عزا عدد من الخبراء والعاملين في قطاع الاتصالات أزمة الاتصالات الدولية إلى الاحتكار الحكومي وسوء الإدارة، معتبرين ألّا حل نهائياً لها إلّا بتحرير القطاع ومنح الرخص للشركات المشغلة للاتصالات المتنقلة، ووجود قرار حاسم وجدّي بوقف الفساد والتجاوزات.وتشير المعلومات المتوافرة إلى أن وزارة المواصلات تتعاقد مع مشغّلين دوليين سيئين للاتصالات الدولية، للحصول على أقل الأسعار على حساب الجودة، وتتقاضى في المقابل أغلى الأسعار للدقائق بين دول المنطقة، مستفيدة من احتكارها للخدمة في الكويت. وهذا ما يجعل الخدمة سيئة ويؤدي إلى ازدهار السوق السوداء والممارسات المخالفة للقانون.وأوضح الرئيس التنفيذي في شركة إمبرينت للاستشارات، رئيس مجلس الإدارة السابق في شركة مدى للاتصالات أحمد الإبراهيم، أن جميع الشركات والعاملين في قطاع الاتصال في الكويت بانتظار تأسيس هيئة تنظيم الاتصالات والتي سيؤدي إنشاؤها إلى حل العديد من المشاكل التي تعترض تطوير القطاع، ولا سيما في موضوع الاتصالات الدولية التي تعد تكلفتها من الأعلى في المنطقة والعالم.وقال الإبراهيم في تصريح لـ«الراي» إن وزارة المواصلات في الكويت «تخسر الكثير من الإيرادات سنوياً من خلال احتكارها لمفاتيح إجراء الاتصالات الدولية في الدولة، على عكس الدول المجاورة التي تسمح للشركات العاملة فيها تحمل مسؤولية تأمين هذه الخدمة لقاء مبالغ ورسوم اشتراك سنوية، كالبحرين التي تتقاضى 12 ألف دينار بحريني سنوياً لقاء السماح للشركات بتأمين الاتصالات الدولية لمشتركيها».وأضاف الإبراهيم ان «وزارة المواصلات تتقاضى تقريباً 9 سنتات لقاء كل اتصال دولي من شركات الاتصالات العاملة في السوق، مقابل 3 سنتات تتلقاها بعض الشركات التي تعمل بغطاء مستتر وتحت مسمى آخر لتأمين الاتصالات للعملاء، لافتاً إلى أنه من الطبيعي أن يلجأ العميل إلى التعرفة الأقل».وذكر الإبراهيم أن مسألة حظر المكالمات عبر الإنترنت هو أمر تعداه الزمن ولم يعد ممكناً في ظل تعدّد الطرق للوصول إلى التطبيقات بسهولة، وأن مسألة حظر استعمال الفايبر وغيرها من التطبيقات التي توفر الاتصالات المجانية هي خاصة بالاستعمال التجاري، بمعنى أنه يمكن للعميل العادي تنزيل التطبيق شرط عدم الاستفادة والحصول على مقابل لقاء استخدامه.وبين أن عمليات الاتصالات الدولية تتم عبر مقسم وتردد تحصل عليه الجهات المعنية في السوق، من قبل الشركات العالمية التي تبيع هذه الخدمة لوزارة المواصلات وللشركات والمتمركز في الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وهونغ كونغ واليابان، منوهاً إلى أنه في الكويت فإن وزارة المواصلات تحصّل نحو 50 إلى 60 مليون دينار سنوياً من خلال احتكارها لعملية تحرير المكالمات الدولية، ومؤكداً أنه لو فتح المجال أمام شركات الاتصالات والإنترنت العاملة في السوق للحصول على خدمة تنفيذ المكالمات الدولية وتوفيرها لارتفعت الإيرادات التي تحققها الوزارة بنحو كبير، ومعتبراً أن هذا الأمر يساهم في بقاء الاقتصاد معتمداً على عائدات النفط فقط من أجل تغطية كافة النفقات في الدولة أو معظمها.وقال الإبراهيم إن «فتح المجال أمام إقامة شركات الهاتف الذكية لقاء اشتراكات سنوية كما في البحرين مثلاً، يساهم في تحريك عجلة الاقتصاد، ويشجّع أصحاب المشاريع على إقامة الشركات الصغيرة، ويساهم في تطوير قطاع الاتصالات»، مؤكداً أن «في الكويت العديد من الطاقات القادرة على تحويلها إلى رائدة في مجال الاتصالات والتكنولوجيا في المنطقة».الاقتصادوللاحتكار تكلفته الكبيرة على الاقتصاد. إذ تقدّر منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلم (يونيسكو) أن دعم قطاع الاتصالات وتوفير الخدمات المتطورة له، من شأنه رفع مساهمته في الناتج المحلي للدولة من 6 إلى 10 في المئة.وفي الكويت تعاني العديد من الشركات خصوصاً الأجنبية منها من ارتفاع تكلفة الاتصالات الدولية، ما يضطرها في النهاية إلى إقفال مكاتبها والانتقال إلى إحدى الدول المجاورة ومنها البحرين التي تعد تكلفة الاتصالات فيها من الأقل في المنطقة.ويرى رئيس إدارة المشاريع في شركة نور للاتصالات علاء حمية، إن «ارتفاع تكلفة الاتصالات خصوصاً الدولية منها، مشكلة تؤثر على تنافسية الكويت ومركزها في العالم، وتخلق العديد من المشاكل أمام الشركات العاملة في السوق»، مشيراً إلى أن «التأخر في إنشاء الهيئة العامة للاتصالات هو السبب الرئيسي للكثير من المعوقات التي تحول دون تطوير القطاع».وأضاف حمية ان «مسألة حل مشاكل الاتصالات الدولية، والحصول على كافة الإيرادات، وقـــطـــــع الطريق أمام الشــركات المســــتفـــــيـــدة من التكلفة القليلة التي توفرها، ممكن عبر اتخاذ العديد من الإجراءات من أجل تخفيض كلفة الاتصالات، واللحاق ببعض الدول في هذا المجال كتركيا وقطر والبحرين والإمارات التي تتخذ الجهات المعنية فيها العديد من الإجراءات لتطـــــوير القطاع الذي بات اليوم من أهم القطاعات في جميع دول العالم، في ظل التطور التكنولوجي الذي يحصل».وتابع أن «تأمين الكايبل الذي يسمح بتأمين الاتصال الدولية من الكويت وانطلاقه منها، يساهم في خفض التكاليف على جميع الشركات»، منوهاً إلى أن الكثير من الشركات أقفلت مكاتبها أو بصدد إقفالها بسبب ارتفاع كلفة الاتصالات خصوصاً الدولية منها، نظراً لارتباطها بكل ما له علاقة بإنتاجيتها».وأشار إلى أن بعض الدول اتخذت بعض الإجراءات، ووضعت بعض القرارات حيز التنفيز، من أجل خفض تكاليف الاتصالات الدولية، ومنها تقنية «MVNO» التي باتت معتمدة في قطر والإمارات والتي تمنح الجاليات أسعاراً خاصة للاتصالات الدولية إلى دولهم.وأشار إلى أن تحرير الاتصالات الدولية، واعتماد التقنيات الجديدة ومنها «MVNO»، والسماح للشركات باستخدام الشبكة الموحدة من شأنه تطوير قطاع الاتصالات، وتوفير فرص عمل عــــديدة في الســـــــوق، لافتاً على سبـــــيل المــــــثال إلى أن شركة زين للاتصــــالات عندما اعتمدت الشبكة الموحدة بين شركاتها التابعة مكنّت المشتركين في المنطقة من إجراء المكالمات على شبكات المجموعة على أنها محلية، في حين لا يستطيعون ذلك في الكويت لعدم تحرير المكالمات الدولية مع أنها الشركة الأم للمجموعة.ولفت إلى أنه «في الكويت وبحسب آخر الإحصاءات فإنه من بين كل 3 أشخاص هناك شخصان يملكان خطين، ما يساهم في رفع استخدام المكالمات وتطبيقات الاتصالات المجانية، خصوصاً في ظل الانتشار الكبير للهواتف الذكية في السوق المحلي. ومن هنا، وفي حال أرادت الكويت قطع الطريق أمام الشركات التي تتقاضى رسوماً لقاء تأمين الاتصالات والخدمات إلى المشتركين، فعلى المعنيين فيها العمل سريعاً على تأسيس الهيئة العامة لتنظيم الاتصالات، وإقرار بعض القوانين لخفض التكلفة، ما من شأنه زيادة فرص العمل في السوق، ورفع عدد الشركات، ومساهمة القطاع في الناتج المحلي السنوي، ورفع مساهمته في تغطية النفقات السنوية في الدولة».أحمد الإبراهيم- الوزارة تتقاضى 3 أضعاف الشركات في السوق السوداء... والعميل يلجأ إلى الأرخص- السماح للشركات بتأمين الاتصالات الدولية لقاء اشتراك سنوي يرفع إيرادات الوزارة ويخفض الأسعارعلاء حمية- ارتفاع تكلفة الاتصالات الدولية يؤثر سلباً على تنافسية الكويت عالمياً- «زين» أنشأت «شبكة موحّدة» بتعرفة محلية لشبكاتها الدولية ولم تتمكّن من إدخال الكويت فيها لعدم منحها ترخيصاً!