غداة إطلاق «داعش» مخطوفاً من خارج «سلّة الـ 24»

الحكومة اللبنانية أمام اختبار ملاقاة المناخ الإيجابي في ملف العسكريين

تصغير
تكبير
يرخي الانفراج «الموْضعي» الذي سُجّل في ملف العسكريين اللبنانيين الأسرى لدى تنظيميْ «داعش» و«جبهة النصرة» على الجلسة التي يعقدها مجلس الوزراء وسيحضر فيها هذا الملف الذي دخل شهره الثالث والذي بدا انه حوّل لبنان «رهينة» لتجاذبات داخلية حول كيفية مقاربته، بالتفاوض فقط ام بالتفاوض على قاعدة قبول مبدأ المقايضة، وأيضاً لتحركات اهالي المخطوفين المتواصلة والتي يوظفها الخاطفون للضغط على الحكومة وفرض السقوف التي يريدونها.

وظهَر جلياً ان «داعش» و«النصرة» سعيا عشية جلسة مجلس الوزراء إلى تدعيم مسار التفاوض على قاعدة المقايضة عبر مبادرة حسن النية التي قام بها «داعش» بإطلاقه،ليل أول من أمس، المعاون اول كمال الحجيري الذي كان خُطف قبل اسبوعين من مزرعة العائلة في خراج عرسال (كان بلباسه المدني) وتسلمه الموفد القطري الجديد (ضابط استخبارات) وسلّمه بدوره إلى الامن العام اللبناني.


ورغم ان الحجيري ليس من عداد العسكريين الذين كانوا أُسروا في 2 اغسطس الماضي، الا ان الإفراج عنه وتجيير هذا النجاح إلى الموفد القطري الذي كان باشر مهمته التفاوضية مع الخاطفين في عرسال اول من أمس، اعتُبر مؤشراً إلى المسار الذي بدأ يسلكه هذا الملف، وسط معلومات عن خط جديد للتفاوض فتح بين الحكومة وخاطفي العسكريين ستظهر معالمه في الأيام المقبلة، وهو ما عبّر عنه المدير العام للامن العام اللبناني اللواء عباس ابرهيم الذي باشر مهمته في هذه القضية إذ أعلن: «وضعنا المدماكَ الأوّل في بناء الحلّ (ملف أسرى الجيش)، والطريق لا تزال شاقّة وطويلة».

وفيما تكتّمَ على سير المفاوضات، بدا أكثر تفاؤلاً، طالباً «إخراجَ هذا الملف من التداول ومن دائرة المزايدات، وترك الأمن العام يعمل بعيداً من الضجيج الإعلامي والسياسي حرصاً على الوصول إلى النتائج المرجوّة»، ولافتاً إلى ان «الملف فُتِح على مؤشّرات إيجابية» مع استعادة الحجيري.

وفيما اكدت تقارير ان ابرهيم نجح في إحداث اختراق في الملف عبر دفع «داعش» (ما زالت تحتجز 9 عسكريين) التي كانت توصف بأنها الجهة الأصعب في التفاوض إلى الإفراج عن مخطوف، وانه هو الذي كان اشترطَ لإكمال المسار إطلاق سراح أحد الأسرى وانتزاع ضمان خطّي بحماية حياة المخطوفين الآخرين (عددهم الاجمالي نحو 24) لاستكمال التفاوض، لم يُعرف المسلك الذي سيتبعه مجلس الوزراء في مقاربة هذا الملف رغم الانطباع بان ثمة تفاهماً ضمنياً على السقف الذي لا مفرّ منه لإنهاء هذه القضية اي مقايضة ضمن حدود معينة وربما تشمل موقوفين في أحداث عرسال الاخيرة وأسرى لدى «حزب الله» من «النصرة» و«داعش» وموقوفين في سجون النظام السوري.

ولا تستبعد بعض المصادر حصول تباين بين الوزراء حيال مبدأ المقايضة وحدودها، لافتة في الوقت نفسه إلى ان «اي فريق لن يتحمّل امام الرأي العام اللبناني مسؤولية التسبب بإضعاف الموقع التفاوضي لقطر ومن خلفها تركيا كما اللواء ابرهيم»، وهو ما يعزز امكان اتخاذ قرارات تبقى ضمن اطار السرية حفاظاً على مسار التفاوض.

وقد عكس رئيس الحكومة تمام سلام، امس، هذا المناخ إذ أعلن بعد انتهاء الجلسة التشريعية في البرلمان ان «هذا الموضوع حساس ودقيق جدا، وأتمنى على الجميع ان يدركوا ان المفاوضات القائمة بهذا الموضوع تأخذ في الاعتبار ما يعود بالنفع والخير على المخطوفين اولاً ومن ثم على كل الوطن».

وقال: «هناك مفاوضات، وقلنا من اول الطريق ان المفاوضات ذات طابع يتطلب التكتم لنتمكّن من ان نتوصل إلى حلول والافراج عن عسكريينا الأبطال، وأتمنى على الجميع ان يدركوا ان هذا الموضوع ليس سلعة سياسية للتداول بل يتطلب استنفاراً ووعياً وإدراكاً وطنياً عند الجميع».

وإذ أكد أن «الدولة اللبنانية بحكومتها وبكل مرجعياتها هي الحاضنة والراعية لهؤلاء الشباب وعائلاتهم»، أشار إلى أن «علينا ألا ندع احداً يدخل بيننا ويستغلنا ويضع الامور في غير نصابها الصحيح، فالعسكريون الابطال واهالي المخطوفين والجيش اللبناني كلنا جبهة واحدة متماسكة لمواجهة هذه الحال التي تتطلب عناية ودقة كبيرة في المعالجة، انا مستمر مع كل المسؤولين الآخرين في التصدي لهذا الموضوع بأفضل الطرق والوسائل وبمساعدة ودعم من دولة قطر الشقيقة ودولة تركيا».

وبدا واضحاً ان رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط سيتصدّر في مجلس الوزراء الداعين إلى مقايضة العسكريين الأسرى بموقوفين، ويفترض ان يكون بحث هذا الامر في اللقاء الذي جمعه، امس، بوفد قيادي من «حزب الله» استقبله في دارته في كليمنصو. علماً انه كان كرر في تصريح صحافي الدعوة الى «الاسراع في اجراء مقايضة بين المخطوفين لدى (جبهة النصرة) و(داعش) وسجناء اسلاميين في رومية».

وكانت الأنظار اتجهت، ليل اول من امس، مجدداً إلى عرسال حيث برزت مفاجأة اطلاق المعاون اول كمال الحجيري بالتزامن مع مؤشرات إلى امكان حصول خرق ايجابي قد يفضي إلى اطلاق عسكرييْن اثنين عشية عيد الاضحى.

وجاء الافراج عن الحجيري عقب توجه الموفد القطري، إلى جرود عرسال ولقائه ممثلين لـ «النصرة» و«داعش»، ع لماً انها المرة الاولى تم فيها تواصل مباشر مع ممثل لـ «داعش» بعد انقطاع سُجل منذ فترة ولا سيما بعد بدء «الحرب العالمية» على التنظيم في سورية والعراق بمشاركة قطرية.

وبحسب المعلومات فان الموفد القطري عاد إلى بيروت حاملاً معه مطالب الجهات الخاطفة التي نقلها إلى المدير العام للأمن العام ويفترض ان يكون سلم، ليل امس، الجواب اللبناني.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي