسسة العامة للتامينات الاجتماعية وكلفة وقود توليد الطاقة لن يكون لها اثر توسعي على الطلب المحلي، فمن المتوقع للزيادة الملحوظة في اعتمادات الميزانية للبنود الاخرى ان توفر حافزا ماليا للنشاط الاقتصادي في البلاد. وتشير تقديرات «الوطني» الى ان حجم المصروفات التي تعكس الصورة الفعلية للسياسة المالية وتسهم في تعزيز الطلب الكلي للاقتصاد، اي جملة المصروفات مستثنيا منها المدفوعات التحويلية للمؤسسة العامة للتامينات الاجتماعية، والتحويلات الى الخارج، وتكلفة شراء السلع والخدمات العسكرية من الخارج، الى جانب تكلفة الوقود المستخدم في توليد الطاقة ودعم الوقود، والاعفاءات من القروض العقارية- يقدر له ان ينمو بما نسبته 8.3 في المئة، متراجعا بذلك عن متوسطه السنوي للا عوام الثلاثة السابقة والبالغ 22 في المئة. ومثل هذا التطور يعتبر ايجابيا من ناحية التضخم، حيث ان السياسة المالية التوسعية كانت من العوامل الرئيسية التي اسهمت في تغذية الضغوط التضخمية المحلية.

وفي جانب الايرادات، قال «الوطني» ان الميزانية تقدر زيادة في الايرادات النفطية وغير النفطية بنحو 52 في المئة. وعلى الرغم من هذه الزيادة، فان الميزانية ما زالت تظهر عجزا ماليا مقداره 7.6 مليار دينار. وتجدر الاشارة الى ان ميزانية الدولة للسنة المالية السابقة (2007/2008) كانت تقدر تحقق عجزا مقداره 3 مليارات دينار، وذلك قبل استقطاع ما نسبته 10 في المئة من الايرادات الى صندوق احتياطي الاجيال القادمة، في حين اظهرت البيانات الختامية تحقيق فائض فعلي بلغ مقداره 9.3 مليار دينار خلال تلك السنة. وهذا التباين بين تقديرات الميزانية وما تؤول اليه التطورات الفعلية في نهاية العام والذي اصبح الان نمطا اعتياديا يعزى جزء كبير منه الى الافتراضات بالغة التحفظ التي تستخدم في تقدير الايرادات النفطية. فعلى سبيل المثال، قدرت الا يرادات النفطية للسنة المالية السابقة على اساس ان يبلغ متوسط سعر برميل النفط الخام الكويتي 36 دولارا ، في حين ان ميزانية السنة المالية الحالية تعتمد سعر 50 دولارا لبرميل النفط.

وتشير تقديرات الميزانية الى ان الايرادات النفطية ستصل الى 11.7 مليار دينار، متجاوزة بذلك تقديراتها للعام السابق، بما نسبته 56 في المئة. وتبعا للميزانية، فان هذه الزيادة في الايرادات النفطية تعكس الزيادة الملحوظة في اسعار النفط وكميات انتاجه المفترضة في الميزانية، الى جانب ارتفاع كلفة الانتاج. فاضافة الى رفع السعر المفترض لبرميل النفط الخام الكويتي بما نسبته 39 في المئة، تقدر الميزانية ارتفاعا في متوسط انتاج الكويت من النفط الخام بنحو 0.3 مليون برميل يوميا عن مستواه للسنة المالية السابقة ليصل الى 2.5 مليون برميل يوميا ، اضافة الى تصاعد تكلفة انتاج النفط من 1.155 دينار للبرميل للسنة المالية 2007/2008 الى 1.302 دينار للبرميل في السنة المالية الحالية.

وتجدر الاشارة الى ان الميزانية، اخذت بعين الاعتبار الاثر السلبي على الايرادات النفطية الناجم عن رفع سعر صرف الدينار مقابل الدولار، وذلك بافتراضها ما نسبته 3.6 في المئة ارتفاعا في سعر صرف الدينار مقابل الدولار خلال السنة المالية الحالية عن مستوى سعر الصرف المعتمد للعام السابق. وبما ان متوسط سعر برميل النفط الخام الكويتي قد بلغ 113 دولارا خلال الربع الاول من السنة المالية الحالية، فان تقديرات «الوطني» تشير الى ان متوسط هذا السعر سيتراوح ما بين 108 دولارات و128 دولارا للسنة المالية بأكملها، مما يعني ان فائض الميزانية الفعلي للسنة المالية 2008/2009 قد يأتي على الارجح ما بين 9.7 مليار دينار و15.8مليار دينار وذلك قبل استقطاع ما نسبته 10 في المئة الى صندوق احتياطي الاجيال المقبلة.

اما الايرادات غير النفطية، فقدر التقرير ان ترتفع بشكل ملحوظ وبنحو 156 مليون دينار وما نسبته 18 في المئة عن مستواها المقدر في السنة المالية السابقة لتتجاوز وللمرة الاولى حاجز المليار دينار (مع انها كانت قد بلغت فعليا نحو 1.3 مليار دينار في السنة المالية السابقة). وتشير الميزانية الى ان الضرائب والرسوم الجمركية ستسهم بالزيادة الاكبر في الايرادات غير النفطية بارتفاعها بنحو 31 مليون دينار في ضوء النمو القوي المتوقع في النشاط الاقتصادي وفي قيمة الواردات السلعية. كما يقدر للاداء المتميز لقطاع الاعمال ان يسهم في رفد ميزانية الحكومة من الضرائب على الدخل والارباح بنحو 26 مليون دينار اضافية عن السنة المالية السابقة. اما بخصوص ايرادات الخدمات والتي تعتبر المصدر الرئيسي للايرادات غير النفطية، فيقدر ايضا ان تواصل مسيرة نموها الملحوظة ولترتفع بما مقداره 64 مليون دينار، وخاصة من الايرادات الناجمة عن رسوم الخدمات الصحية وخدمات الكهرباء والماء.

وعلى صعيد المصروفات، تشير اعتمادات الميزانية الى ارتفاع المصروفات على الرواتب والاجور للعاملين في القطاع العام باستثناء العسكريين (الباب الاول) بنحو 584 مليون دينار وما نسبته 22 في المئة لتصل الى 3.2 مليار دينار. وتعكس هذه الزيادة بالدرجة الاولى ما مقداره 356 مليون دينار تم اعتمادها لتغطية تكلفة زيادة مخصص غلاء المعيشة للعاملين في القطاع الحكومي التي تم اقرارها في ابريل الماضي، الى جانب 76 مليون دينار تم رصدها لتعيين الموظفين الجدد من المواطنين.

ولحظ «الوطني» ان كافة الوزارات من المقدر لها ان تشهد زيادة في حجم مصروفاتها على الرواتب والاجور، حيث تم تخصيص اكبر زيادة لدى وزارة الداخلية (49.8 مليون دينار)، ووزارة التعليم (44 مليون دينار)، والحرس الوطني (24.3 مليون دينار). وتشمل مخصصات هذا الباب رواتب ما يقدر بنحو 205.500 موظف حكومي بعد استثناء العسكريين، علما ان 73 في المئة من هؤلاء الموظفين الحكوميين من الكويتيين. وبالمقابل، يقدر تراجع جملة الرواتب والاجور لدى وزارة الدفاع والتي تندرج ضمن الباب الخامس بما نسبته 3.1 في المئة لتصل الى 930 مليون دينار وذلك في اعقاب الزيادة الكبيرة البالغة 35 في المئة للسنة المالية السابقة.

وفي حال تم حصر كافة المصروفات المرتبطة بالتوظيف والتي تندرج ضمن البابين الاول والخامس، بعد استثناء التحويلات الاستثنائية للمؤسسة العامة للتامينات الاجتماعية، يلاحظ ان حصة هذه المصروفات في جملة المصروفات ستصل الى 40 في المئة، في حين ستبلغ مساهمتها في اجمالي الزيادة المقدرة في المصروفات الى 39 في المئة.  

كما تشير تقديرات الميزانية الى استمرار وتيرة النمو المتسارع في حجم المصروفات على المستلزمات السلعية والخدمات (الباب الثاني) في ضوء تصاعد اسعار النفط ومعدل استهلاكه، حيث يقدر ان يرتفع حجم المصروفات على هذا الباب بما نسبته 68 في المئة او ما يعادل زيادة قدرها 1.2 مليار دينار وذلك في اعقاب نمو قدرت نسبته بنحو 28 في المئة في السنة السابقة. ويعود نحو 89 في المئة من الزيادة في اعتمادات هذا الباب الى ارتفاع تكلفة الوقود المستخدم في توليد الطاقة. وتبلغ اعتمادات هذا الباب ما نسبته 23 في المئة من جملة المصروفات الحكومية باستثناء التحويلات الاستثنائية الى مؤسسة التامينات الاجتماعية، وذلك مقابل ما متوسطه 15 في المئة للسنوات الاربع السابقة.

اما بخصوص المصروفات الرأسمالية والاستملاكات العامة (الباب الرابع)، فتقدر الميزانية ان تسجل اول تراجع لها منذ تسعة اعوام، ولتنخفض بنحو 19 في المئة عن السنة السابقة او ما مقداره 394 مليون دينار لتصل ا لى 1.66 مليار دينار. ويلاحظ ان هذا الخفض سيظهر في اعتمادات المشاريع التنموية القائمة والجديدة وبما مقداره 428 مليون دينار لتصل الى مليار دينار، في حين تم خفض مخصص الاستملاكات العامة بنحو 89 مليون دينار ليبلغ 179 مليون دينار. ويقدر ان يأتي معظم هذا التراجع في الانفاق الرأسمالي لدى وزارة الكهرباء والماء (396 مليون دينار).
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي