لبنان «ينظّم صفوفه» في ملفّ العسكريين الأسرى ... وزيارة سلام للدوحة «محورية»

«هاجس» العمليات الإرهابية يعود إلى لبنان مع تفكيك سيارة مفخخة عند أطراف عرسال

تصغير
تكبير
فيما كانت الأنظار في بيروت شاخصة على الاندفاعة التي يفترض ان يشهدها ملف العسكريين الاسرى لدى تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» مع الزيارة التي يقوم بها رئيس الحكومة تمام سلام بعد غد للدوحة على رأس وفد وزاري، عاد ملف السيارات المفخّخة الى الواجهة من خلال نجاح الجيش امس في ضبْط سيارة تحتوي على نحو 75 كيلوغرماً من المتفجرات كانت مخبأة داخل صفائح معدنية في محلة عين الشعب عند أطراف بلدة عرسل البقاعية.

وجاء ضبْط السيارة المفخخة وتفكيكها ليطرح علامات استفهام حول تداعيات هذا التطور والرسائل التي انطوى عليها وذلك في اتجاهين:


* الاول الخشية التي أثارها من امكان ان تكون هذه «طلائع» الأثمان التي يمكن ان يدفعها لبنان في مرحلة الحرب التي سيشنّها التحالف الدولي - العربي ضد «داعش»، علماً ان مشاركته (لبنان) في الاجتماع الاقليمي الذي عُقد امس في جدة بحضور اميركي لبحث سبل مواجهة «الدولة الاسلامية» اثارت أسئلة في احدى الصحف القريبة من «8 آذار» تحت عنوان «هل سيضع حضور الاجتماع لبنان في قلب العاصفة أم سيحميه منها؟».

* الثاني المخاوف من امكان انعكاس ضبْط السيارة المفخخة وتداخُله مع ملف العسكريين الاسرى لدى «داعش» و«النصرة»، ولا سيما ان عدداً من السيارات التي سبق ان انفجرت في البقاع وحتى الضاحية الجنوبية لبيروت سبق ان مرّت عبر جرود عرسال وان «النصرة» و«داعش» كانتا تبنّتا علناً بعض العمليات الارهابية.

واذا كان تفكيك السيارة المفخخة امس سيعزز من منطق الداعين في الداخل اللبناني الى إكمال خطة فصل جرود عرسال عن البلدة، وذلك في إطار استخدام احد «أوراق القوى» التي يملكها لبنان بوجه شروط «داعش» و«النصرة» لإطلاق العسكريين الـ 28، فان الترقب ساد لمعرفة انعكاسات هذا المناخ المستجدّ على المساعي الحثيثة لإنهاء ملف الأسرى بأقلّ الأضرار، وسط تساؤلات اذا كانت السيارة المفخخة في إطار «إنذار مفخخ» للبنان بعد الفصل شبه الكامل لجرود عرسال (من دون قفل كل المعابر التي يسلكها المسلحون وبعض الوسطاء عبر مسالك جبلية وعرة) وفي ظلّ تصلّبه في مطلب مقايضة المخطوفين بموقوفين في سجن رومية، أم أنّ في الأمر «قطباً مخفيّة» ما؟

ويُنتظر ان يكون ملف الأسرى المفتوح منذ الثاني من اغسطس الماضي محور المحادثات التي يجريها الرئيس تمام سلام في الدوحة التي يتوجّه اليها الأحد على رأس وفد وزاري في اطار تحرك هو الأرفع على هذا المستوى من اجل تحرير العسكريين، علماً ان هذه الزيارة تأتي على وقع ما قيل عن ضمانات تلقّاها الوسيط المكلف من دولة قطر (وهو شخصية سورية) من «النصرة» بتأمين سلامة العسكريين وترقُّب ضمانات مماثلة من «داعش» الذي سبق ان أعدم ذبحاً الجنديين علي السيّد وعباس مدلج.

وينتظر ان يضم الوفد الوزاري الذي سيرافق سلام، والذي سيلتقي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وكبار المسؤولين القطريين، كلاً من الوزراء نهاد المشنوق، ووائل ابو فاعور، وسجعان قزي، وريمون عريجي، وغازي زعيتر، واشرف ريفي بالاضافة الى المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي كُشف تكليفه رسمياً بمهمة القيام بالاتصالات اللازمة مع الجهات المعنية، لا سيما القناة القطرية في اطار الحرص على طي هذا الملف الذي أنذر بتداعيات خطيرة على الواقع الامني في لبنان.

واذا كان لبنان نجح في تأطير عمله الدؤوب لاسترجاع عسكرييه وهو ما يبقى دونه صعوبات شاقة في ضوء التعقيدات المتصلة سواء بشروط الخاطفين او بالانعكاسات المتحملة لبدء الحرب «العالمية» على «داعش»، فان زيارة سلام، الذي يرتقب ان يزور في وقت لاحق ايضاً الإمارات العربية المتحدة بعد ترتيب مواعيد القيادتين اللبنانية والإماراتية، ترافقت لبنانياً مع تطورين:

* الاول سحب عملياً كل «فتائل» ملف الخطف والخطف والمضاد «على المذهب» الذي ساد البقاع في الايام الاخيرة على خلفية تداعيات ملف الاسرى العسكريين اذ عمدت عائلة آل مصري من بريتال الى الافراج عن ابنيّ عرسال عبد الله البريدي وحسن الفليطي اللذين كانت قد احتجزتهما قبل ستة ايام لمقايضتهما بابنها العسكري زيد المصري المخطوف مع سائر الجنود وعناصر الامن مع «داعش» و«النصرة».

وكان بارزاً ان عملية التسليم جرت في منزل الشيخ محمد المصري في حورتعلا (البقاع) برعاية رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك وحضور النائب علي المقداد وفاعليات وقيادات امنية.

وتَرافق ذلك مع تقارير اشارت الى اتصالات بعيدة من الاضواء، جرت خلال الساعات الماضية بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» (بقيادة الرئيس سعد الحريري) عبر قنوات عدة بهدف تعطيل «صاعق» الانفجار المذهبي في البقاع، علماً ان لقاء عاماً سيُعقد غداً لفاعليات بعلبك من مختلف الطوائف والمذاهب بهدف الوصول الى ميثاق يتعد فيه الجميع يدعم الجيش والاستقرار والامن في المنطقة.

* والثاني توسيع لبنان رقعة لعب «اوراق القوة» التي بيده في مواجهة «داعش» و«النصرة» في اتجاه ملف النازحين السوريين الذين تجاوز عدد المسلجين منهم لدى مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين مليون و 300 الف، وذلك عبر قرار اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف النازحين باقامة مراكز ايواء نموذجية تجريبية لهؤلاء بين المناطق الفاصلة بين الحدود اللبنانية - السورية (المصنع - العبودية)، وتأكيد ان لا قدرة للبنان على استقبال موجات جديدة من الهجرة باستثناء «الحالات الاستثنائية».

وفيما بحث مجلس الوزراء اللبناني هذه المسألة التي تترافق مع عمليات «انتقام» وتعرض لنازحين سوريين في أكثر من منطقة ومطالبتهم بإخلاء أماكن وجودهم نتيجة انعكاسات إعدام العسكرييْن في الجيش على يد «داعش»، أوضح وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس ان «قراراً اتُخذ يقضي بانشاء مخيمات تجريبية على الحدود لتقدير امكانات المضي في هذه الخطوة وتوفير المسلتزمات اللازمة لتنفيذها»، معلناً «لم يعد مقبولاً هذا الانتشار الواسع للنازحين في الجسم اللبناني، مع ما يسببه ذلك من حساسيات أمنية واجتماعية»، وموضحاً ان «المخيمات لن تضم خيماً بل ستعتمد على البيوت المتنقلة (كارافان)».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي