تقرير / لبنان يستعيد العناية الإقليمية - الدولية ... خطوة - خطوة

تصغير
تكبير
يستمرّ لبنان، بأزماته ومآزقه، فوق الصفيح الاقليمي اللاهب الذي تَسبّب بفراغ في رئاسة الجمهورية منذ أكثر من ثلاثة أشهر وباستيراد النار السورية عبر دفرسوار جرود عرسال - القلمون، ومعها ايضاً ملفّ العسكريين الذين تحوّلوا رهائن بيد «داعش» و«جبهة النصرة».

وثمة انطباع في بيروت بأن وقائع على جانب من الأهمية تؤشر الى ان لبنان «غيـــــر المــــــتروك» يتجه للإفادة من المرحلة الانتقالية «الجديدة» في المنطقة، الأمر الذي يشي ببدء العد العكسي لأزماته، وفي مقدّمها انتخاب رئيس جديد للجمهورية ترجمةً لـ «المزاج الاقليمي» المستجدّ.


فمع إعلان الغرب عن تحالف دولي في الحرب على «الدولة الاسلامية» في العراق أولاً، تكون المنطقة انتقلت في اتجاه أوضاع جديدة تتبلور أكثر فأكثر مع تحول هذا التحالف الى دولي - اقليمي على ان يشمل سورية في مرحلة لاحقة.

وبالتزامن مع هذا الحراك الذي من شأنه «تغيير وجه» المنطقة مع استعادة الولايات المتحدة «الحلّ والربط» فيها، عاد الاهتمام الدولي - الاقليمي بلبنان بعد فترة من «إدارة الظهر» لأزماته وترْكه في مهب الريح الاقليمية ما دام يتمتع باستقرار الحد الأدنى.

ومن ملامح هذا الاهتمام العائد، بحسب اوساط واسعة الاطلاع في بيروت، يمكن رصد الآتي:

• الدخول القطري على خط ملف العسكريين المخطوفين لدى «داعش» و»النصرة» عبر شخصية سورية لعبت دوراً بارزاً في الصفقة الى ادت الى الافراج عن راهبات معلولا في مارس من العام الحالي بعد مئة يوم من احتجازهنّ.

وعلمت «الراي» في هذا السياق ان القطريين اوكلوا الى السوري «ج. ح» مهمة التفاوض لإنقاذ العسكريين اللبنانيين بعدما بدأ هذا الملف يهدد حكومة «ربْط النزاع» في لبنان.

* المعلومات التي تحدثت عن إدراج وزير الخارجية الاميركية جون كيري بيروت على خريطة زيارته للمنطقة، في اشارة اهتمام من رئيس الديبلوماسية الاميركية، الذي ترعى بلاده التحالف الجديد في الحرب على الارهاب، بالأوضاع في لبنان، وهي الرسالة التي قد تنطوي على دفْعٍ لعملية انتخاب رئيس جديد للبلاد.

* الحركة المكوكية التي يقوم بها الممثل الشخصي للامين العام للامم المتحدة في بيروت ديريك بلامبلي في اتجاه العواصم ذات الصلة بالوضع في لبنان بهدف تشكيل مظلة اقليمية - دولية تتيح حماية الاستقرار السياسي والأمني في لبنان عبر انتخاب رئيس للجمهورية ودعم الجيش اللبناني، وهو كان زار المملكة العربية السعودية ويعتزم القيام بزيارة مماثلة لايران تتويجاً لتحرّكه الذي شمل واشنطن وباريس ونيويورك.

• الدور الذي يمكن ان تضطلع به مصر غداة استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وخصوصاً في اطار المساعي لكسْر المأزق السياسي - الدستوري في بيروت. فالقاهرة، التي أشيع انها تسعى الى تعويم «جنيف - 1» السوري عبر اتصالات مع النظام والمعارضة، تملك قنوات قادرة من خلالها على دعم اي جهود دولية وإقليمية لحماية لبنان.

• الصحوة الدولية - الاقليمية في دعم الجيش اللبناني وتسليحه، والتي تجلّت في هبتين سعوديتين (4 مليارات دولار)، وأسلحة اميركية، اضافة الى العمل على تحريك هبة روسية سابقة. إذ ثمة توجّه خارجي لتعزيز قدرات الجيش اللبناني لضمان جهوزيته كشريك في عملية مكافحة الارهاب.

ويستند هذا الحراك في اتجاه لبنان الى قوّةِ دفعٍ مزدوجة:

• اقليمية ناجمة عن الدينامية التي توالدت في الطريق الى مواجهة «الدولة الاسلامية» والتي تملي ترتيبات جديدة للتصدي لهذا الخطر الهائل، وهي ترتيبات بدأت في العراق وستشمل سورية ويفيد منها لبنان نتيجة اضطرار اللاعبين الاقليميين الى تقديم تنازلات متبادلة ستتولى الإدارة الاميركية على الأرجح ضبط ايقاعها.

• محلية وتتمثل في المساعي التي يبذلها جنبلاط لضمان تسوية رئاسية لا غلبة فيها لأحد على أحد، وتضمن حلاً على طريقة «لا غالب ولا مغلوب»، وخصوصاً ان جنبلاط لعب على مدى أعوام ماضية دور «مانعة الصواعق» حين شكل حاجزاً بتموْضعه الوسطي حال دون كسْر أحد لأحد.

وأهمية الحال الجنبلاطية انها أبقت على مساحة مشتركة يمــــــكن ان تُطــــبخ فيها المخارج حين تدقّ الساعة الاقليمية، وسط اتجاه «14 آذار»، التي أبدت مرونة في الانفتاح على الطرف الآخر توصلاً الى رئيس تسوية، الى إطلاق مروحة من الاتصالات في هذا السياق، في حين ان «8 آذار» التي تستأخر التسوية، تدرك ان العدّ العكسي في اتجاهها قد بدأ.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي