أسسه بنغال تحت «الضغط العالي»... وزبائنهم يضحون بالنظافة من أجل عيون «الستر»

مسلخ موبوء لزبائن «الضرورة» بعيداً عن أعين الرقيب

تصغير
تكبير
• زبون: مجبر لا بطل... عندي مناسبة والمسلخ العام أغلق ولذا سعادتي بهم كبيرة

• أبوسعود: النظافة معدومة لديهم إلا أنني كنت سعيداً بهم فلولاهم لكنت في حيرة من أمري

• أبوحمد: الحاجة مُرة وبالنسبة لي أمر جيد أن أجدهم
بعيداً عن عين الرقيب، وفي مكان لا يقصده إلا من يحتاجهم، خلف أحد محولات الكهرباء بالجهراء، ينهمك مجموعة من البنغال في ذبح الأغنام وسلخها وتقطيعها «حسب الطلب»، محولين «التيول» أعمدة الضغط العالي للكهرباء إلى «مسلخ» في الهواء الطلق، يقدمون في خدماتهم المتنوعة، فهم جزارون وبيطريون في آن، يذبحون ويتأكدون من سلامة ما يذبحون، عارضين خدماتهم لمن أقفلت في وجهه أبواب المسالخ العامة بعد الساعة الرابعة.

«الراي» رصدت هؤلاء، فوجدتهم أبعد ما يكون عن أبسط أبجديات النظافة وآداب الذبح، اتخذوا من قواعد الأعمدة الخرسانية منصات للذبح، ومن الأعمدة ذاتها رافعات لتعليق الذبائح لإخضاعها للسلخ والتقطيع بسكاكين ملوثة ببقايا الذبائح السابقة.


وفوق أكوام من الجلود والكروش المتعفنة بفعل عوامل التحلل التي مرت بها وما تخلفه من روائح لم يستطع فضاء المكان أن يستوعبها، يقف هؤلاء مدججين بسكاكين وسواطير تحولت إلى مرتع للجراثيم المتراكمة عليها منتظرين زبائنهم المجبرين على التعامل معهم لالتزاماتهم المسبقة بمناسبات اجتماعية لا يمكن النكوص عنها.

ولم يكن المشهد عادياً، فالمسلخ «الكهربائي» أسسه مجموعة من البنغال لزبائن «الوقت الضائع» قرب المسلخ العام، حيث يمارسون فنون الذبح في الهواء الطلق، واقفين فوق أكوام من القاذورات ومخلفات الذبائح من جلود وأحشاء ورؤوس مقطعة وأرجل متناثرة في المحيط، تتسابق عليها الكلاب الضالة التي وجدت من المسلخ الجديد مرتعاً خصباً، تقف فيه جنباً إلى جنب مع الجزارين بانتظار ما يمكنها أكله طازجاً قبل أن يتعفن.

ولعل الطامة الكبرى قيام هؤلاء بتقمص دور الطبيب البيطري الذي يقوم بفحص الذبيحة والتأكد من سلامتها ومدى صلاحيتها للاستهلاك، وذلك وفق ما أكده أحد زبائن المسلخ، حيث قال: «مجبر أخاك لا بطل، عندي مناسبة وأتيت إلى المسلخ حيث فوجئت بأن الدوام به ينتهي عند الساعة الرابعة، فتخاطفني عدد من البنغال من كل حدب وصوب عارضين عليَّ خدماتهم»، مضيفا: «لا أخفيكم سراً كنت سعيداً بهم أكثر من سعادتهم بي كزبون فلا مجال أمامي إلا أن أذبح ما معي من خراف لإقامة العشاء لذلك ذهبت معهم وتم ذبح الخراف وأكدوا بعد فحص الكبد والأحشاء الأخرى أنها سليمة». وبما ان التسعيرة الرسمية للذبيحة الواحدة في المسلخ محددة بدينار واحد، فهم يتركون للزبون فرصة تحديد السعر بعد أن يبادروه بـ «جم يعطي بابا؟» في حين يقوم آخرون بطلب أربعة دنانير للذبيحة ليكون هناك مجال للتفاوض للنزول إلى مستوى 3 دنانير رسوم الذبح والتقطيع. أبو سعود، أحد زبائن المسلخ، قال لـ «الراي»: «للأمانة جزاهم الله ألف خير، فتخيل أنهم غير موجودين في هذا المكان، ما الذي من الممكن أن أفعله وأنا ملتزم مع مجموعة من الاهل والاصدقاء بمناسبة رسمية ودعوة عشاء؟».

ويضيف: «نعم ينقصهم الكثير أو بالأحرى كل شيء عدا مهارتهم في الذبح وسلخ وتقطيع الذبائح فهم محترفون للعمل بشكل واضح وكبير، ولكن النظافة معدومة لديهم ورأيت ذلك جليا وهم يذبحون لي إلا أنني كنت سعيدا بهم فلولاهم لكنت في حيرة من أمري».

أما أبوحمد فيقول ضاحكا: «الحاجة مرة وهذا الموجود، ما عسانا أن نفعل وأبواب المسلخ مغلقة والذبيحة تم شراؤها ودفع ثمنها فلا خيار إلا ان تعود لبيعها في السوق مرة أخرى وهذا ما لا يمكن او ان آخذها معي للبيت على أن أعود غدا لذبحها في المسلخ وهو أمر صعب كذلك حيث لا يوجد مكان للاحتفاظ بها». ويضيف أبوحمد «البنغال عجيبون في كل مكان تجدهم وتجد ما يقدمونه لك بشكل مريح وهو بالنسبة لي أمر جيد ولكنه يفتقد الاهتمام بالنظافة».

ويقول أبوطلال الذي لم يختلف كثيرا عمن سبقوه «لو لم أكن هنا لانتقدتهم في ما يقومون به ولطالبت بوقفهم وضبطهم، أما وأنا أتحدث معك هنا بصفتي زبون فلا أجد عذرا لاتهامهم وأنا مشارك لهم».

وزاد: «نعم العملية مخالفة وكل ما يتم خاطئ ولكن ما الحل في نظرك ونحن مرتبطون بضيوف دعوناهم لتناول العشاء؟ فلا شك أني سأقوم بكل شيء حتى أكون أبيض الوجه أمام ضيوفي».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي