المدير المساعد لمنظمة التغذية والزراعة العالمية رأى أن ثمة نهاية ممكنة للصراع الدائر في سورية

لوران توماس لـ «الراي»: الـ 500 مليون دولار من الكويت للسوريين محل تقدير كبير من «الفاو»... لكن الأزمة تبقى كبيرة

u0644u0648u0631u0627u0646 u062au0648u0645u0627u0633 (u062au0635u0648u064au0631 u0623u0633u0639u062f u0639u0628u062f u0627u0644u0644u0647)
لوران توماس (تصوير أسعد عبد الله)
تصغير
تكبير
• سورية تحتاح مساعدات بقيمة 9 مليارات دولار وهو مبلغ يفوق تبرعات المانحين

• الوضع السوري يزداد سوءاً... و6.7 مليون سوري في الداخل يعانون أزمة غذاء حادة
أكد المدير العام المساعد لمنظمة التغذية والزراعة العالمية «فاو» لوران توماس أن المساهمات الكويتية إلى السوريين المتضررين من النزاع محل تقدير كبير من منظمة التغذية التابعة للأمم المتحدة لافتاً إلى انه يوجد ما يفوق 900 مليون إنسان على مستوى العالم يعانون من الجوع اليوم.

وأضاف توماس في لقاء مع «الراي» ان تبرع الكويت بمبلغ 500 مليون دولار خلال مؤتمر المانحين الثالث مبلغ ضخم بالفعل ولكن تبقى الأزمة كبيرة.


وأكد ان الوضع السوري يزداد سوءاً لافتاً إلى ان هناك 6.7 مليون سوري في الداخل يعانون أزمة غذاء حادة.

وذكر أن ما تحتاجه الدول المتضررة من النزاعات كبير بشكل تعجز عنه كل تبرعات الدول المانحة مؤكداً ان التهديدات الإرهابية من أكبر المشكلات التي تواجه الشعوب التي تعاني نقص الغذاء في أماكن النزاعات اليوم.

ولفت إلى أن معدل الإنتاج الزراعي السوري انخفض من 5.2 مليون طن من القمح في العام 2012 إلى نحو 2.6 مليون طن فقط.

وشدد على ان منظمة التغذية والزراعة العالمية «فاو» تعمل بحياد إلى حد كبير لافتاً إلى ان التهديدات الإرهابية والنزاعات تهدد مشروعات المنظمة لدعم الشعوب المتضررة. وأكد ان المنظمة تذهب إلى أماكن الصراع لمساعدة الناس وليس الوقوف بصف جانب دون الآخر داعياً إلى النظر بإيجابية للمستقبل مهما كانت الظروف. وإلى نص اللقاء:

• ما تقييمك للوضع في سورية اليوم في ضوء الأرقام التي أعلنها مسؤولون أمميون من وجود 12 مليون سوري بحاجة إلى المساعدة الملحة ؟

- للأسف الشديد الوضع السوري يزداد سوءاً، وعند النظر إلى المجالات التي تتبع لعمل منظمتنا منظمة الأغذية العالمية والزراعة فيمكننا ملاحظة أن الزراعة والمحصولات الزراعية السورية، كانت من بين الأفضل على مستوى المنطقة.

وسورية التي كانت تزرع القمح وأنواعا شتى من المنتجات، والتي تشتهر بالفستق المميز، وكل تلك الأغذية الغنية أصبحت اليوم في وضع سيئ للغاية، وبمرر الأعوام يتواصل تدمير قدرتها على إنتاج الغذاء، وذلك مع استمرار النزاعات المسلحة إضافة إلى موت الحيوانات المتصلة بالدورة الطبيعية للحياة وهو ما يضعف القدرات الطبيعية الهائلة التي كانت تتمتع بها سورية.

وإذا تحدثنا عن الأرقام فسنجد مثلاً أن القمح وهو احد أهم المحاصيل كانت تنتجه سورية بما يعادل 5.2 مليون طن من القمح وهو ما كان كافياً لغذاء الشعب السوري، أما اليوم فالإنتاج من القمح لا يتعدى 2.6 مليون طن وسط صعوبات بالغة في عملية الزراعة والحفاظ على الحيوانات التي تموت بنسبة متزايدة.

ثم نأتي إلى دول الجوار السوري والتي أظهرت بدورها سخاء كبيراً في التعامل مع الحالة السورية، ولكن وفي الوقت ذاته أظهرت عجزاً عن تحمل إعاشة وضيافة الشعب السوري. وليس ذلك فقط بل إن شعوب دول جوار سورية ذاتها تحتاج إلى دعم ومساندة غذائية أخرى بسبب ضعف مواردها المالية وتراجع قدراتها الغذائية ما يحتم علينا مساعدة دول الجوار، حتى تتمكن من تخطي صعوباتها في دعم اللاجئين السوريين، وكذلك صعوباتها في الإيفاء باحتياجات شعوبها مع محدودية القدرات الاقتصادية للدولة.

• بعض المنظمات الدولية تحدثت عن صعوبات في وفاء المانحين بالمبالغ التي تبرعوا بها لدعم سورية...ما تعليقك؟

- المشكلة أن حجم الحاجة كبير جداً وهو في ازدياد، فنحن نتحدث في الحالة السورية عن الحاجة إلى ما يقارب 9 مليارات دولار والمانحون يقومون بعمل كبير من جهة تقديم التبرعات ولكن المطلوب يفوق ما يتم التبرع به بكرم بالغ من الدول المانحة.

وأرى أن الموضوع لم يعد يقتصر على الأزمة الإنسانية بل أصبح يتجاوز ذلك إلى أزمة على المستويات التنموية.

أما بخصوص الشكوى من عدم كفاية ما يقدم من جهة المانحين اعتقد أن ما تحتاجه الدول المتضررة من النزاعات كبير بشكل تعجز عنه كل محاولات الاستيفاء ولننظر مثلاً إلى ما قدمه الكويتيون في مؤتمر المانحين الثالث لسورية وهو 500 مليون دولار، هذا مبلغ ضخم بالفعل، ولكن الأزمة تبقى كبيرة.وفي ما يتعلق بقطاع الزراعة فنحن حصلنا على تبرعات مهمة من عدد من الدول، ونأمل في مناقشة هذا الملف مع الكويت لنرى ما يمكن انجازه في هذا السياق أيضاً لدعم المزارعين في الدول المتضررة.

• كيف تحددون الاحتياجات الخاصة بالدول التي تعاني من الأزمات الغذائية والجوع، وما آلياتكم لتقديم المساعدات التي تقدمها الدول ؟

- هناك آليات متبعة عادة لتقديم المساعدات إلى الدول والمناطق التي تعاني من أزمات غذائية فمثلاً لو افترضنا أنا حصلنا على تبرع بقيمة 150 دولاراً فبإمكاننا المساعدة في زراعة مقدار هكتار من الأراضي وهذا مقدار كبير من الأرض التي تتم زراعتها ولنتخيل ان هذا الهكتار الواحد يكفي لإطعام عائلة مكونة من 7 أفراد لما يزيد على العام الكامل وهذه طريقة عظيمة لاستثمار الأموال في تقوية الانتاج الغذائي بدلاً من تقديم الطعام بصورة مباشرة وهذه احدى الطرق لتقديم المساعدة، وهناك أيضاً طرق لدعم مقدرة الأفراد والأسر على انتاج الغذاء وبالتالي الاستمرار في الاستفادة منه لمدة طويلة، ومن هذه الطرق دعم الثروة الحيوانية، وهي عامل مهم جداً في حياة شعوب كثيرة، فالكثير من الناس في المناطق المتضررة يعتمدون في حياتهم وغذائهم على أعداد محدودة من الحيوانات التي لو تمت رعايتها والحفاظ عليها تشكل فرقاً في حياتهم.

وبالنسبة إلى انتاج الخضراوات، فحتى في مخيمات اللجوء يمكن زراعة الخضراوات في مساحات صغيرة، ويمكن ان يستفيد منها اللاجئون.

• ما أهم المشكلات التي يعاني منها العالم اليوم في مجال نقص الغذاء ومحاربة الجوع ؟

- في الواقع يعاني العالم اليوم من وجود ما يفوق 900 مليون إنسان يعانون من الجوع على مستوى العالم والمشكلة ليست فقط في نقص الغذاء، بل انها أيضاً مشكلة عدم الحصول على الغذاء أحياناً بسبب الغلاء فينبغي ان ننظر إلى المشكلة من الجانبين وأولها نقص الغذاء ذاته، وثانيها صعوبة الحصول على الغذاء المتوافر بالفعل.

• ماذا عن التهديدات الإرهابية في المناطق المختلفة، كيف تتعامل معها المنظمات الأممية، وإلى أي مدى تؤثر في وصول الغذاء والمساعدات إلى المتضررين في المناطق التي تسيطر عليها في العالم ؟ وهل الأوضاع تتجه إلى الأفضل أم إلى الأسوأ في سياق تقديم المساعدات لهذه المناطق ؟

- هذه المشكلة نتعامل معها باستمرار في إطار صعوبات الوصول إلى الغذاء بالنسبة لمناطق النزاع ومن المؤسف أن الكثير من المناطق الزراعية التي يزرع بها القمح، تقع تحت سطوة أماكن النزاعات والصراعات المسلحة مثل حلب، ودير الزُّور، وإدلب وحماه في سورية، وهذه المناطق جميعها من الصعب الوصول اليها بسبب الصراع.

وأرى ان الأمور في سورية تتجه في الواقع إلى الأصعب ولكن يمكننا القول ان الأمور تعتمد أيضاً على مدى حدة الصراع في كل مكان ونحن لدينا فرق تتواجد ليس فقط في سورية بل أيضاً في الاردن، ولبنان وأماكن أخرى، ونقوم بعمليات في داخل الحدود، وكذلك عبر الحدود مع سورية، والصعوبات تمتد الى عمليات الاغاثة التي تجري داخل الدولة، وايضاً تلك التي تكون عابرة للحدود.

وإجمالاً أرى مجملا ان الوضع صعب في أماكن كثيرة بحيث لا يمكن أحياناً الوصول إلى أماكن المتضررين وإغاثتهم.

• كيف تصف لنا العمل الإغاثي الذي تقومون به في داخل دول الجوار السوري وللدول الأخرى التي تضم لاجئين بسبب الحروب والنزاعات ؟

- نحن نتدخل في الحالة السورية بطريقتين الأولى تتمثل في دعم اللاجئين السوريين المتواجدين في دول الجوار من خلال عمل مشروعات صغيرة مثل زراعة مساحات بسيطة من المحاصيل والخضراوات بهدف تحسين مستوى تغذية اللاجئين والأطفال.

وهناك نوع آخر من الدعم الذي نقدمه للمجتمعات التي تستضيف اللاجئين وبإمكاني الحديث عن احد النماذج للمشروعات التي نقوم بها في لبنان، ففي لبنان مثلاً هناك عائلات فقيرة مع استضافة لبنان لأعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، فما نقوم به نحن هو مساعدة تلك العائلات اللبنانية في انتاج أنواع محسنة من البيض،وهذه الأنواع يتم بيعها إلى برنامج الغذاء العالمي والذي يقدمها بدوره إلى اللاجئين ضمن برامج الغذاء الممنوحة اليهم، وهنا نقدم المساعدة للجانبين في آن واحد لأولئك الذين يعانون الفقر في لبنان واللاجئين السوريين الذين تستضيفهم لبنان.

• بما انك زرت سورية مرات عدة، صف لنا الوضع هناك وهل ترى نهايةً للحرب الدائرة حالياً ؟

- بحسب تقديراتنا هناك ما يقارب 6.7 مليون سوري في الداخل يمرون بأزمة غذاء حادة، وهذا يعني ان هؤلاء الناس لا يحصلون على الغذاء الملائم يومياً وهم يعانون الجوع وهذا هو الأكثر الحاحاً في الوضع السوري ونحن نحاول دعم هذه الحاجات وسد ما نستطيع منها من خلال برامجنا للدعم الغذائي وهناك برنامج نقوم به أيضاً لمعالجة الجفاف في بعض المناطق في سورية.

وفي ما يتعلق بنهاية الصراع فبالطبع أرى نهاية ممكنة، ويجب ان ننظر بايجابية إلى المستقبل مهما كانت الظروف ولكن يجب ان نعلم انه لن يكون هناك أمن غذائي دون تحقيق السلام أولاً، ولن يكون هناك سلام دون أمن غذائي فالاثنان مرتبطان بشكل فعلي.

• إلى أي مدى تواجه المنظمات الإغاثية الأممية مشكلات في الشفافية، وكيف تعالجونها ؟

- في الواقع ان أكثر ما يهمنا في ما يتعلق بموضوعات الشفافية والمراقبة هو الا يؤثر ذلك على الشرائح التي نعمل لأجلها، فهؤلاء بأمس الحاجة إلى الدعم ولذلك نسعى دوماً إلى تقوية نظام عملنا ومقاومة أي معوقات تظهر فيه.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي