لم تكن الحرب التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة حربا عادية بل كانت مدمرة بكل المعاني اذ تشرد من خلالها آلاف الفلسطينيين حيث بلغ عدد الذين تشردوا 106 آلاف مواطن فلسطينين من اصل 108 ملايين جراء الهجوم العنيف على القطاع، والآن وبعد انتهاء الحرب الاسرائيلية الاخيرة «الجرف الصامد» اصبحت غزة المحاصرة تعاني من كارثة انسانية لا يعلمها الا الشعب، فالهجوم الاسرائيلي الاخير قد خلّف ركاما ضخما يراوح ما بين 3 الى 4 ملايين طن، ولإزالة هذا الدمار الكبير تحتاج الحكومة الفلسطينية نحو 30 مليون دولار حسب تقدير التقرير الفلسطيني الذي اعده المركز البيئي هناك،وان ازالة هذا الركام الجاثم على صدور سكان غزة قد يحتاج من 6 الى 8 أشهر على اقل تقدير، وايضا لإزالة هذا الحجم من الركام مع الردم يحتاج الى عامين متتاليين وفق الامكانات الضعيفة المتوافرة حاليا في القطاع لأن غزة تعاني من وجود معدات قديمة ومهترئة تابعة لوزارة الاشغال وبالتالي لا يمكن لها ان تزيل سوى 20 في المئة من الدمار الذي يتمثل بكميات كبيرة من الانقاض حيث ان الدمار المتواجد حاليا يعادل خمسة اضعاف دمار عدوان 2012، ما يعني ان النتائج الكارثية للحرب على غزة على مدار الشهرين تقريبا كانت مدمرة لعشرات المنازل الفلسطينية ما ادى الى تدمير 15671 منزلا مع وجود ملايين الاطنان من الركام ناتجة من تدمير منشآت صناعية ومدارس وجامعات ومساجد ومستشفيات ومحطات توليد الكهرباء ومضخات المياه والصرف الصحي وغيره.
واليوم بعد الآثار المدمرة للحرب الاسرائيلية على القطاع اعلنت السلطة الفلسطينية ان القطاع يحتاج الى اعادة اعمار وإغاثة عاجلة وان تكلفة اعادة اعمار قطاع غزة قد تصل الى 7.8 مليار دولار حاليا كحد اقصى للتقدير، وكما يبدو ان الفلسطينيين لا يزالون ينتظرون فرج المساعدات المالية والإنسانية معظمها قد تأتي من الدول الاجنبية التي تأمل ان تنقل تلك المساعدات عبر المعابر وهو الامر الذي يتطلب اعادة فتح المعابر مع اسرائيل ولكن السؤال هنا: هل الحكومة الاسرائيلية مستعدة للتعاون في هذا الجانب؟!
في حين يرى مراقبون ان تحقيق اعادة اعمار قطاع غزة بالشكل المطلوب امر بعيد المنال نظرا لعدم اهتمام معظم الدول المحيطة لها في هذا الجانب وكانت ردة الفعل تجاه الحرب الاسرائيلية الأخيرة باردة سياسيا وعسكريا اضافة الى استمرار الجمود في ملف المصالحة الوطنية وعدم تفعيل قضية المفاوضات نحو طريق السلام العادل بين الطرفين ناهيك عن عدم تخفيف اسرائيل حدة قيودها على الحدود مع القطاع، فيما وجهت السلطة الفلسطينية والامم المتحدة من خلال منسقها للشؤون الانسانية مناشدات عدة للعالم من اجل جمع مساعدات عاجلة بقيمة 551 مليون دولار لقطاع غزة المدمرة قبل انعقاد مؤتمر المانحين الذي سينعقد في القاهرة الموافق 12 اكتوبر الشهر المقبل، اذ ان عملية المناشدة الخاصة بالازمة في غزة هي للاستجابة الاولية لهذه الاحتياجات الانسانية كبداية انعاش مبكر للازمة لأن حجم الاضرار والدمار الناجمة من الحرب الاخيرة على غزة غير مسبوق فمن الضروري دعم الشرائح السكانية الضعيفة التي تضررت كثيرا من هذا الصراع الدموي، وقد لاحظنا ايضا دعوة البنك وصندوق النقد الدوليين الى مساعدة القطاع والحاجة الملحة الى تقديم مساعدة دولية ورفع الحصار المفروض عليه والعمل على تعزيز حكم السلطة الفلسطينية، كما اكدتا الحاجة الى تحرك دولي وتحرك فوري من جانب السلطة الفلسطينية والمانحين والحكومة الاسرائيلية لإنعاش الاقتصاد المنهار وتحسين مناخ الاعمال بدلا من تجدد عملية العنف والقتل والاستبداد وبقاء الخطر كما حصل للاعوام الاخيرة. هذا وقد اكد البنك الدولي في تقريره الاقتصادي الذي سيرفع الى منتدى المانحين الذي سينعقد في 22 سبتمبر الجاري في نيويورك ان اقتصاد قطاع غزة كان يعاني من انكماشات حادة قبل الحرب فما بال الوضع الاقتصادي الآن! وخصوصا ان ربع السكان الفلسطينيين مازالوا يعيشون تحت خط الفقر مع وجود البطالة المقنعة التي بلغت الـ 45 في المئة وانتشرت هذه الازمة بين الشباب بشكل لافت للنظر بنسبة 63 في المئة.
ويبقى السؤال هنا: هل ستنجح خطة السلطة الفلسطينية بمساعدة الأمم المتحدة في جمع مساعدات عاجلة لدعم الشعب الفلسطيني واعادة اعمار قطاع غزة في مؤتمر المانحين المقبل الذي سينعقد في القاهرة؟!
ولكل حادث حديث،،،.
alfairouzkwt_alrai@hotmail.com