إسرائيل ترفض عودة أوروبيات إلى غزة






| العريش (مصر) - من محمود عبد العزيز |
لم تمنعهن جنسيتهن الأجنبية من التضامن مع العالقين الفلسطينيين على الحدود المصرية - الفلسطينية، كما لم تشفع لهن تدخلات سفارات بلادهن لدى إسرائيل في السماح بعودتهن إلى مقار إقامتهن في غزة، بعد أن اخترن برغبتهن أرض فلسطين وطنا لهن.. رغم علمهن بما فيها من مخاطر بسبب الاحتلال.
هن مجموعة من السيدات الأجنبيات من جنسيات أوروبية مختلفة ومتزوجات من فلسطينيين ويصل عددهن إلى أكثر من 35 سيدة وكن في زيارة لبلادهن برفقة أزواجهن وأولادهن الفلسطينيين أوائل شهر يونية الماضي وعند عودتهن إلى قطاع غزة كان الإغلاق مستمرا.
واستمر وجودهن بالعريش (شمال شرقي مصر) منذ نحو ثلاثة أشهر من دون جدوى، وقد تنقلن برفقة أزواجهن وأولادهن ما بين الفنادق والشاليهات والشقق الخاصة على أمل العودة إلى قطاع غزة.
استغثن بوزارات خارجية بلادهن، كما استغثن بسفارات بلادهن في كل من: مصر وإسرائيل والأردن.. علاوة على إرسال مناشدات لجميع المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان، ولكن ذلك كله لم يأت بجديد.
ورغم أنهن وأزواجهن وأولادهن يحملون جوازات سفر الاتحاد الأوروبي لاحتفاظهن بجنسية بلادهن الأصلية، إلا أنهن مصرات على العودة إلى بيوتهن بقطاع غزة الذي لا يفصلهن عنه سوى أمتار والسور الفاصل الذي أقامته إسرائيل أثناء الاحتلال.
«الراي» كانت مع الزوجات الأجنبيات العالقات على الحدود ورصدت مأساتهن...
جورجينا سيسالم (بولندية وخريجة حقوق) اشارت إلى ان «حالتها النفسية ساءت بسبب طول الانتظار، وأن الوضع صعب بالنسبة لها ولأولادها ولزوجها وباقي العالقين.. وأنها للمرة الاولى تتعرض إلى مثل هذا الموقف وإن كانت تتوقعه بالفعل من الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يحترم حقوق الإنسان.
وقالت ان الإغلاق لأسباب سياسية وبالتالي فلا ذنب لها ولأولادها، وترى أنها تعيش في سجن وتريد العودة لبلدها، رغم معاملة المصريين الجيدة لها.
زوجها الدكتور أكرم سيسالم (صيدلاني بغزة) قال: «إنه غادر قطاع غزة بطريقة رسمية وعادية مع زوجته وابنه لحضور زفاف ابنه الثاني الذي يقيم في بولندا، وكذا زيارة أهل زوجته البولندية، وبعد شهرين عادوا من بولندا وكانت كل الطرق والمعابر مغلقة، وأن وظيفته كصيدلي أهلي مهدد بفقدانها، كما أن ابنه مهدد أيضا في عمله بسوق غزة بسبب طول فترة الانقطاع عن العمل».
ويستصرخ سيسالم جميع الدول والمنظمات أو أي جهة أخرى لتقديم العون لهم ومساعدتهم في العودة إلى أرض الوطن، خصوصا أن إسرائيل تماطل وتسوف في تحديد مواعيد فتح المعابر.
تريسا عصفور (بولندية أيضا وتعمل صيدلانية في غزة)، قالت: «أنا متزوجة من فلسطيني وحصلت على الجنسية الفلسطينية مع احتفاظها بالجنسية البولندية وقد طالت مدة انتظارها على الحدود.
وأضافت:« يبدو أن الكل نسي مشكلة العالقين الفلسطينيين، فلم يسأل أحد عنهم، رغم أنها اتصلت بالخارجية وبالسفارة البولندية في كل من القاهرة وتل أبيب ورام الله من دون جدوى بسبب مماطلات إسرائيل».
تريسا أكدت أن «حياتها في غزة ودارها هناك و«بدها» ترجع لعملها ويعود أولادها لمدارسهم في فلسطين، و«أننا صرنا لاجئين على الحدود».
أما زوجها الدكتور أمين عصفور (إخصائي تخدير وعناية مركزة)، فلفت إلى انه كان في زيارة سنوية لأهل زوجته في بولندا ومعه زوجته وأولاده، وعند العودة وجدوا المعبر مغلقا، وقد طال انتظارهم لأكثر من شهرين.
وأشار إلى أنه يعمل في ثلاثة مستشفيات فلسطينية، وأنه يريد العودة ليقوم بعمله الإنساني مع الجرحى والمصابين، خصوصا أن عدد أطباء التخدير والعناية المركزة محدود في غزة، ما يشكل مأساة حقيقية.
أما فلوريكا الخروبي (رومانية وتعمل صيدلانية في غزة) فقالت إن نفسيتها محطمة بسبب حرمانها من عملها وحرمان أولادها من الدراسة نتيجة لطول فترة الإغلاق، وأنها للمرة الأولى تتعرض الى مثل هذا الإغلاق منذ إقامتها مع زوجها وأولادها في غزة التي أصبحت وطنها الأول حاليا.
وأشارت، إلى أنها يمكنها العودة إلى رومانيا في أي وقت بجواز سفرها الصادر من الاتحاد الأوروبي، إلا أنها تصر على العودة إلى فلسطين، وقد سبق اتصالها بوزارة الخارجية الرومانية وسفارة رومانيا بإسرائيل ومصر والأردن ولكن من دون جدوى بسبب تعسف إسرائيل معها باعتبارها متزوجة من فلسطيني.
زوجها الدكتور عدنان الخروبي (اخصائي أنف وأذن وحنجرة) أوضح انه كان مع زوجته وأولاده في زيارة لأهلها برومانيا، ثم عادوا إلى القاهرة منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، وبسبب استمرار الإغلاق اضطر للإقامة بالعريش ليكون قريبا من قطاع غزة عند افتتاح الحدود، مؤكدا أنه لا يجب ادخال المواطنين في الصراع السياسي بين «فتح» و«حماس» أو مع إسرائيل، لافتا إلى أن الوضع صعب ولا يمكن تحمله، فهناك مماطلات ووعود كاذبة منذ البداية.
واشار إلى انه تم تحديد بداية العام الدراسي أوائل سبتمبر الماضي للعبور إلى قطاع غزة، ثم عادوا إلى تحديد موعد آخر قبل شهر رمضان، وثالث قبل عيد الفطر، على أمل تدخل العرب وباقي دول العالم والمنظمات الإنسانية ولكن من دون جدوى، رغم معاناة العالقين وأسرهم بعد نفاد ما معهم من أموال، لافتاً إلى أنه قطع مئات الأميال من رومانيا في ساعات معدودة، ولكن أمتار الحدود لا يمكن تجاوزها، وأنه حريص على العودة بطريقة شرعية مع احترام آدميته، ويكفي أنه فقد عمله وصيدلية زوجته مغلقة منذ ستة أشهر وحرمان ابنته الحاصلة على 98 في المئة من دخول كلية الطب بغزة، كما حرم أولاده الآخرون من الدراسة الابتدائية والاعدادية والثانوية.
ألينا كحيل قالت إنها تعاني هي وأطفالها وزوجها من الإغلاق بسبب الجنسية الفلسطينية، ولم تشفع لها جنسيتها الروسية في الدخول إلى غزة.
وطالب زوجها الدكتور طارق كحيل، بسرعة تدخل منظمات حقوق الإنسان والقوى الدولية لحل مشكلة العالقين. مؤكدا أن الصراع السياسي لم يجن ثماره سوى الأطفال الصغار المشتتين على الحدود والذين حرموا من مدارسهم، وكذلك المرضى المحرومون من العلاج، والسيدات اللاتي حرمن من بيوتهن.
أما أتا الأخرس (من البوسنة والهرسك) فأشارت إلى أنها كانت في زيارة لأهلها في البوسنة والهرسك ومعها أطفالها، وقد فوجئت باستشهاد زوجها في أحداث سيطرة «حماس »على قطاع غزة ولم يعد لها أحد هناك، إلا أنها مصرة على العودة إلى غزة كوطن لها ولأولادها، مؤكدة أن استمرار الاحتجاز على الحدود وسط الصمت العربي والدولي يشعرها كأنها حيوان لا إنسان، وأن الكل يريد أن يتفرج عليها دون تقديم المساعدة.
نيرمن الرون (من البوسنة والهرسك أيضا) أشارت إلى انها تريد العودة إلى غزة لإلحاق أولادها الفلسطينيين بالمدارس هناك، وأن أزمتها وأزمة جميع العالقين تزداد يوما بعد يوم بسبب استمرار الإغلاق. وطالبت الجهات الدولية والمنظمات الإنسانية وحقوق الإنسان بالتدخل لحل المشكلة الإنسانية للفلسطينيين.
من جانبه، أعلن عضو الأمانة العامة لفلسطيني الشتات ورئيس لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية عبد الساتر أحمد الغلبان أنه تم حصر عدد الفلسطينيين المتواجدين بمدينة العريش من العالقين، الذين بلغ عددهم نحو 800 فرد، بخلاف المقيمين لدى أقاربهم ومعارفهم بكل من العريش ورفح والشيخ زويد.
وقال: «معظمهم من العائدين من اجازات من الخارج أو لقيد أولادهم في الوثائق الفلسطينية، ومنهم الطلاب الدارسون والعاملون في الداخل والمرضى العائدون من رحلات علاج بالخارج».
وطالب الغلبان القيادة المصرية والقوى الدولية ومنظمات حقوق الانسان والدول الكبرى بالتدخل من أجل عودة العالقين إلى ذويهم، خصوصا أن منهم الكثير من السيدات والأطفال والمرضى والحالات الإنسانية.
وأشار إلى أن الشتاء على الأبواب ولن يجدوا ما يقيهم من شدة البرد، وأن معظمهم يعيش على المساعدات والمعونات من الجانب المصري بعدما نفدت نقودهم لطول مدة الانتظار على الحدود.