جبهة باب التبانة - جبل محسن... «إلى الهدوء عُد»


«... الى الهدوء الملغوم عُد». هكذا انطفأتْ «نار» باب التبانة - جبل محسن (طرابلس) ليعود «الجمر الى تحت الرماد» في هذه المنطقة ذات الحساسية السياسية (موالاة ومعارضة) والمذهبية (سنية علوية) والتي تحوّلت « برميل بارود» دائم يتمّ تفجيره بـ «فتائل» متعددة وفي «توقيت» سياسي مأزوم، على قاعدة «تحبل في بيروت وتلد في عاصمة الشمال».
امس، مرّ يوم طرابلس «بسلام» مع تعزيز الجيش اللبناني أماكن انتشاره بالعناصر والآليات والدبابات بعدما اتُخذ القرار السياسي والامني بالتوافق والتنسيق بين المراجع الرسمية العليا بدءا برئيسي الجمهورية والحكومة ميشال سليمان وفؤاد السنيورة ومروراً بوزيري الدفاع الياس المر والداخلية زياد بارود وقائد الجيش بالوكالة اللواء شوقي المصري، فأقيمت مراكز عسكرية اضافية في أحياء جديدة مجاورة لخطّ التماس الفاصل بين منطقتي جبل محسن (العلوية) وباب التبانة (السنية) وصولاً الى عمق الشوارع والازقة الداخلية الموازية وسط مظاهر ترحيب شعبي كبير بهذه الخطوة.
وقرابة الثانية من بعد ظهر امس، انقضت 24 ساعة على انطلاق المرحلة الاولى من انتشار الجيش وقوى الأمن الداخلي عند «خط النار» ومحيطه، منهية نحو 30 ساعة من الاشتباكات التي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص بينهم طفل وجرح نحو 45 آخرين.
وقد سيّرت القوة الأمنية المشتركة دوريات وأقامت حواجز ثابتة ومتنقلة للتدقيق بهويات الأشخاص، بهدف وضع حدّ نهائي وحاسم للأعمال المخلة بالأمن وفق البيان الذي سبق ان أصدرته قيادة الجيش وأنذرت فيه «العابثين بالاستقرار العام بأنها لن تتهاون في ملاحقتهم حتى وان اضطرت الى استعمال القوة بوسائلها كافة حفاظاً على ارواح المواطنين وممتلكاتهم ومنع المظاهر المسلحة».
وأعيد فتح الطريق الدولية بين طرابلس وعكار، بعدما
وكانت أعمال القنص ادت الى قفلها في اليومين الماضيين، فيما تفقد المواطنون الأضرار الكبيرة جداً التي لحقت بممتلكاتهم.
وفيما عكس مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار ارتياحاً الى التدابير المتخذة، وأكد ان «الطرف الثالث» المتهم بالوقوف وراء الاحداث «معلوم وقد أمسك الجيش بهؤلاء وأحالتهم قوى الأمن على التحقيق وهم معروفون»، الا ان سكان المنطقة بقوا في حال قلق شديد وشككوا في امكان «صمود» الهدنة التي تأتي انفاذاً لخامس اتفاق لوقف النار في الأسابيع القليلة الماضية من دون ان تتم معالجة جذرية لمكامن النزاع ولا نزع السلاح بالكامل من المنطقة.
وبدأت مع انتشار «الدولة» في محاور المواجهات في باب التبانة وجبل محسن عملية عودة بعض النازحين الذي سبق ان تركوا منازلهم، في حين فضّل آخرون الانتظار ريثما تترسّخ أجواء التهدئة.
وعصراً، انتكس الوضع الامني في طرابلس، حيث سُجلت رشقات نارية متفرقة بين باب التبانة وجبل محسن، فعمد الجيش إلى الرد على مصادر النار واتخاذ كل الإجراءات التي أعلن عنها وزير الداخلية زياد بارود، بما فيها إلقاء القبض على المخلين بالأمن والانتشار في مناطق التوتر.
وفي التفاصيل انه قرابة الخامسة والنصف عصراً، حاولتْ مجموعة مسلحة بقيادة «ابو فادي العرعور»، الذي قال إعلام «المستقبل» انه محسوب على الرئيس السابق للحكومة عمر كرامي، ان تتجاوز حاجزاً للجيش اللبناني من دون الامتثال لأوامره، فقام عناصر الحاجز بإطلاق النار لتوقيفه الا انه لاذ بالفرار واحتمى مع مجموعته بين المباني وسط التبانة.
ودارت اشتباكات بين مجموعة العرعور وعناصر الجيش استُخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة. ودفع هذا الامر بعناصر من «الحزب العربي الديموقراطي» (علوي من جبل محسن) الى مساندة المجموعة، فردّ عليها الجيش بقوة وأسكتها وضرب طوقاً أمنياً حول مكان لجوء العرعور وعناصره لتوقيفهم وإحالتهم على القضاء المختص.
وبعد نصف ساعة من الاشتباكات تمكن الجيش من إلقاء القبض على العرعور في منطقة التبانة، وواصل مطاردة عناصره .