أهلاً بالعام الجديد وكل عام وأنتم بخير... وبدخولنا 2015 يمر ما يقارب العشر سنوات للحصار على غزة... عار على البشرية هذه الجريمة النكراء التي يتفرج عليها العالم أجمع...
عشر سنوات من القتل المتعمد والبطيء لشعب بأكمله، عار على العالم كله وهو يرى شعباً تُمارس عليه سياسات التجويع والقتل المنظم، 90 في المئة ممن يعيش في غزة تحت خط الفقر...لا ماء... هل جرب أحد أن يعيش يومه بلا ماء؟، ويحل الشتاء القارس وهم بلا كهرباء لا وقود لا تدفئة، والهجمات العسكرية الشرسة المتوالية على شعبنا والتهديدات اليومية بلا توقف طوال أعوام الحصار، لماذا؟ من أجل تحقيق أهداف واضحة المعالم، وأهمها استكمال تشكيل خارطة الشرق الأوسط الجديد الذي تكون فيه الغلبة للكيان الصهيوني ليصبح هو القوة الكبرى، وفرض التطبيع على كافة الدول العربية، وتصفية القضية الفلسطينية الحقيقية الأصيلة، ولا يهم أن يموت الآلاف من الأطفال والمدنيين، ولا يهم أن تقصف المدارس والمستشفيات بمن فيها من أطفال ومعلمين ومرضى وممرضين، ولا يهم أن تنزل القنابل على رؤوس المصلين وهم راكعون لله وحده، ولا يهم أن تضرب مباني «الاونرا»، ولا يهم استهداف الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف والمسعفين، ولا يهم قتل الصحافيين والإعلاميين، كل تلك الجرائم تقترف بدم بارد من أجل تحقيق هذه الأهداف.
فهل يستطيع الكيان الصهيوني ومن خلفه أميركا تحقيق أهدافه؟
يُعد الكيان الصهيوني آخر احتلال على وجه البسيطة وهو حتما زائل كما زالت وانتهت مئات الكيانات الاستعمارية المحتلة من قبله بقرون، لكن تظهر المواقف البطولية الشجاعة في مثل هذه اللحظات التاريخية الحاسمة، وتظهر معادن البشر دائما في المواقف، فإما أن تكون مع الحق أو نقيضه، لا حياد، ولا يمكن أن تكون بين هذا وذاك، ففي الوقت الذي يحاول البعض أن يساوي بين الجلاد والضحية بل وأحيانا يتمادى البعض ليقول بأن الضحية هي السبب في فعل الجلاد، فإن الفرق في جوهر الأشياء وفي معادن الرجال تتجلى في مثل هذه اللحظات، ولا أعتقد أن القيادة الفلسطينية وعلى رأسها أبومازن لا تدرك أنها المستهدفة من هذا الحصار أكثر من استهداف الصهاينة لـ«حماس» أو غيرها، وما فعله الكيان الصهيوني من حرب همجية على غزة هو مجرد رسالة تقول: إن هذا درس لكل من يريد أن يرفع رأسه ويقاوم فلا تسول لكم أنفسكم ذات يوم لتعلنوا العصيان على أسيادكم. وعلينا أن نفرق بين الموقف الإيديولوجي والموقف المبدئي والاستراتيجي، فالوقوف مع غزة ليس وقوفاً مع فكر نتفق معه أو نختلف عليه، بل هو واجب تقتضيه المصلحة الإستراتيجية للأمة العربية جمعاء، لكن بالتأكيد أعمى البصيرة لا يمكن أن يرى.
محمود درويش في قصيدته عن غزة يقول: «ليست غزة أجمل المدن.. ليس شاطئها أشد الشواطئ زرقة وليس برتقالها أجمل برتقال وليست غزة أغنى المدن ولا أرقى المدن ولا أكبر المدن لكنها تعادل تاريخ أمة».
لذا أناشدكم أنقذوا تاريخكم يا عرب ويا مسلمين، ومن المخجل لنا كعرب ومسلمين موقف دولة مثل فنزويلا بطردها السفير الإسرائيلي، ومواقف الدول الاسكندنافية الرائع ودول أميركا اللاتينية المشرف، هذه المواقف التي تفضح ضعفنا وذلنا وانكسارنا، وعلينا كعرب ومسلمين أن نحيي كل من وقف مع الشعب الفلسطيني من أقاصي الدنيا وأدناها، ونشكر كل من وقف بجانب أطفالنا وتضامن معهم، نشكر كل اليهود المتضامنين مع شعبنا مثل الطيار الإسرائيلي يوناتان شبيرا من منظمة «محاربون من أجل السلام» الذي طلب من الطيارين عدم تنفيذ أوامر قادتهم المتوحشين، ونشكر كافة الفنانين والرياضيين العالميين الذي وقفوا مع الحق ضد الظلم، ونشكر شعبنا الفلسطيني في الداخل، ونهيب بالشعوب العربية خاصة ومؤسسات المجتمع المدني في جميع الأقطار العربية أن تنظم جهودها وترفع صوتها من أجل كسر الحصار، وأن تحذو حذو جمعية البحرين الخيرية للعمل على تنظيم مهرجان (فلسطين العزة والكرامة) لمؤازرة شعبنا الفلسطيني في غزة يوم السبت الموافق 31 يناير 2015.
وكم أتمنى أن يعبر كل إنسان عن موقفه ليكون 2015 عام فك الحصار، المثقفون والأدباء والفنانون والمسرحيون والمغنون والإعلاميون والشباب والنساء وغيرهم من فئات المجتمع وجمعياته، ليصدروا البيانات ولينظموا الاعتصامات والمهرجانات ويجمعوا التبرعات تضامنا مع شعبنا المحاصر في غزة، وليعبروا عن مواقفهم بكل الوسائل والأشكال، من أجل كسر الحصار عن غزة.