حديث / وبالوالدين إحساناً

إن النعمة الكبرى والخير العميم الذي يملأ البيت بركة هو في وجود الابوين بين افراد الاسرة،قال الله في آياته: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا»... (سوره الاسراء (23-24)... كم من القصص الواقعية المؤسفة التي نسمع عنها وتقشعر لها الابدان وهي عن عقوق الابناء لوالديهم... فهناك من يضرب والديه او يشتم احدهما، يسرقهما او يقوم بقتل احدهما... يسيء معاملتهما او ان يكون عاقا ولا يصلهما اويلقي بهما في دار المسنين او في الشارع وغيرها من القصص... ان كلمة البر جامعة لخيرى الدنيا والاخرة وبر الوالدين يعني الاحسان اليهما والوفاء بحقوقهما وطاعتهما في اغراضهما في الامور المندوبة والمباحة لا في الواجبات والمعاصي، والبر ضد العقوق وهو الاساءة اليهما وتضيع حقوقهما اما البر بحسن المعاملة والمعاشرة وبالصلة والانفاق بغير عوض مطلوب... فالوالدان هما الاب والام سواء كانا من نسب او ارضاع مسلمين كانا او كافرين وان عليا فالاجداد وجدات... اباء وامهات سواء كانوا من قبل الاب او الام او الخالة بمنزلة الام وبرهمها من أهم الواجبات، ومن أعظم الفرائض، وعقوقهما من أقبح الكبائر والسيئات... وهذه بعض الأساليب والطرق في تجنب عقوقهما ومن ثم برهما... اولا: إن من العقوق أن يدع الإنسان والديه من غير معيل لهما، ولا يرعاهما ويترك الإنفاق عليهما وهما محتاجان له، ومن ذلك أن بعض الناس إذا تزوج خرج من بيت والده من غير أن يستأذنه ويستأذن أمه... ثانيا: ليحذر الولد- ذكراً أو أنثى مما يغضب والديه، وليتجنب دعاءهما باسمهما مجردا... ثالثا: إن بعض الأبناء حين يكبر ويصير له عمل يتقاضى مقابله مالاً، لا يقوم بتقديم ولو جزءا يسيرا منه لوالديه... رابعا: إن بعض الأولاد تجده كريماً مع أهله... من زوجة وولد ومع أصدقائه، فيسبغ عليهم العطايا والهدايا، ولكن هل دعته نفسه الخاطئة أن يقدم هدية لوالديه أو أحدهما إنها في الواقع ليست بهدية بل رد لبعض جزء من دين عظيم وضخم ينوء به كاهله..خامسا: ان بعض الناس تراه في المجالس بشوشاً مبتسماً حسن الخلق فرحاً مسروراً، يختار من الكلام أحسنه وأليقه، ولكن عند والديه تجده محزوناً كئيباً منعقد اللسان إلا بجارح الكلام... سادسا: أن بعض الأبناء تركوا قضاء حاجيات والديهم وحملوا فعل ذلك للسائق والخادم، ولا يخفى خطأ ذلك.. وهناك أساليب أخرى تجلب رضا الوالدين اولا: ألا تحد النظر إليهما أي لا تحد النظر إليهما أثناء الحديث معهما... ثانيا: لاترفع صوتك عليهما أثناء الحديث أو طلب شيء أو الاستفسار عن شيء.. ثالثا: لا تسبقهما بحديث بمعنى ألا يتكلم في وجود من هم أكبر سناً منه وبلا شك فالوالدان أعظم حقاً من سائر الكبار... رابعا: لاتجلس أمامهما وهما قيام وهذا أدب نبوي علمنا نبينا عليه الصلاة والسلام... خامسا: لاتؤثر نفسك عليهما بطعام ولا بشراب. ففي قصة أصحاب الغار الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة، وكيف أن أحدهم ظل واقفاً باللبن على باب والديه حتى طلع الفجر فشربا قبل أن يشرب هو وأولاده...سادسا: طلب الاستغفار من الوالدين. ورضى الوالدين مطلب، فمهما أحسن إليهما من إحسان وصنع إليهما من معروف فلن يوفيهما حقوقهما... سابعا: ألا تسب والديك ولا تجلب لهما السباب... كما في الحديث الصحيح: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل يارسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه... رواه مسلم برقم (92).

فيا أيها العاق... لما ترعرع جسمك واشتد أمرك وبلغت سن الرجاء والأمل، جازيت بالإحسان إساءة وبالوصل قطيعة وبالتواضع غلظة وفظاظة، وبالتربية جفاءً وبالدنو بعداً، وبالمحبة نفوراً، وبالبذل والعطاء منعاً وبخلاً، فقطعت ما أمر الله به أن يوصل، ومنعت ما أمر الله به أن يبذل؛ فكم ليلة باتا ساهرين لسهرك باكيين لبكائك، متململين لألمك، طاويين إذا لم تأكل مهمومين إذا لم تفرح، فكان جزاؤهما منك أن أبكيت عيونهما وأسهرت ليلتهما وضيقت صدريهما... وكأنك موكل بخلافهما ومنتصب لعقوقهما.

* كاتبة وإعلامية كويتية

Sshaheenn@hotmail.com

@Follow Me:sshaheen9

Instagram:u20storiess