سعود عبدالعزيز العصفور / الفشل الأميركي في العراق!

تصغير
تكبير

الخبر الذي أوردته قبل أيام جريدة «الواشنطن بوست» عن ازدياد نسبة الجنود الأميركيين الذين يفرون من مناطق عملهم في الجيش بأكثر من ثمانين في المئة مقارنة بأعدادهم في بداية حرب العراق الأخيرة، يدل دلالة أكيدة على حجم المأزق الكبير الذي وقعت فيه الولايات المتحدة في العراق بعد أربعة أعوام من بدء حربها لإسقاط نظام حزب «البعث» هناك.

وحسب مصادر الجيش الأميركي فإن تسعة من كل ألف جندي فروا من وحداتهم العسكرية في العراق خلال هذا العام، أي ما يقارب خمسة آلاف جندي في أرض المعركة، وهذا رقم كبير بالنسبة إلى عدد القوات الأميركية المتواجدة هناك. هذا الرقم وإن لم يصل إلى أرقام الجنود الفارين إبان حرب الولايات المتحدة في فيتنام إلا أنه في ازدياد عاماً بعد عام، وإذا طال الأمد بالقوات الأميركية في العراق فقد يقارب عدد جنودها الفارين من أرض المعركة في العراق عددهم في حرب فيتنام.

الفشل الأميركي في العراق أصبح أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، رغم نجاح العملية العسكرية هناك في إسقاط أحد أسوأ الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة، إلا أن تخبط الإدارة الأميركية وعدم استعدادها للوضع في ما بعد سقوط النظام البعثي، جعل المحاولة الأميركية لخلق «عراق ديموقراطي» تفشل فشلاً ذريعاً، فبدأت بتقسيم البلد تقسيماً طائفياً مزقت به العراق، وأتبعت ذلك التقسيم بعمليات نهب وسلب لثروات العراق تحت غطاء مشاريع إعادة الإعمار التي أوكلت إلى شركات أميركية معينة اتضح مع مرور الوقت حجم الفساد المالي والإداري المستوطن فيها وتواطؤ بعض القيادات العسكرية في العراق معها.

هذا الفشل من المتوقع له أن يستمر حتى وإن رفعت الولايات المتحدة من عدد قواتها في العراق أو دعمت هذا الفصيل أو تلك الطائفة، فالوضع في العراق لا يتوقع له أن يستقيم مادام قائماً على نظام «المحاصصة الطائفية»، ومادامت القوات الأمنية والعسكرية فيه تدين بولاءات متعددة الكثير منها يفوق الولاء للوطن الواحد. كما أن تقسيم العراق، كما طالب الكونغرس الأميركي بذلك منذ فترة، لن يحل مشاكله، بل سيعقدها ويدخل العراق وباقي المنطقة في صراعات عرقية وطائفية لا تنتهي ولا رابح فيها. لن يكون أمام العراقيين إلا الاعتماد على أنفسهم أولاً قبل اعتمادهم على الآخرين بما فيهم الولايات المتحدة التي تفتقد لأي تصور واضح للخروج من مأزقها هناك، وبداية طريق الحل تكمن في الاعتراف بالفشل الأميركي في خلق نظام عراقي قائم على مبدأ المحاصصة الطائفية.


سعود عبدالعزيز العصفور


كاتب ومهندس كويتي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي