اجتهادات

الإرهاب والإعلام وتشويه الإسلام

تصغير
تكبير
لن تتوقف حجم ونوعية الأعمال الوحشية التي تمارسها الجماعات الإسلامية المتطرفة في سورية والعراق وأفريقيا ودول وسط آسيا. ولطالما استمرت الأرضية الخصبة لمثل هذه الجماعات في التوسع الكمي والنوعي، فإننا مقبلون بلا شك على مزيد من الممارسات الإرهابية التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتقبلها العقل والمنطق.

فحالة اللا استقرار السياسي والأمني، وتعاظم الصراع الطائفي والمذهبي، وغياب الوازع الديني، ومحاولة الدول العظمى السيطرة على مراكز صنع القرار وبالتالي خلق حالة من الفوضى المقصودة في سبيل التحكم بالمنطقة وغيرها من العوامل، ستساهم في استمرار هذه الجماعات في النمو وزعزعة الاستقرار والأمان في عدد لا بأس به من الدول العربية، وما يمكن أن يصحب ذلك من حصد لمزيد من القتلى وتدمير المباني وإيذاء الناس وحرماتهم وغيرها من الأضرار.


والجميع متفق أن ما تنتهجه الجماعات الإسلامية كـ«داعش» و«بوكو حرام»، المنتشرة في أفريقيا، وجماعات الجهاد الإسلامي الأخرى في أفغانستان وليبيا وباكستان وغيرها من الدول، كلها خارجة جملة وتفصيلا عن المنهج الإسلامي السليم وفقا لما جاء في كتاب الله وسنة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-.

لكن المتابع يلاحظ كذلك، أن التشدد الديني والممارسات المعادية للديانات الأخرى لم يقتصر فقط على الجماعات الإسلامية وإن اختلفت آلية التنفيذ. فشهدنا مثلا، الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للإسلام والرسول، والتي وقع على إثرها حادثة الاعتداء على محرري صحيفة «شارلي أيبدو» الأسبوعية الساخرة. وكذلك، شهدت إحدى الجامعات الأميركية حادثة قتل ثلاثة طلاب مسلمين وغيرها من الحوادث التي لا يسع المجال لذكرها.

وهذه الممارسات ليست فردية، فهناك حركة «بيغيدا» الألمانية المعادية للإسلام، والتي انطلقت تحديدا من مدينة درسدن شرق ألمانيا، حيث حشدت مثلا في إحدى المسيرات التي نظمتها في 12 يناير الماضي حوالي 25 ألف متظاهر، داعين إلى تطهير أوروبا من المسلمين وانتهاج سياسة الهجرة النوعية منعا لانتشار ثقافة الدين الإسلامي في ألمانيا والتي تعد ثاني أكثر البلدان شعبية وجذبا للمهاجرين!، وتشهد هذه الحركة يوما بعد يوم انتشارا في الكثير من الدول الأوروبية، حيث شهدت مدينة نيوكاسل البريطانية أواخر فبراير الماضي مسيرة مماثلة لتلك التي شهدتها ألمانيا.

لم يقتصر الأمر على ذلك، فشبكة الإنترنت اجتاحتها العديد من المواقع الإلكترونية المناهضة للإسلام، ووصل عدد الزيارات لهذه المواقع إلى تسجيل أكثر من 70 ألف زائر مؤيد لها يوميا وهو عدد ليس بالبسيط. كما أن كثيرا من الدول الاوربية قد سجلت حالات اعتداء عديدة على المسلمين من جماعات اليمين المتطرف.

لا أقصد هنا المقارنة والتشبيه بين كلتا الحالتين، فكلاهما سيان من وجهة نظري. ما يعنيني حقا، أننا نفتقد في الدول الإسلامية لمنظومة وسياسة وإستراتيجية إعلامية تساهم في نقل الصورة الصحيحة عن الإسلام والمسلمين، ومنهجية واضحة لمواجهة حالة العداء المتنامي على الإسلام دين التسامح والسلام.

ما نحتاجه أيضا، حملة توعوية موجهة لدول الغرب تبين موقف المسلمين الرافض لتصرفات الإرهابيين وتبين منهج الإسلام وأركانه ومبادئه.

لقد نجح الغرب، بسبب الهالة الإعلامية الضخمة، في إبراز الجماعات الإسلامية وكأنها الوجه الحقيقي للإسلام، وهذا بكل تأكيد غير ذلك، وبالمقابل، غضت النظر عن الممارسات السيئة ضد الإسلام والتي يمارسها البعض، دون أي ذنب يذكر! فمتى يعي المسلمون ذلك؟

Email: boadeeb@yahoo.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي