ياسمين مرزوق الجويسري / ارتواء

فالدنيا سفر

تصغير
تكبير
ها قد عادت المياه إلى مجاريها والأيام إلى أعمالها الروتينية المعتادة مع بداية العام الدراسي الجديد والعودة إلى الوظائف والأعمال، ولأن الكثير منا قضى جزءاً من عطلته في السفر والسياحة، اخترت لمقال الأسبوع أن يكون استقراء في السفر واغترافاً لما فيه من فوائد وثمار، ذاك أن الإنسان الواعي لا يصلح أن تمر به الأحداث والتغيرات من دون وقفة تفكر وتأمل للاستنتاج.

في نظرة عامة على السفر لابد أن يستشعر الإنسان نعمة قدرته عليه بحد ذاتها، فأن يرتحل أحدنا من بلد لآخر متى ما شاء بتنوع أهدافه وغاياته نعمة ورزقا، فما بالك بمن يسافر وله القدرة على توفير كل متطلباته وحاجاته ورغباته من دون أن تقف الأمور المالية عائقاً أمامه؟، تلك نعم ومنن من الرزاق سبحانه تستحق أن يُشكر له فيها ويُحمد.


في الطوفان حول البلدان نلاحظ العديد من الفوارق بين مجتمعاتنا وبينهم، منها توفيرهم جميع الخدمات التي تسهل على ذوي الاحتياجات الخاصة عيشهم وسير حيواتهم، لذلك ترى الكثير منهم في الشوارع ومراكز المدن يعيشون كبقية الناس خلافاً لمن يماثلهم الأحوال في بلداننا، والفارق الآخر هو مقدار اعتمادنا واعتمادهم على الخدم والمربين، ففي الغرب مثلاً قلما تجد الأسرة خالية من حضور جميع أفرادها، على عكسنا نحن.. فالأطفال إما أن يمكثوا في المنازل أو يهيموا في المراكز التجارية مع الحاضنات.

هناك عدد من القيم والأخلاقيات المفترض التخلق بها في الحل أولاً والترحال ثانياً، كأن يكون الفرد ذا ثبات على أقواله غير متردد في تطبيقها على الواقع، فإعطاؤك لرفقة السفر مطلق الحرية في اختيار الرحلات يعني ألا تذم إحداها وألا تكون مصدر تحبيط وإزعاج، كذلك محاولة المسافر مع مجموعة أن يتحايل على طباعه الحادة المؤثرة سلباً على الناس، كمهووسي النظام والترتيب أو مدمني العصبية السريعة، بالإضافة إلى الحرص على تحري الصدق في نقل المعلومة، والتفريق بين الظن والشكوك وبين إطلاق الأحكام والآراء الحتمية.

إن السفر لا يخلو من تربية الإنسان وتثقيفه وتعليمه، وعلى الرغم من أنه عبارة عن فترات زمنية منتهية لا يعني ذلك أن نكتفي بالعلم فيه وحسب، بل ننهل من التجارب أينما صرنا وحيثما كنا ففي النهاية.. الدنيا سفر.


@jasmine_m_alj
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي