علي محمد الفيروز / إطلالة / طبول الحرب... والطريق المسدود

تصغير
تكبير



وسط التلميحات الأميركية والإسرائيلية المتواصلة على الساحة الاقليمية بإمكانية اللجوء إلى الخيار العسكري ضد إيران، رداً على نشاط برنامجها النووي، تصاعد التوتر أكثر في منطقة الشرق الأوسط على خلفية التهديدات المشتركة بينهما، وازدادت حدة المخاوف من اندلاع حرب مدمرة بين إيران والولايات المتحدة خصوصا مع التجارب الصاروخية الإيرانية الجديدة والمتطورة تكنولوجيا، والتي تقابلها أيضا التعزيزات العسكرية الأميركية في الخليج، لاثبات حضورها الدفاعي عن حلفائها وعن مصالحها خصوصا، إلا ان موقف إيران أمام تزامن هذه الأحداث لا يتغير، ووضح هذا من خلال تكرار لهجتها القتالية والاستفزازية والتي تؤكد من خلالها انها لن تتنازل عن حقوقها النووية، وانه لن تجرؤ حتى 100 دولة مجتمعة على مهاجمتها! نظراً لما لها من قدرة ذاتية على الدفاع عن نفسها بطرق تكنولوجية مختلفة، لذلك تتعمد إيران اثبات قوتها العسكرية في المنطقة عن طريق اطلاق صواريخ بالستية إيرانية الصنع، والقيام بمناورات حربية وهي خطوة تحذيرية للاعداد لاثبات قدرتها على صناعة واطلاق صواريخ مختلفة الصنع وبعيدة المدى، وكان ذلك من خلال عرض مناورات عسكرية تحت اسم الرسول الأعظم «3» في الخليج العربي أشرفت عليها قوات الحرس الثوري، ثم عرض مناورات اطلاق طوربيد «الحوت»، الذي يعتبر سلاحا فتاكا فائق السرعة ذا قدرة جبارة، إضافة إلى عمل تجارب على مجموعة صواريخ أخرى مثل «شهاب 3»، بعيدة المدى حيث يصل مداها إلى 2000 كيلومتر، وخطورتها تكمن في قدرتها على الوصول إلى القواعد الأميركية في الخليج وإلى داخل إسرائيل، ولديها العشرات من أمثالها التي تعمل بالوقود السائل، ثم صواريخ جديدة أخرى مثل «قدر»، و«عاشوراء»، و«الفاتح» الذي يبلغ مداه نحو 170 كيلومتراً ويعمل بالوقود الصلب، وكذلك صاروخ «زلزال» الذي يصل مداه إلى 400 كيلو متر، مع صواريخ متطورة أخرى مثل «النازعات» و«فجر»، و«عقاب» وغيرها. ويعتقد خبراء غربيون ان إيران متجهة نحو صناعة المزيد من الصواريخ البالستية المتطورة تمتاز بقدرات متفاوتة المدى، ومطابقة لـ «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية»، وذلك لتقوية ترسانتها الدفاعية، في حين يرى القادة الأميركيون أن الصواريخ البالستية الإيرانية تشكل انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، وخرقاً للالتزامات التي تعهدت بها إيران حيال المجتمع الدولي، ولكن القادة الإيرانيين يرون أن تهديدات اطلاق الصواريخ في هذا الوقت بالذات تمثل رسالة إلى المجتمع الدولي، وإلى الولايات المتحدة تحديدا، على أن قوة إيران التكنولوجية لا يستهان بها، فهي مستمرة في انتاج السلاح النووي رغماً عن أنف الأعداء، ومستعدة لقرع طبول الحرب في أي وقت على الرغم من تغليظ العقوبات الاقتصادية الأخيرة عليها! ويبقى السؤال هنا: لماذا لا تكون تلك الصواريخ الإيرانية الجديدة حاملة رؤوسا نووية مدمرة، وما الذي يمنع ذلك طالما هي مستمرة في أنشطتها النووية من خلال تخصيب اليورانيوم؟

ويهدد القادة الإيرانيون بين حين وآخر باحراق تل أبيب، والاسطول العسكري الأميركي في الخليج في حال شن هجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية، فهي ترفض أن تكون في موقف المتفرج.

إذا هناك تحركات عسكرية من جهتين، فالولايات المتحدة تجري تدريبات عسكرية في الخليج العربي عن طريق قواعدها من جهة، وإيران هي الأخرى بدأت بمناورات عسكرية فعلية على أراضيها وبحرها، شاركت فيها وحدات بالستية جوية، ووحدات بحرية من الحرس الثوري والهدف منها تحسين القدرات، واستعراضا لقدرات وموهبة العلماء والخبراء في بلاد فارس.

تحاول إيران تجديد تهديدها بموقعها الجغرافي في الخليج بحيث تنوي إغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي في حال توجيه ضربة عسكرية تعرض مصالحها للخطر، وهذا الأمر سيؤدي إلى ضرر كبير لمصالح دول الشرق الأوسط، خصوصا دول الخليج العربي، فالوضع السياسي والاقتصادي في الداخل على غليان، والوضع الاقليمي يمور على نار هادئة، ولا تعلم ما سيأتي في المستقبل القريب في حال نفاد الطرق الديبلوماسية السلمية لحل الأزمة الإيرانية- الأميركية الشائكة، والجميع يعلم أن البديل عند فشل المفاوضات الديبلوماسية هو الخيار العسكري ضد قوة إيران النووية، ولكن الكارثة حينما تتحول المنطقة كلها إلى كتلة من اللهب، حسب ما يقول مدير «وكالة الطاقة الذرية» محمد البرادعي، وهو خبير نووي يعلم جيداً ما يقول! فالتهديد الأميركي والتهديد الإيراني مشترك ولا أحد منهما ينظر إلى مصير المنطقة في حال نشوب الصراع، وسكوت الدول المجاورة عن الأوضاع الدائرة كأننا نصب الزيت على النار.

ان بوادر الحرب قد ظهرت عن طريق هذه المناورات العسكرية، والضربات الفتاكة قد تكون أكثر ضررا على شعوب المنطقة، وبالتالي إن كانت إيران والولايات المتحدة تنظران لمصلحة الأمن والاستقرار في المنطقة فعليهما اطفاء نيران التهديدات المتواصلة حتى تتواصل القنوات الديبلوماسية السلمية بكل الوسائل المتاحة، حتى وان كان ذلك يستنزف وقتا! فضلاً عن وجود حوافز غربية إيجابية قد تساعد إيران على طي ملفها النووي المثير للجدل لتجنيب المنطقة أزمات الحروب، فإن كانت إيران تسعى إلى استتباب الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط فعليها أن تستجيب إلى الحوافز الغربية التي عرضت عليها في 14 يونيو الماضي، وأن تكف عن استخدام التهديدات والتحذيرات التي تأخذها إلى طريق مسدود، فاليوم يهدد القادة الإيرانيون بأنهم سيستهدفون القواعد الأميركية التي يبلغ عددها نحو 32 قاعدة في الخليج، وسيضربون قلب إسرائيل في حال تعرضها لأي هجوم أميركي على مواقعها النووية حتى قبل أن ينجلي غبار هذا الاعتداء!

بيد أن هناك خبراء ومحللين يقولون إن الولايات المتحدة غير قادرة حالياً على فتح جبهة جديدة للقتال، مقابل الجبهات الأخرى التي تقع في أفغانستان والعراق، ناهيك عن التذمر الشعبي الأميركي تجاه ما يحدث للقوات الأميركية خارج الولايات المتحدة والتي أثرت سلبياً على شعبية الرئيس بوش، وأدت إلى تراجع شعبية «الحزب الجمهوري» داخل البيت الأبيض وبين أعضاء الكونغرس، وبالتالي يرى المتابعون أن أي عمل أميركي مبني على اعتداء ضد إيران سيكون عملاً جنونياً قد تكون انعكاساته سلبية على الجميع، خصوصا بعد تمكن إيران من تكملة ترسانتها النووية بحيث أصبح لديها قوة ردع كافية، وفي المقابل لا نعتقد ان الإيرانيين يجهلون قدرات وقوة الترسانة الأميركية في المنطقة بشكل عام، إذا نحن أمام مبارزة عسكرية حقيقية بين طرفين كل منهما يعرض عضلاته الدفاعية وسط توتر دائم من احتمالات نشوب حرب جديدة مدمرة في منطقة الخليج، يكون الخاسر الأول فيها دول الخليج العربي!

«حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه».


علي محمد الفيروز


كاتب وناشط سياسي

alfairouz61_alrai@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي