أراهن على ان كثيراً من الأشخاص لا يعرفون كم هو راتبهم الشهري، فبمجرد أن يحول للبنوك تأتي الخصومات والأقساط الشهرية تباعاً وقبلها استقطاعات الدولة، ما يجعل الراتب يذوب كما قالب الثلج في فصل الصيف.
اعتقد لو قسمنا الراتب الشهري بحسب الالتزامات والمصاريف فإن هذه السطور لن تكفي، فتكاليف الحياة باهظة الثمن والمطالب متعددة وكثيرة، فمن مصاريف مدارس خاصة الى اقساط تجارية وإيجارات شهرية مروراً بفواتير كهرباء وهواتف ومصاريف مستشفيات خاصة وغيرها الكثير.
كل هذه الهموم والآلام التي يعاني منها الموظف البسيط صاحب الراتب، لا يعرفها أو بالأحرى لا يريد ان يعرفها بعض التجار الذين يزيدون أسعار سلعهم بشكل جنوني في ظل رقابة من بعض الجهات الحكومية شبه نائمة ولاتعرف كيف تسيطر على جنونهم، فهم يعتقدون ان الموظف خاصة الكويتي مليونير ويستطيع ان يشتري كل شيء وقادر على أن يتأقلم مع زيادتهم غير المنطقية، وهذا بكل أسف جعل الموظف يقع في مستنقع الديون حتى أصبح لايقوى على الحراك.
أحد الأصدقاء يتمتع بخفة دم، حصل معه موقفان أعتقد انهما قد اختصرا حال الموظف الذي يعيش على راتبه، يقول صديقنا العزيز انه وجد شركة عقارية في أحد المجمعات التجارية تعرض شققها المفروشة للبيع واستوقفه الموظف ليشرح له أنه عقار رخيص واستثمار حقيقي في المستقبل، فكان رده بسيطاً ومقنعا عندما قال له صاحبنا يا أستاذ أنا لاأملك شقة في بلدي فكيف أكون قادرا على شراء شقه خارجه، فصحيح ان التزاماتي اقل بكثير من اغلب الموظفين ولكن هو راتب لا يكاد يبقى حتى نهاية الشهر، صديقنا ذو الدم الخفيف حاول ان يشتري سيارة جديدة يقول إن سيارته أصبحت قديمة وازدادت اعطالها، فقرر أن يذهب الى احدى الشركات ولكنه صعق من أسعارها عندما قال له البائع الذي يرتدي بدلة أنيقة أن قيمة السيارة فقط خمسة وعشرون ألف دينار وعدد مزاياها، صاحبنا هذا قال لي إنه من رأى بدلة البائع عرف أن السيارة غالية وأنه قد ذهب للمكان الخاطئ، وردد في قلبه ان سيارته تمشي الحال والعجلة من الشيطان.
بعد كل هذه الهموم التي يعيشها الموظف سواء كويتي أو وافد، يأتي أحد اعضاء الامة ليبشرنا ان مجلس الأمة سيوافق على فرض رسوم على خدمات الدولة، ونحن نطرح سؤالاً للنائب المحترم ماهي الخدمات التي تعتقد انها تستحق ان يفرض عليها رسوم، هل الشوارع التي يتطاير منها الحصى ويكسر نوافذ السيارات واطاراتها أو الكهرباء التي تنقطع في عز الصيف أو الخدمات الصحية المميزة أو التعليم ذو المستوى العالي، أعتقد ان كل ما يحدث يختصره المثل القائل هذا ما جنته على نفسها براقش، في المقال القادم سأوضح ما الذي اقصده ببراقش.
mesfir@gmail.com