خبر المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل (بمناسبة زيارة وزير الخارجية الالماني) يشي بأن المنطقة ستظل على حالها ولن تفلح الدروس ولا العبر.
كنت اتمنى لو تطورت واستمرت التحركات الديبلوماسية بإيجابية بين الطرفين السعودي والايراني بعد الزيارة التي قام بها مساعد وزير الخارجية الايراني للمملكة في اغسطس الماضي، لكن خيبة الامل هي دائما واقع حال هذه الامة.
دعوة وزير الخارجية السعودي للايرانيين بضرورة انهاء «احتلالهم» لليمن والعراق وسورية بحاجة لتقييم موضوعي. فالدعوة هذه لم تأتِ من ظرف مستقر، بل الواقع السياسي يقول بأنه نتيجة لتصرفات معتوهة ومجنونة مرت على المنطقة لمدة تزيد على الثلاث سنوات، بل هو ناتج لواقع صرنا نعيشه اكثر من عقدين من الزمان.
لن اتردد بتصديق أن للإيرانيين دخل وايادي في ما يحصل في اليمن، كما لن اتردد في تصديق التدخل الايراني في العراق وسورية. لكن ايضا هذا كله منطقي جدا ومتوقع وينسجم مع توقعاتنا بإحساس الجمهورية بالمخاطر التي تحوم حولها. فكما ان لغيرهم مصلحة في المنطقة، وكما ان غيرهم اعطى لنفسه الحق ان يعبر آلاف الأميال كي يدخل المنطقة ويعبث بها ويتحكم ويأمر وينهى ويتصرف كيفما يشاء بلا «احم ولا دستور»، اهل المنطقة ومنهم الايرانيون أولى بأن يعطوا كذلك لأنفسهم الحق ان يتصرفوا كيفما يشاؤون من باب الدفاع عن مصالحهم وأنفسهم. فلا أدري لماذا يتصور احد ان العذر مقبول للاميركان ومن يدور في فلكهم ان يخيطوا المنطقة بحسب مصالحهم، ثم نتوقع أن يجلس الايرانيون راحة وبأدب وعدم التحرك للدفاع عن نفسها ولمضايقة غيرها!
بل لو افترضنا أن جميع هذه التهم صحيحة وليست نابعة من احساس هذه القوى (المؤيدة للجمهورية) بوطنيتها وشعورها بالانتماء للدولة والارض والشعب، فبمقارنة عابرة شديدة الايجاز بين مخرجات الايرانيين من الشغب والفوضى وبين الشغب والفوضى اللذين افتعلتهما اميركا ومن يعيش في فلكها في المنطقة لوجدته نقطة في بحر! فحزب الله في لبنان قوة عسكرية كبيرة جدا سخّر جهوده لمحاربة اسرائيل، ولكنه دُفع الى احداث بيروت في 7 مايو 2008 الشهيرة (على خلفية قراري مجلس الوزراء مصادرة شبكة الاتصالات وإقالة قائد جهاز أمن المطار) للمحافظة على المقاومة ومكتسباتها. الامر نفسه تكرر مع احتلال الحوثيين لصنعاء قبل اسبوعين، وفي الحالتين لم تطلب هذه القوى المؤيدة لإيران اكثر من حقوقها ثم تراجعت مباشرة وسلمت المواقع والمراكز الحكومية للسلطة. وقد رأينا قبل ايام كيف انتهى احتلال الحوثيين ولم نجد لا اعدامات ولا اغتيالات ولا اغتصاب ولا سبي ولا قطع رؤوس ولا اماء ولا عبيد.
لكن الثوار «المجاهدين» من فلك التحالف الاميركي هم من ارعبوا العالم بوحشيتهم واكلهم لاكباد البشر وقطعهم للرؤوس. وما هؤلاء الا نتاج لتقاطع المصالح الاميركية و»الجهادية التكفيرية» ومدارسهم الفكرية. فهل اتهام بيدن بعيد عنا؟! فالرجل من صلب وداخل الادارة الاميركية، واتهامه لدولنا جاء على خلفية محاضرة اكاديمية كان قد اعد لها من قبل، ولم تكن كلمة عفوية خرجت من دون قصد، والاعتذار لن يغير شيئا من الحقيقة بحسب رأي الدكتور وليد فارس مستشار الكونغرس في مقابلته مع وكالة «فرنسا 24». فمن دمر سورية واقليمنا والعالم باكمله التكفيريون ومن اوصلهم الى سورية وسهل لهم، ثم اصبح فرانكشتاين عجزت القوى الدولية عن السيطرة عليه!
[email protected]