المطارنة الموارنة: ربْط لبنان بالمحاور الإقليمية اختزال له بخيارات لا تتوافق والميثاق

الحريري يدير مشاورات لتفكيك «الألغام» من أمام الحكومة

تصغير
تكبير
لاقت العاصفة الثلجية «ويندي» التي أحكمت قبضتها على لبنان المناخ التبريدي الذي يلف المشهد السياسي في سياق القرار الاقليمي - الدولي بوضع الملفات الخلافية «الاستراتيجية» بين فريقيْ 8 و 14 آذار في «ثلّاجة» الانتظار تحت عنوان «لا شيء يعلو فوق صوت» وجوب تحييد البلاد عن «العصف» المذهبي في المنطقة التي وُضعت في «عين» البركان المنفجر في أكثر من ساحة.

ويبدو لبنان هذه الأيام وكأنّه يجمع تحت سقفه «الماء والنار» اللذين يتعايشان وسط الحوارات الداخلية على الخطين الاسلامي - الاسلامي والمسيحي - المسيحي، في إطار الرغبة في احتواء الاحتقان المذهبي، وإحداث ثغرة في ملف الانتخابات الرئاسية الذي يدور في الفراغ منذ 25 مايو الماضي، وفي الوقت نفسه استمرار التهديد الأمني ماثلاً، من خلال المخاوف من تكرار تفجيرات في مناطق لبنانية او تنفيذ المجموعات الارهابية هجمات ضد بلدات متاخمة للحدود مع سورية، ولا سيما في السلسلة الشرقية.


واذا كان الحوار بين «تيار المستقبل» (يقوده الرئيس سعد الحريري) و«حزب الله»، ماضياً في محاولة إزالة ما أمكن من مسببات الاحتقان وسط اتجاه الأنظار الى «شياطين» التفاصيل في ما خص الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب التي تلاقى الرئيس الحريري والسيد حسن نصر الله على المطالبة بها، فان الحوار بين «التيار الوطني الحرّ» الذي يقوده النائب العماد ميشال عون وحزب «القوات اللبنانية» برئاسة الدكتور سمير جعجع وإن كان يقترب من إعلان «ورقة المبادىء الكبرى»، التي سيلتقي على اساسها عون وجعجع وجهاً لوجه، الا ان الرجلين ما زالا بعيدين عن اي اتفاق حول الملف الرئاسي، لن يكون ممكناً إلا بحال موافقة رئيس «القوات» على عون رئيساً او قبول الأخير بمرشح ثالث. وقد تجلى هذا «التباعد» علناً من خلال معايدة جعجع لعون عبر «تويتر» بميلاده الثمانين حيث تمنى ان يكون الاتفاق الكامل بينهما أُنجز قبل العيد المقبل لزعيم «التيار الحر» الذي ردّ آملاً حصول التوافق الناجز قبل نهاية الصوم (أواخر مارس) «فنقدّمه هدية للبنانيين».

وساهمت اللقاءات التي يعقدها الحريري في بيروت مع مختلف الأفرقاء من 14 آذار ومن غير الحلفاء، اضافة الى اجتماعاته الديبلوماسية، في تزخيم المشهد الداخلي وسط معلومات عن دور مباشر يضطلع به في إطار المساعي لتذليل العقبات التي ادت الى تعليق جلسات الحكومة نتيجة سياسة «الكمائن» بين بعض أطرافها، والتي أذكتها آلية اتخاذ القرارات داخل مجلس الوزراء والقائمة على التوافق الاجماعي، في ظل معطيات تشير الى مساع مستمرة لبلوغ تفاهم على صيغة جديدة تذلّل اعتراض الوزراء المسيحيين المستقلين، على اقتراح فريق العماد عون باستبعادهم عن التصويت، وفي الوقت نفسه رفض وزراء آخرين ولا سيما من «المستقبل» ووزراء النائب وليد جنبلاط اعتماد اي «بدع» دستورية جديدة، فيما تبرز ايضاً نقطة تمسك «حزب الله» بأن تراعي أي آلية للتصويت مبدأ «الثلث المعطّل».

وفيما اشارت تقديرات الى ان رئيس الحكومة تمام سلام يمكن ان يدعو الاسبوع المقبل لجلسة وزارية، ولو لم يكن تم التفاهم بعد على آلية جديدة، برز إعراب الحريري خلال لقائه مساء اول من امس السفراء العرب (وبينهم سفير الكويت عبد العال القناعي) عن أمله في ان يعاود العمل الحكومي نشاطه قريباً في ضوء الاتصالات التي أجراها مع الرئيس سلام والقيادات المعنية.

كما تضمّن كلام الحريري موقفاً مهماً لجهة اعتباره ان «المدخل الصحيح لوضع استراتيجية وطنية (لمكافحة الارهاب) موضع التنفيذ الجدي، يكون بانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت»، شارحاً في الوقت نفسه أهداف الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» المحددة بتنفيس الاحتقان السني - الشيعي «وتخفيف تداعيات مشاركة حزب الله في الحرب السورية»، ومتمنياً ان يكون هذا الحوار «منتجاً لنتمكن من الخوض في مسألة الانتخابات الرئاسية والتوافق على رئيس جديد»، ومشدداً على «ان أي استراتيجية لمكافحة الارهاب لا تتم إلا من خلال الجيش اللبناني والقوى الامنية والعسكرية الشرعية»، ومنبهاً إلى «مخاطر التدخل الإيراني في الأوضاع الداخلية العربية».

وفي موازاة ذلك، أسف المطارنة الموارنة بعد إجتماع استثنائي عقدوه امس برئاسة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي «لاستمرار البلاد من دون رئيس للجمهورية (...) بات انتخابه أكثر من ضرورة بسبب ما آلت إليه أحوال الوطن والحكم، ولدخول لبنان مرحلة جديدة على صعيد الأزمة الحكومية، هي أشبه بحال الآبار المشققة التي لا ينفع معها أي علاج»، معتبرين ان «البحث عن مخارج، بعيدا عن انتخاب رئيس، ما هو سوى أخذ للبلاد إلى مستقبل مجهول على صعيد النظام السياسي».

وجدد المجتمعون «ترحيبهم بجو الحوار القائم بين الأفرقاء السياسيين اللبنانيين، على أن يكون هدفه التوصل إلى انتخاب رئيس للدولة، لا الإحلال بديلا منه، عبر الاتفاق على ملفات هي من مسؤولية الدولة في الدرجة الأولى؟»، معتبرين «ان ربط لبنان بالمحاور الإقليمية، وانخراطه في ما يجري فيها من أحداث، إنما ينمان عن اختزال للبنان بخيارات لا تتوافق والميثاق الوطني في فهمه الأصيل».

وفي سياق متصل، رحّب النائب وليد جنبلاط «بالحوار الداخلي بين اللبنانيين وأجواء التلاقي السائدة بين الأفرقاء، ولا سيما الحوار بين«المستقبل»و«حزب الله»الذي يخفف من الاحتقان ويساهم في لجم التوتر السني الشيعي في لبنان، مشددا على المسؤولية المشتركة لجميع القوى السياسية في منع إنزلاق البلاد نحو أتون الصراعات الدائرة من حولنا».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي