جرأة التسوية

تصغير
تكبير
من دون تنازل عن قناعات وتوقعات في سورية والعراق وغيرهما في بلاد الانتصار العربي المعقّد الذي هجم عليه أعداؤه المختلفون المتّفقون بين إرهاب الدولة وإرهاب التّطرّف، فقد يكون الأجدى هو أن تكون هناك تسوية شجاعة خاصة من قبل المعارضة السوريّة لأنّ النظام أو المعارضة السورية مضطران الى الخضوع لتسوية، خاصةً بعد اشتعال معارك لم تكن متوقعة كما ينبغي، وبعد التعقيد الذي حصل في المفاوضات النّووية بين إيران والغرب، وما يتردّد من أنّه في حال استمرار العقوبات على ايران فانها لا تستطيع الاستمرار في كفالة الحرب السوريّة، التي تدفع فاتورتها الباهظة بسبب دعمها لنظام بشار الاسد مالا وسلاحا كما أصبح معروفا. شيء كجنيف واحد يمكن أن يكون فرصة لتسوية ولو موقتة تختبر نية وقدرة النظام الضئيلة على الاصلاح والتوبة وتختبر نية وقدرة المعارضة الوطنية والمدنية والسلمية على لملمة صفوفها والانتقال من شعار إسقاط المستبد الى أطروحة بناء الدولة التعددية التي تستعين بأصدقائها واشقائها من دون شبهة تبعية أو ارتهان حقيقي أو مبالغ فيه.

هذا نداءٌ للإخوة الذين نعرفهم ويعرفوننا وننصحهم ويرفضون النصح، فنناشدهم أن يقبلوا منّا النصح هذه المرّة ويخرجوا من سوريا لأنّ أعداءهم يتمنون استمرار هذا التّدخّل المضرّ ويريدون استمرار هذا النزيف البعيد عن وجهة مجابهة العدوّ الصهيوني التصحيح ليس خيانة والحل باختصار يكون في انقاذ سورية من ظلم نظامها ومن إرهاب «داعش» التكفيري.


ومن اليمن إلى العراق إلى ليبيا وتونس والبحرين ولبنان وسورية أصبح عندنا لائحة أولويات معقّدة، ولكن وضع غزّة وفلسطين هو الأكثر تعقيداً وهو الطارئ الصّحّي على حالة صحّية صعبة تاريخياً ويفترض أن نعطيه الأولوية المطلقة من دون إهمال القضايا الأخرى، كما أنه لا يجوز لأحد أن يلعب بمصير الشعب الفلسطيني في غزة حتى ولو كان هؤلاء اللاعبون يمثلون دولاً صديقة وشقيقة،يقرّرون سياستهم وفق حساباتهم الخاصة، فبعض هذه الدول تدعم الشعب الفلسطيني ولا نشك في صدقها، كما تبذل مالا وسلاحاً ٍ تقدمه لفئة محدّدة من هذا الشعب، ولكن بتقديري أنّ قليلاً من المال والسّلاح يكفي بشرط ألا يكون زبائنيّاً وأن يكون جزءاً من مشروع عربي اسلامي صديق، لترسيخ الوحدة الوطنية الفلسطينية وعقلنة الانتفاضة الفلسطينية في السياسة والميدان، حتى لا نقع بما وقعت فيه الانتفاضة الفلسطينية الثانية من عسكرة عامة، كان ثمرتها مجيء التّطرف الأقصى إلى الإدارة الصهيونيّة.

إنّ الشعب الفلسطيني في حالة عصيان مدني وبغض النّظر عن حاجته للسلاح حالياً أو بعد أجل، فإن المطلوب هو أن يكون أكثر تنظيماً ووحدة للبقاء على السلاح السياسي. ونطلب من تركيا وإيران وجميع العالم الإسلامي أن يعملوا مع الشعب الفلسطيني من أجل القضيّة في مشروع عام لا في مشروع خاص مهما يكن مهماً أو استراتيجيّاً،ويبقى أن أي صاروخ يتبرّع به محبّ لفلسطين وغزّة الآن، لا يجوز أن تصيب شظاياه العملية السياسية فتزيد الإرباك والفوضى والتّمزّق، والمطلوب هو تفعيل منظمة التحرير وتحويلها إلى إطار جامع، وذلك بعدما أنجزت السلطة الوطنية في فلسطين شبكة علاقاتها الدولية في الأمم المتحدة رغم الصعوبات التي عانتها ولكن عناد الرئيس محمود عباس واخوانه تجاوز العوائق من واشنطن إلى آخر الدنيا.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي