د. وائل الحساوي / نسمات

أخطأت يا د. سعد: الفكر الغيبي لا يولد التطرف!

تصغير
تكبير
طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن عباس رضي الله عنه أن يلتقط له سبع حصوات ليرمي بها الجمرات في الحج، فالتقط له ابن عباس سبع حصوات بمثل حصى الخذف (أكبر من حبة الحمصة وأصغر من حبة الفول)، فقال له رسول الله: «بمثل هذا فارموا» ثم قال «إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين»، رواه أحمد وبعض أهل السنن.

نلاحظ من ذلك الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يترك مناسبة أو سنة إلا وقد وجه صحابته إلى أهمية الاعتدال فيها وتجنب الغلو في الدين، حتى في رمي الحصيات في الرجم، وقد بين لهم بأن الغلو في الدين كان هو السبب في هلاك من قبلهم، فالنصارى قد غلوا في عيسى ابن مريم حتى عبدوه، واليهود قد غلوا وقتلوا الأنبياء، وهكذا جميع الأمم!!


بل قد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خروج طائفة من أمته: «يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم...»، و «يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية»، فهم أهل عبادة وصلاة وصيام ولكن غلوهم في الدين ووضع الآيات في غير موضعها الصحيح يقودهم إلى الخروج من الدين بسرعة السهم!

استمعت إلى لقاء لقناة العربية مع الدكتور (سعد بن طفلة) وزير الإعلام الكويتي الأسبق في ذلك التطرف هو الفكر الغيبي الذي تتبناه تلك الجماعات، وأن التطرف هو النتيجة الحتمية للفكر الغيبي، لا شك أن الدكتور سعد قد أخطأ خطأً جسيماً وفسر التطرف تفسيراً منحرفاً إذ إن الفكر الغيبي هو جزء أساسي من مكونات الإنسان العادي، ولا نكاد نرى أحداً ليس لديه أفكار غيبية، حتى من يدعون الإلحاد، ولكن الإسلام قد ربى أتباعه على منهج دقيق وواضح يمنعهم من الانحراف متى ما تمسكوا بتعاليمه القويمة.

لو تأملنا في مسيرة التجمعات المتطرفة مثل تنظيم داعش لما شاهدنا غير مجموعة من المسلحين الذين يتقنون القتل والسلب بين الناس والقسوة في التعامل مع المدنيين، هل سمعتم عن مشايخ دين تابعين لداعش يوجهون الناس إلى تعاليم الدين والفضيلة ويشرحون القضايا الدينية التي يحتاجها الناس؟! هل سمعتم عن خطب دينية للداعشيين أو كتب توجيهية عدا خطبة ذلك المعتوه (أبوبكر البغدادي) الذي تم تصويره مرة واحدة وهو يقلد الخليفة الراشد أبابكر الصديق رضي الله عنه في وجوب طاعة ولي الأمر؟!

إن هؤلاء المتطرفين لا يملكون غير الخطاب العاطفي الذي يتفنون ببثه من خلال وسائل الاتصال الاجتماعي والإنترنت ويقتنصون من خلاله الأطفال وصغار السن بخطاب متشنج يولد الحقد والكراهية في نفوسهم دون فهم صحيح لدينهم ولواجبهم تجاه أمتهم.

ما أحوجنا إلى أخذ زمام المبادرة في توجيه الشباب إلى الفهم الصحيح لدينهم ولتحصينهم من الوقوع في براثن الغلو والتفكير والإرهاب!!

د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي