وليد الرجيب / أصبوحة

حلم الإمبراطورية العثمانية

تصغير
تكبير
يبدو بالفعل أن تركيا تحلم بعودة الامبراطورية العثمانية، التي شكلت فيما مضى شبحاً مرعباً للدول الأوروبية والعربية، بعنفها ووحشيتها ولا أخلاقيتها في حروبها واحتلالها للدول بحجة نشر الإسلام وحمايته، هذا الإدعاء الذي أصبح مطية لكل خبيث صاحب مصلحة وغاية في السيطرة والنهب وإبقاء التخلف بين أبناء الشعوب المحتلة، من خلال الاتّجار بالدين كما قال الفيلسوف «ابن خلدون».وما زالت اللوحات التشكيلية المعروضة في متاحف العالم، تصور وحشية الجيوش العثمانية ضد الشعوب الأوروبية التي غزتها، كما تصور الاغتصاب وهتك أعراض النساء والرجال في المناطق التي أصبحت تحت سيطرتها، وتصور أيضاً الغنى الفاحش للسلاطين ورجال البلاط جراء النهب الممنهج لثروات البلدان، ولم تكن الشعوب العربية بمنأى عن هذه الوحشية التي أدت إلى تخلف العالم العربي أكثر من أربعمئة عام، والتي حاربها علماء المسلمين المستنيرين، وشكلت بذرة للشعور القومي والانتماء العرقي العربي لشعوب المنطقة، ما عدا المتخلفين منهم الذين يعتقدون أن الخلافة العثمانية هي وريث الخلافة الإسلامية والإمبراطورية التي قدمت خدمات جليلة للعالم في الأدب وعلم الفلك والترجمة والعمارة وغيرها، والانفتاح على المنجزات الحضارية السابقة على الإسلام.

وها هي تركيا اليوم تحلم بهذا الدور الذي ساهم بنشر الكراهية والعداء للإسلام والمسلمين من قبل شعوب العالم، حيث صُورة الإنسان المسلم أنه الفاحش الثراء الذي يملك جواري وحريم، ولا يهتم سوى بالجنس والمأكل والمجوهرات والقتل الوحشي، الذي لم تسلم منه حتى مؤامرات القصور في ذلك العهد العثماني.


فهي اليوم تقتل مباشرة وتتسبب في قتل الكثير من البشر المسلمين، من خلال دعمها للجماعات الإسلامية الإرهابية بدءا من الإخوان المسلمين، حيث تُعتبر مركز التنظيم الدولي للإخوان وانتهاء بتنظيم الدولة الإسلامية، الذي يقتل ويسبي ويغتصب أبناء الدول العربية ونساءها وفتياتها القصّر، ويجز الرؤوس ويمثل بالجثث.

هذا النظام الذي تقع على أراضيه أهم وأكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط (قاعدة أنجرليك الجوية)، ويرتبط بمعاهدات عسكرية وببرنامج مناورات عسكرية مع إسرائيل، ما زال يحظى بالتأييد من جماعات الإسلام السياسي وخاصة المتشددة منها، ومؤخراً عمد إلى انتهاك سيادة الجمهورية القبرصية في المنطقة الجنوبية، المعترف بها دولياً كمنطقة اقتصادية، وهو عمل عدواني ومحاولة لخلق واقع جديد، الأمر الذي سيؤثر سلباً على المفاوضات بين البلدين لحل المشاكل العالقة، وقد أصدرت وزارة الخارجية التركية اشعاراً في 3 أكتوبر 2014 يحظر عمليات الحفر في الساحل الجنوبي من المنطقة الاقتصادية، التي تحوي مخزوناً هائلاً لمنابع الغاز، على الرغم من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المصادق عليها، إلا أن تركيا تنتهك الاتفاقية وتطالب بمزيد من المناطق من دون حق قانوني أو شرعي، وهي بذلك تنتهك السيادة الممنوحة لقبرص من الأمم المتحدة، وتتحدى الاتحاد الأوروبي وقرارات البرلمان الأوروبي التي تؤكد حق قبرص بالمنطقة الاقتصادية.

ومن الواضح أن هذا التعنت والصلف الذي يلعبه أردوغان وحزبه، في محاولة لعودة إحياء الامبراطورية العثمانية، سيثير الكثير من السخط والكراهية عند شعوب كثيرة، فإلى أين سيقودها هذا النهج وهذا الوهم؟

وليد الرجيب

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي