تزامن هذا الاسبوع حدثان مهمان لكنهما متضاربان من حيث المغزى، الاول رخص قيادة البدون والثاني تكريم الامم المتحدة لسمو الامير كقائد للعمل الانساني.
فبعدما اهدتنا ادارة العلاقات العامة والاعلام بالجهاز المركزي لمعالجة اوضاع المقيمين بصورة غير قانونية اطيب التهاني والتحيات، رصدت بالارقام عدد الرخص التي اصدرها الجهاز للمقيمين بصورة غير قانونية.
لا يهم الارقام (مع انها قليلة نسبة الى عددهم)، لكن السؤال الذي حيرني هو ما اهمية هذا الخبر؟ لماذا ادارة العلاقات العامة في الجهاز المركزي تنشر خبر اصدار رخص قيادة السيارات؟! فما الذي يمكن ان نستفيده من معلومات كهذه ومن الاعلان عن بعض الارقام لصالح البدون سواء أكانت رخص مرور او شهادات زواج او وفاة او غيرها من اوراق رسمية تصدرها الدولة بحق هذه الفئة؟
اهمية هذه الاخبار تلميع صورة الجهاز المركزي. واضح ان الجهاز المركزي لم يجد افضل من حاجات الناس كي يتحدث عن انجازاته وعطاءاته. فاليوم ونحن في القرن الواحد والعشرين وفي صيف تصل درجة الحرارة الى الخمسين، يحتفل الجهاز المركزي بمنح البدون رخص قيادة!
لا يبدو ان الموظفين والعلاقات العامة لدى الجهاز المركزي مدركون ان للانسان حقوقا طبيعية يستحقها لا لانه يعيش بشكل «قانوني»، بل يستحقها لمجرد انه انسان ومن جنس البشر! فأي انسان في العالم لا يمكن ان نؤاخذه بالخطيئة الا اذا توافرت له الحقوق الاولية والبسيطة كالتعلم والاكل والملبس وحق التنقل، فبعد هذه الحقوق تعال وحاسبه على اخطائه، اما قبل ذلك فيُسمى اذلالا واهانة وظلما!
الشيء الاخر اللافت في هذه الشاكلة من الاخبار هو حالة الابتزاز التي تستخدمها الدولة ضد الناس. لا اريد ان اقلل من اهمية الاوراق الرسمية في دولة صغيرة كالكويت يتمتع اهلها بالاستقرار والامن والراحة الاقتصادية وفي بيئة محيطة تشتعل فيها الحروب الاهلية والصراعات الدولية. الا ان اخبارا كهذه تشوه صورة البلد وترسمه في مخيلة العالم على اننا نقتات على تعذيب الناس ونمتهن سبل الاذلال لقضية طال امدها وصلت لعقود من الزمن.
كان من الاوجب على العلاقات العامة لدى الجهاز المركزي ان يتأثر بصوت العالم الذي احتفل في 9 سبتمبر بقائد مسيرتنا الامير حفظه الله بمناسبة تنصيبه كقائد للعمل الانساني بدلا من تشويه صورتنا بهذا الشكل والتفاخر بأننا تفضلنا على الانسان باحدى حقوقه الطبيعية في التنقل!
hasabba@gmail.com