أماكن / عيني على طرف الممشى (1)

| جمال الغيطاني |


?«?تلمس نغمات السمسمية «أغوار قلبي»،? ?أيضا قصائد الغناء ?المصاحبة لها..?. ?غير أن هذا البيت كان له ملمس ومغزى»..?.
الضاحية
بورفؤاد،? ?حركة العابرين من السكان? ?وتفرقهم،? ?كانت أشبه بضاحية في مدينة ساحلية بعيدة،? ?السماء والأرض والبيوت الصغيرة للعاملين بالهيئة والأثر الذي تركه الأجانب،? ?عناصر شتى تكوّن واقعا خاصا،? ?في هذه المنطقة بالذات.
القناة تشكل حضورا لم أعرف مثيلا له،? ?تماما مثل رائحة الحياة في مدخل حي الجميل،? ?كل شيء في بورسعيد له خاصية،? ?له اختصاص،? ?له روح مغايرة.
المدينة ليست معمرة مثل السويس،? ?لكنها عرفت كيف تصيغ? ?سمتها،? ?سكانها من دمياط،? ?هؤلاء مهاجرون.
أما الذين بقوا بعد الحفر فمن الصعيد،? ?امتزاج خاص،? ?نتاج تفاعلات أنتجت هذه اللهجة المتميزة التي لم أعرف لها مثيلا في الوادي كله.
لكن?.. ?من أين جاءت الطنبورة،? ?هذه الرقصات الفريدة?، ?هذه النصوص.
كلها رسائل من قديم أينعت وأثمرت مع زكريا إبراهيم وصحبه.
كلما استعدت بورفؤاد التي عرفت منتصف الستينيات? ?يدركني صفو وأتلفت ورائي،? ?أتلفت خلفي،? ?ليس بالمعنى المحسوس،? ?ولكن ما يصعب على التحديد والتعيين،? ?هنا أذكر شيئا من ثلاثة أفصح عن عناوينها?.?
ثلاثة أمور:
الأول وصولي سيرًا على الأقدام إلى? ?الضفة الغربية للأقصر، حيث مقام الشيخ الطيب الكبير والحضرة التي سأصير إليها بعد سنين التي أنا محصلتها وناتجها وحصادها.
الثاني خروجي وحيدًا،? ?وقوفي على الحافة فوق فرقاطة تنطلق في البحر الأبيض بأقصى سرعة والليل مثقل بغيوم.
الثالث عندما تطلعت لأول مرة من تليسكوب مرصد القطامية قبل ظهور المريخ الذي اقترب من الأرض إلى أقل مسافة ممكنة.
? ?عدت في ليلة أخرى للمشاركة في طلة على عمق المجرّة،? ?برنامج علمي مشترك مع ناسا،? ?حدقت إلى الغبار الممتد في درب التبانة،? ?ضوء يلمح،? ?نجم سوبر نوفا على وشك الانفجار،? ?رأيت صورا كبيرة الحجم من وكالة ناسا،? ?عمق الكون،? ?مجرات على أبعاد سحيقة.
? ?تمليت ورددت ما قيل لي عن احتمال وجود مئتي مليار كوكب يمكن أن تصلح الحياة على عدد منها،? ?أي مليارات.
الضوء مصدر جميع ما يمكن أن يدل على ما يجرى في الكون،? ?الأحمر? ?غالب بدرجاته،?
?ما حببني في طراز بخاري أن جميع زخارفه من لون واحد بتدرجاته،? ?الأحمر الياقوتي.
وهو من الألوان المعبرة عني،? ?النابعة مني،? ?لي به هوى وقرب قريب لها أقدر على تفسيره أو شرحه،? ?تشبه الصورة ما رأيته عندما تطلعت إلى نقطة من دمي تحت المنظار الإلكتروني وكان ذلك خلال تجهيزي للعملية الأولى التي شق فيها صدري،? ?وجرى تقليب قلبي،? ?يومها كدت أشهق،? ?الكون في دمي،? ?عين الصورة التي التقطها أول تليسكوب يدور خارج الغلاف الجوي،? ?هابل?. ?
?«?أنا الكون?... ?الكون أنا?»?
في هذه اللحظة تولدت عندي الفكرة، أن المجرات والمسافات السحيقة التي لا يقدر العقل البشري على استيعابها، ليس إلا صورة،? ?تماما مثل صورة دمي،? ?عين الخطوط نفس الومضات،? ?درجات الضوء،? ?الموجود كله صورة،? ?نتاج مخيلة،? ?تماما مثل ما أحاول تبينه عبر الاستعادة قصدا أو تلقائيا مع أنني مررت به وعشته.
خطوت فوق أرض،? ?وتمهلت في شوارع بورفؤاد قبل عودتي إلى مرسى العبّارات،? ?ثم اتجاهي إلى المقهى في شارع محمد علي بالحي البلدي لتدخين النرجيلة.
الضاحية
بورفؤاد،? ?حركة العابرين من السكان? ?وتفرقهم،? ?كانت أشبه بضاحية في مدينة ساحلية بعيدة،? ?السماء والأرض والبيوت الصغيرة للعاملين بالهيئة والأثر الذي تركه الأجانب،? ?عناصر شتى تكوّن واقعا خاصا،? ?في هذه المنطقة بالذات.
القناة تشكل حضورا لم أعرف مثيلا له،? ?تماما مثل رائحة الحياة في مدخل حي الجميل،? ?كل شيء في بورسعيد له خاصية،? ?له اختصاص،? ?له روح مغايرة.
المدينة ليست معمرة مثل السويس،? ?لكنها عرفت كيف تصيغ? ?سمتها،? ?سكانها من دمياط،? ?هؤلاء مهاجرون.
أما الذين بقوا بعد الحفر فمن الصعيد،? ?امتزاج خاص،? ?نتاج تفاعلات أنتجت هذه اللهجة المتميزة التي لم أعرف لها مثيلا في الوادي كله.
لكن?.. ?من أين جاءت الطنبورة،? ?هذه الرقصات الفريدة?، ?هذه النصوص.
كلها رسائل من قديم أينعت وأثمرت مع زكريا إبراهيم وصحبه.
كلما استعدت بورفؤاد التي عرفت منتصف الستينيات? ?يدركني صفو وأتلفت ورائي،? ?أتلفت خلفي،? ?ليس بالمعنى المحسوس،? ?ولكن ما يصعب على التحديد والتعيين،? ?هنا أذكر شيئا من ثلاثة أفصح عن عناوينها?.?
ثلاثة أمور:
الأول وصولي سيرًا على الأقدام إلى? ?الضفة الغربية للأقصر، حيث مقام الشيخ الطيب الكبير والحضرة التي سأصير إليها بعد سنين التي أنا محصلتها وناتجها وحصادها.
الثاني خروجي وحيدًا،? ?وقوفي على الحافة فوق فرقاطة تنطلق في البحر الأبيض بأقصى سرعة والليل مثقل بغيوم.
الثالث عندما تطلعت لأول مرة من تليسكوب مرصد القطامية قبل ظهور المريخ الذي اقترب من الأرض إلى أقل مسافة ممكنة.
? ?عدت في ليلة أخرى للمشاركة في طلة على عمق المجرّة،? ?برنامج علمي مشترك مع ناسا،? ?حدقت إلى الغبار الممتد في درب التبانة،? ?ضوء يلمح،? ?نجم سوبر نوفا على وشك الانفجار،? ?رأيت صورا كبيرة الحجم من وكالة ناسا،? ?عمق الكون،? ?مجرات على أبعاد سحيقة.
? ?تمليت ورددت ما قيل لي عن احتمال وجود مئتي مليار كوكب يمكن أن تصلح الحياة على عدد منها،? ?أي مليارات.
الضوء مصدر جميع ما يمكن أن يدل على ما يجرى في الكون،? ?الأحمر? ?غالب بدرجاته،?
?ما حببني في طراز بخاري أن جميع زخارفه من لون واحد بتدرجاته،? ?الأحمر الياقوتي.
وهو من الألوان المعبرة عني،? ?النابعة مني،? ?لي به هوى وقرب قريب لها أقدر على تفسيره أو شرحه،? ?تشبه الصورة ما رأيته عندما تطلعت إلى نقطة من دمي تحت المنظار الإلكتروني وكان ذلك خلال تجهيزي للعملية الأولى التي شق فيها صدري،? ?وجرى تقليب قلبي،? ?يومها كدت أشهق،? ?الكون في دمي،? ?عين الصورة التي التقطها أول تليسكوب يدور خارج الغلاف الجوي،? ?هابل?. ?
?«?أنا الكون?... ?الكون أنا?»?
في هذه اللحظة تولدت عندي الفكرة، أن المجرات والمسافات السحيقة التي لا يقدر العقل البشري على استيعابها، ليس إلا صورة،? ?تماما مثل صورة دمي،? ?عين الخطوط نفس الومضات،? ?درجات الضوء،? ?الموجود كله صورة،? ?نتاج مخيلة،? ?تماما مثل ما أحاول تبينه عبر الاستعادة قصدا أو تلقائيا مع أنني مررت به وعشته.
خطوت فوق أرض،? ?وتمهلت في شوارع بورفؤاد قبل عودتي إلى مرسى العبّارات،? ?ثم اتجاهي إلى المقهى في شارع محمد علي بالحي البلدي لتدخين النرجيلة.