وليد الرجيب / أصبوحة

الأزمة الاقتصادية الرأسمالية والفاشية

تصغير
تكبير
يقول الدكتور سمير أمين وهو اقتصادي مصري بارز، وهو كذلك رئيس المنتدى العالمي للبدائل - داكار «السنغال»، وله العديد من المؤلفات والكتب المهمة، يقول في مقال مهم نُشر في جريدة الشروق المصرية بعنوان «عودة الفاشية في ظل الرأسمالية والامبريالية المعاصرة»: «ليس من قبيل المصادفة أن يربط عنوان هذه المقال بين عودة الفاشية في المشهد السياسي وأزمة الرأسمالية المعاصرة، حيث تمثل الفاشية استجابة سياسية معينة للتحديات التي قد تواجه إدارة المجتمع الرأسمالي في ظروف محددة».

فقد تصدرت الفاشية كما نعلم المشهد السياسي في أوروبا وتولّت السلطة في بعض دولها منذ ثلاثينات القرن الماضي بعد الأزمة الرأسمالية الاقتصادية الكبيرة عام 1929 وحتى منتصف الأربعينيات، وأساسها هو التأكيد على المبادئ الأساسية للرأسمالية وتحديداً الملكية الخاصة.


وترفض الفاشية وبشكل معادٍ الديموقراطية، وتعمل على تغطية خطاباتها الأيديولوجية بغطاء القومية أو الدينية المتعصبة، فبعد هزيمة ألمانيا عام 1918 على يد بريطانيا وفرنسا، وهما القوتان المسيطرتان في ذلك الوقت، صاغ هتلر خطة لعودة تحقيق تطلعات ألمانيا للهيمنة على أوروبا والاتحاد السوفياتي، أي هيمنة رأسمالية الاحتكارات التي دعمت صعود النازية، بحيث يتم تقاسم العالم بين الدول الرأسمالية الأوروبية والولايات المتحدة، وهو ما رفضته هذه الدول بينما وافقت عليه الامبراطورية اليابانية الفاشية، وكذلك موسيليني في إيطاليا الذي يمثل اليمين الإيطالي وهذا انطبق على فرانكو في اسبانيا.

فعند وقوع الرأسمالية في أزمة اقتصادية، يندفع اليمينيون إلى الفاشية تؤيدها الأنظمة الرأسمالية ذاتها، مثل تشرشل في بريطانيا الذي لم يخف أبداً تعاطفه مع موسيليني، بل تركت ألمانيا الغربية والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، جميع من ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية دون عقاب باسم «المصالحة»، ويعتبر سمير أمين أن تأييد الأحزاب الاشتراكية الديموقراطية أو الليبرالية الاجتماعية في أوروبا الغربية لحملات مناهضة الشيوعية مسؤولاً عن عودة الفاشية بعد ذلك، ففي تسعينات القرن الماضي سرعان ما أعيد الاعتبار للفاشية في أوروبا الشرقية، التي كان أفرادها من الحلفاء المخلصين والمتعاونين مع هتلر، وبعد هزيمته في الحرب العالمية الثانية وجودوا ملاذاً في الولايات المتحدة وكندا، وحظيت هذه العناصر بتدليل هذه الأنظمة بسبب معاداتها الشديدة للشيوعية.

بل ان هناك تواطؤاً بين أهداف الولايات المتحدة وأوروبا وأهداف الفاشيات في أوروبا الشرقية مثل أوكرانيا، كما موّلت الدول الرأسمالية «الثورة البرتقالية» في أوكرانيا ويوغسلافيا ومهدت للمجازر الكرواتية.

ومن دون نهوض وتضامن القوى اليسارية في هذه البلدان، فستترك الساحة لعودة النازية والفاشية الجديدة، عبر تواطؤ اليمين الرأسمالي المتطرف مع اليسار الاشتراكي أو الليبرالية الاجتماعية، التي لم تتخل عن انحيازها لاقتصاد السوق الحر بل تخلت عن المصالح الاجتماعية للطبقة العاملة والفئات الشعبية.



osbohatw@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي